وَالْحِنْطَةُ وَسَائِرُ الْحُبُوبِ كَالتَّمْرِ.
وَفِي الْعَسَلِ جَبَلِيٌّ أَوْ بَلَدِيٌّ صَيْفِيٌّ، أَوْ خَرِيفِيٌّ أَبْيَضُ أَوْ أَصْفَرُ، وَلَا يُشْتَرَطُ الْعِتْقُ وَالْحَدَاثَةُ.
وَلَا يَصِحُّ فِي الْمَطْبُوخِ وَالْمَشْوِيِّ،
ــ
[مغني المحتاج]
وَالرُّطَبُ كَالتَّمْرِ فِيمَا ذُكِرَ، وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَا جَفَافَ فِيهِ (وَالْحِنْطَةُ وَسَائِرُ الْحُبُوبِ كَالتَّمْرِ) فِي الشُّرُوطِ الْمَذْكُورَةِ فَيُبَيِّنُ نَوْعَهَا كَالشَّامِيِّ وَالْمِصْرِيِّ وَالصَّعِيدِيِّ وَالْبُحَيْرِيِّ وَلَوْنَهُ فَيَقُولُ: أَبْيَضُ أَوْ أَحْمَرُ أَوْ أَسْمَرُ. قَالَ السُّبْكِيُّ: وَعَادَةُ النَّاسِ الْيَوْمَ لَا يَذْكُرُونَ اللَّوْنَ وَلَا صِغَرَ الْحَبَّاتِ وَكِبَرَهَا، وَهِيَ عَادَةٌ فَاسِدَةٌ مُخَالِفَةٌ لِنَصِّ الشَّافِعِيِّ وَالْأَصْحَابِ، فَيَنْبَغِي أَنْ يُنَبَّهَ عَلَيْهَا.
فُرُوعٌ: يَصِحُّ السَّلَمُ فِي الْأَدِقَّةِ فَيُذْكَرُ فِيهَا مَا مَرَّ فِي الْحَبِّ إلَّا مِقْدَارَهُ، وَيُذْكَرُ فِيهَا أَيْضًا أَنَّهُ يُطْحَنُ بِرَحَى الدَّوَابِّ أَوْ الْمَاءِ أَوْ غَيْرِهِ، وَخُشُونَةُ الطَّحْنِ أَوْ نُعُومَتُهُ، وَيَصِحُّ فِي النُّخَالَةِ، كَمَا قَالَهُ ابْنُ الصَّبَّاغِ: إنْ انْضَبَطَتْ بِالْكَيْلِ وَلَمْ يَكْثُرْ تَفَاوُتُهَا فِيهِ بِالِانْكِبَاسِ وَضِدِّهِ، وَيَصِحُّ فِي التِّبْنِ. قَالَ الرُّويَانِيُّ: وَفِي جَوَازِهِ فِي السَّوِيقِ وَالنَّشَاءِ وَجْهَانِ: الْمَذْهَبُ الْجَوَازُ كَالدَّقِيقِ، وَيَجُوزُ السَّلَمُ فِي قَصَبِ السُّكَّرِ بِالْوَزْنِ: أَيْ فِي قِشْرِهِ الْأَسْفَلِ، وَيُشْتَرَطُ قَطْعُ أَعْلَاهُ الَّذِي لَا حَلَاوَةَ فِيهِ كَمَا قَالَهُ الشَّافِعِيُّ. وَقَالَ الْمُزَنِيّ: وَقَطْعُ مَجَامِعِ عُرُوقِهِ مِنْ أَسْفَلِهِ، وَلَا يَصِحُّ السَّلَمُ فِي الْعَقَارِ، لِأَنَّهُ إنْ عَيَّنَ مَكَانَهُ فَالْمُعَيَّنُ لَا يَثْبُتُ فِي الذِّمَّةِ وَإِلَّا فَمَجْهُولٌ.
(وَ) يُشْتَرَطُ (فِي الْعَسَلِ) أَيْ عَسَلِ النَّحْلِ، وَهُوَ الْمُرَادُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ بِأَنْ يَذْكُرَ زَمَانَهُ وَمَكَانَهُ وَلَوْنَهُ فَيَقُولَ (جَبَلِيٌّ أَوْ بَلَدِيٌّ) لِاخْتِلَافِ الْغَرَضِ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْجَبَلِيَّ أَطْيَبُ (صَيْفِيٌّ أَوْ خَرِيفِيٌّ أَبْيَضُ أَوْ أَصْفَرُ) لِتَفَاوُتِ الْغَرَضِ بِذَلِكَ، وَيُبَيِّنُ مَرْعَاهُ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ. قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: فَإِنَّ النَّحْلَ يَقَعُ عَلَى الْكَمُّونِ وَالصَّعْتَرِ فَيَكُونُ دَوَاءً، وَيَقَعُ عَلَى أَنْوَارِ الْفَاكِهَةِ وَغَيْرِهَا فَيَكُونُ دَاءً. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَكَأَنَّ هَذَا فِي مَوْضِعٍ يُتَصَوَّرُ فِيهِ رَعْيُ هَذَا بِمُفْرَدِهِ وَهَذَا بِمُفْرَدِهِ، وَفِيهِ بُعْدٌ (وَلَا يُشْتَرَطُ الْعِتْقُ وَالْحَدَاثَةُ) ، وَإِنْ شَرَطَهُ الْمَاوَرْدِيُّ؛ لِأَنَّ الْغَرَضَ لَا يَخْتَلِفُ فِيهِ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْعَسَلَ لَا يَتَغَيَّرُ، وَإِنْ قَالَ بَعْضُهُمْ فِي عَدَمِ تَغَيُّرِهِ نَظَرٌ بِدَلِيلِ أَنَّ كُلَّ شَيْءٍ يُحْفَظُ بِهِ.
(وَلَا يَصِحُّ) السَّلَمُ (فِي الْمَطْبُوخِ وَالْمَشْوِيِّ) أَيْ: النَّاضِجِ بِالنَّارِ؛ لِأَنَّ تَأْثِيرَ النَّارِ فِيهِمَا لَا يَنْضَبِطُ، وَيَصِحُّ فِي كُلِّ مَا دَخَلَتْهُ نَارٌ مَضْبُوطَةٌ كَالصَّابُونِ وَالسُّكَّرِ وَالْفَانِيدِ وَاللِّبَإِ وَالدِّبْسِ كَمَا صَحَّحَهُ الْمُصَنِّفُ فِي تَصْحِيحِ التَّنْبِيهِ فِي كُلِّ مَا دَخَلَتْهُ نَارٌ لَطِيفَةٌ وَمَثَّلَ بِبَعْضِ الْمَذْكُورَاتِ، وَإِنْ خَالَفَ فِي ذَلِكَ ابْنُ الْمُقْرِي فِي رَوْضِهِ تَبَعًا لِلْإِسْنَوِيِّ، وَيُؤَيِّدُ الْأَوَّلَ صِحَّةُ السَّلَمِ فِي الْآجُرِّ الْمَطْبُوخِ، وَعَلَيْهِ يُفَرَّقُ بَيْنَ بَابَيْ الرِّبَا وَالسَّلَمِ بِضِيقِ بَابِ الرِّبَا، فَإِنْ قِيلَ: قَوْلُ الْمُصَنِّفِ كَغَيْرِهِ: إنَّ نَارَ مَا ذُكِرَ لَطِيفَةٌ خِلَافُ الْمُشَاهَدِ، وَهُوَ كَلَامُ مَنْ لَا عَهْدَ لَهُ بِعَمَلِ السُّكَّرِ.
أُجِيبَ بِأَنَّ مُرَادَهُ بِاللَّطِيفَةِ الْمَضْبُوطَةُ كَمَا عَبَّرْتُ بِهِ، وَصَرَّحَ الْإِمَامُ بِبَيْعِ الْمَاءِ الْمَغْلِيِّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute