وَلَوْ أَسْلَمَ فِي مِائَةِ صَاعٍ حِنْطَةً عَلَى أَنَّ وَزْنَهَا كَذَا لَمْ يَصِحَّ، وَيُشْتَرَطُ الْوَزْنُ فِي الْبِطِّيخِ وَالْبَاذِنْجَانِ وَالْقِثَّاءِ وَالسَّفَرْجَلِ وَالرُّمَّانِ.
وَيَصِحُّ فِي الْجَوْزِ وَاللَّوْزِ بِالْوَزْنِ فِي نَوْعٍ يَقِلُّ اخْتِلَافُهُ،
ــ
[مغني المحتاج]
مُخَالِفٌ لِمَا تَقَدَّمَ عَنْ الْإِمَامِ، فَكَأَنَّهُ اخْتَارَ هُنَا مَا تَقَدَّمَ مِنْ إطْلَاقِ الْأَصْحَابِ.
وَأَجَابَ عَنْهُ الْبُلْقِينِيُّ بِأَنَّهُ لَيْسَ مُخَالِفًا لَهُ؛ لِأَنَّ فُتَاتَ الْمِسْكِ وَالْعَنْبَرِ وَنَحْوِهِمَا مِمَّا لَا يُعَدُّ الْكَيْلُ فِيهِ ضَابِطًا لِكَثْرَةِ التَّفَاوُتِ بِالثِّقَلِ عَلَى الْمَحَلِّ وَتَرَاكُمِهِ وَفِي اللُّؤْلُؤِ لَا يَحْصُلُ بِذَلِكَ تَفَاوُتٌ كَالْفُولِ وَالْقَمْحِ فَيَصِحُّ فِيهِ بِالْكَيْلِ فَلَا مُخَالَفَةَ، فَالْمُعْتَمَدُ تَقْيِيدُ الْإِمَامِ، وَبِهِ جَزَمَ الْمُصَنِّفُ فِي تَصْحِيحِ التَّنْبِيهِ، وَاسْتَثْنَى الْجُرْجَانِيِّ وَغَيْرُهُ النَّقْدَيْنِ أَيْضًا، فَلَا يُسْلَمُ فِيهِمَا إلَّا بِالْوَزْنِ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْحُكْمُ كَذَلِكَ فِي كُلِّ مَا فِيهِ خَطَرٌ فِي التَّفَاوُتِ بَيْنَ الْكَيْلِ وَالْوَزْنِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ يُونُسَ. فَإِنْ قِيلَ لِمَ لَا يَتَعَيَّنُ هُنَا فِي الْمَكِيلِ الْكَيْلُ وَفِي الْمَوْزُونِ الْوَزْنُ كَمَا فِي بَابِ الرِّبَا؟ .
أُجِيبَ بِأَنَّ الْمَقْصُودَ هُنَا مَعْرِفَةُ الْقَدْرِ، وَثَمَّ الْمُمَاثَلَةُ بِعَادَةِ عَهْدِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
(وَلَوْ أَسْلَمَ فِي مِائَةِ صَاعٍ حِنْطَةً) مَثَلًا (عَلَى أَنَّ وَزْنَهَا كَذَا) أَوْ فِي ثَوْبٍ مَثَلًا صِفَتُهُ كَذَا، وَوَزْنُهُ كَذَا، وَذَرْعُهُ كَذَا (لَمْ يَصِحَّ) ؛ لِأَنَّهُ يَعِزُّ وُجُودُهُ بِخِلَافِ الْخَشَبِ؛ لِأَنَّ زَائِدَهُ يُنْحَتُ قَالَهُ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَأَقَرَّاهُ. فَإِنْ قِيلَ يُعْتَبَرُ فِيهِ ذِكْرُ الْعَرْضِ وَالطُّولِ وَالثَّخَانَةِ، وَبِالنَّحْتِ تَزُولُ إحْدَى هَذِهِ الصِّفَاتِ.
أُجِيبَ بِأَنَّ وَزْنَهُ عَلَى التَّقْرِيبِ كَمَا سَيَأْتِي فِي اللَّبَنِ.
تَنْبِيهٌ: لَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ: مِائَةُ صَاعٍ كَيْلًا كَانَ أَوْلَى؛ لِأَنَّ الصَّاعَ اسْمٌ لِلْوَزْنِ (وَيُشْتَرَطُ الْوَزْنُ فِي الْبِطِّيخِ) بِكَسْرِ الْبَاءِ (وَالْبَاذِنْجَانِ) بِفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ وَكَسْرِهَا (وَالْقِثَّاءِ) بِالْمُثَلَّثَةِ وَالْمَدِّ (وَالسَّفَرْجَلِ) بِفَتْحِ الْجِيمِ (وَالرُّمَّانِ) وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِمَّا لَا يَضْبِطُهُ الْكَيْلُ لِتَجَافِيهِ فِي الْمِكْيَالِ كَالرَّانِجِ وَقَصَبِ السُّكَّرِ وَالْبُقُولِ، وَلَا يَكْفِي فِيهَا الْعَدُّ لِكَثْرَةِ التَّفَاوُتِ فِيهَا، وَالْجَمْعُ فِيهَا بَيْنَ الْوَزْنِ وَالْعَدِّ مُفْسِدٌ؛ لِأَنَّهُ يُحْتَاجُ مَعَهُ إلَى ذِكْرِ الْجُرْمِ فَيُورِثُ عِزَّةَ الْوُجُودِ، وَقَوْلُ السُّبْكِيّ: وَلَوْ أَسْلَمَ فِي عَدَدٍ مِنْ الْبِطِّيخِ مَثَلًا كَمِائَةٍ بِالْوَزْنِ فِي الْجَمِيعِ دُونَ كُلِّ وَاحِدٍ جَازَ اتِّفَاقًا مَمْنُوعٌ كَمَا قَالَ شَيْخِي لِأَنَّهُ يُشْتَرَطُ ذِكْرُ حَجْمِ كُلِّ وَاحِدٍ، فَيُؤَدِّي إلَى عِزَّةِ الْوُجُودِ. قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَلَا يَجُوزُ السَّلَمُ فِي الْبِطِّيخَةِ الْوَاحِدَةِ وَالسَّفَرْجَلَةِ الْوَاحِدَةِ؛ لِأَنَّهُ يُحْتَاجُ إلَى ذِكْرِ حَجْمِهَا وَوَزْنِهَا، وَذَلِكَ يُورِثُ عِزَّةَ الْوُجُودِ.
(وَيَصِحُّ) السَّلَمُ (فِي الْجَوْزِ وَاللَّوْزِ بِالْوَزْنِ) لَا بِالْعَدِّ (فِي نَوْعٍ يَقِلُّ اخْتِلَافُهُ) بِغِلَظِ قُشُورِهَا وَرِقَّتِهَا بِخِلَافِ مَا لَا يَقِلُّ اخْتِلَافُهُ بِذَلِكَ، فَلَا يَصِحُّ السَّلَمُ فِيهِ لِاخْتِلَافِ الْأَغْرَاضِ فِي ذَلِكَ، وَهَذَا التَّقْيِيدُ اسْتَدْرَكَهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute