وَلَا يَضُرُّ تَأْثِيرُ الشَّمْسِ.
وَالْأَظْهَرُ مَنْعُهُ فِي رُءُوسِ الْحَيَوَانِ، وَلَا يَصِحُّ فِي مُخْتَلِفٍ كَبُرْمَةٍ مَعْمُولَةٍ وَجِلْدٍ وَكُوزٍ وَطَسٍّ وَقُمْقُمٍ وَمَنَارَةٍ وَطِنْجِيرٍ وَنَحْوِهَا.
وَيَصِحُّ فِي الْأَسْطَالِ الْمُرَبَّعَةِ
ــ
[مغني المحتاج]
بِمِثْلِهِ، فَيَصِحُّ السَّلَمُ فِيهِ وَفِي مَاءِ الْوَرْدِ؛ لِأَنَّ نَارَهُ لَطِيفَةٌ كَمَا جَزَمَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ، وَفِي الْعَسَلِ الْمُصَفَّى بِالنَّارِ؛ لِأَنَّ تَصْفِيَتَهُ بِهَا لَا تُؤَثِّرُ؛ لِأَنَّ نَارَهُ لَطِيفَةٌ لِلتَّمْيِيزِ، وَإِنْ أَفْهَمَ قَوْلُهُ (وَلَا يَضُرُّ تَأْثِيرُ الشَّمْسِ) فِي الْعَسَلِ وَغَيْرُهُ خِلَافُهُ لِعَدَمِ اخْتِلَافِهِ فَيَجُوزُ السَّلَمُ فِي الْمُصَفَّى بِهِمَا، وَيَصِحُّ فِي الشَّمْعِ وَالْقَنْدِ وَالْخَزَفِ وَالْفَحْمِ لِمَا مَرَّ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَالظَّاهِرُ جَوَازُهُ فِي الْمَسْمُوطِ؛ لِأَنَّ النَّارَ لَا تَعْمَلُ فِيهِ عَمَلًا لَهُ تَأْثِيرٌ.
(وَالْأَظْهَرُ مَنْعُهُ) أَيْ السَّلَمِ (فِي رُءُوسِ الْحَيَوَانِ) لِاشْتِمَالِهَا عَلَى أَبْعَاضٍ مُخْتَلِفَةٍ مِنْ الْمَنَاخِرِ وَالْمَشَافِرِ وَغَيْرِهَا وَيَتَعَذَّرُ ضَبْطُهَا. وَالثَّانِي: الْجَوَازُ بِشَرْطِ أَنْ تَكُونَ مُنَقَّاةً مِنْ الشَّعْرِ وَالصُّوفِ مَوْزُونَةً قِيَاسًا عَلَى اللَّحْمِ بِعَظْمِهِ، وَفَرْقُ الْأَوَّلِ بِأَنَّ عَظْمَهَا أَكْثَرُ مِنْ لَحْمِهَا عَكْسُ سَائِرِ الْأَعْضَاءِ. أَمَّا إذَا لَمْ تُنَقَّ مِنْ الشَّعْرِ وَنَحْوِهِ فَلَا يَصِحُّ السَّلَمُ فِيهَا جَزْمًا، وَلَا يَحْتَاجُ الْمُصَنِّفُ إلَى تَقْيِيدِهَا بِكَوْنِهَا نِيئَةً؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يَخْرُجُ بِقَوْلِهِ: وَلَا يَصِحُّ السَّلَمُ فِي الْمَطْبُوخِ إلَخْ وَلَا يَصِحُّ فِي الْأَكَارِعِ، وَإِنْ كَانَتْ نِيئَةً مُنَقَّاةً لِمَا فِيهَا مِنْ الْأَبْعَاضِ الْمُخْتَلِفَةِ، وَيُقَالُ فِيهَا: كَوَارِعُ وَأَكْرُعٌ جَمْعُ كُرَاعٍ. قَالَ الْمُصَنِّفُ: وَهُوَ مِنْ الدَّوَابِّ مَا دُونَ كُعُوبِهَا، وَالْجَوْهَرِيُّ: مُسْتَدَقُّ السَّاقِ، وَالشَّائِعُ إطْلَاقُهُ عَلَيْهِمَا (وَلَا يَصِحُّ) السَّلَمُ (فِي مُخْتَلِفٍ) أَجْزَاؤُهُ (كَبُرْمَةٍ مَعْمُولَةٍ) وَهِيَ الْقِدْرُ (وَجِلْدٍ) عَلَى هَيْئَتِهِ (وَ) مَعْمُولٍ نَحْوُ (كُوزٍ وَطَسٍّ) بِفَتْحِ الطَّاءِ، وَيُقَالُ لَهُ طَشْتٌ، وَلَمْ يَذْكُرْهُ فِي الْمُحَرَّرِ (وَقُمْقُمٍ وَمَنَارَةٍ) بِفَتْحِ الْمِيمِ (وَطِنْجِيرٍ) وَهُوَ بِكَسْرِ الطَّاءِ: الدَّسْتُ، وَيَجُوزُ فَتْحُهَا كَمَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ وَإِنْ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ فَتْحُهَا مِنْ لَحْنِ النَّاسِ (وَنَحْوِهَا) كَالْأَبَارِيقِ، وَالْحِبَابُ بِكَسْرِ الْمُهْمَلَةِ وَبِالْمُوَحَّدَةِ جَمْعُ حُبٍّ بِضَمِّهَا، وَهِيَ الْخَابِيَةُ وَالْأَسْطَالُ الضَّيِّقَةُ الرَّأْسِ لِنُدْرَةِ اجْتِمَاعِ الْوَزْنِ مَعَ الصِّفَاتِ الْمَشْرُوطَةِ وَلِتَعَذُّرِ ضَبْطِهَا إمَّا لِاخْتِلَافِ الْأَجْزَاءِ فِي الدِّقَّةِ وَالْغِلَظِ كَالْجِلْدِ، أَوْ لِمُخَالَفَةِ أَعْلَاهَا أَوْ وَسَطِهَا لِأَسْفَلِهَا كَالْأَمْثِلَةِ الْمَذْكُورَةِ. أَمَّا قِطَعُ الْجِلْدِ فَيَجُوزُ السَّلَمُ فِيهَا وَزْنًا لِانْضِبَاطِهَا؛ لِأَنَّ جُمْلَتَهَا مَقْصُودَةٌ، وَمَا فِيهَا مِنْ التَّفَاوُتِ يُجْعَلُ عَفْوًا، وَلَا يَصِحُّ فِي الزِّقِّ لِمَا ذُكِرَ.
تَنْبِيهٌ: تَقْيِيدُهُ الْبُرْمَةَ بِالْمَعْمُولَةِ لِلِاحْتِرَازِ عَنْ الْمَصْبُوبَةِ فِي الْقَالَبِ كَمَا سَيَأْتِي فَيَكُونُ ذَلِكَ قَيْدًا فِي كُلِّ مَا بَعْدَهُ إلَّا الْجِلْدَ كَمَا قَدَّرْتُهُ فِي كَلَامِهِ، فَكَانَ يَنْبَغِي تَقْدِيمُهُ وَعَطْفُ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ عَلَيْهِ أَوْ عَكْسُهُ لِمُغَايَرَتِهِ لَهَا. قَالَ الْأُشْمُونِيُّ: وَالْمَذْهَبُ جَوَازُ السَّلَمِ فِي الْأَوَانِي الْمُتَّخَذَةِ مِنْ الْفَخَّارِ، وَلَعَلَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى غَيْرِ مَا مَرَّ. .
(وَيَصِحُّ) السَّلَمُ (فِي الْأَسْطَالِ الْمُرَبَّعَةِ)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute