للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَإِذَا حُجِرَ بِحَالٍّ لَمْ يَحِلَّ الْمُؤَجَّلُ فِي الْأَظْهَرِ، وَلَوْ كَانَتْ الدُّيُونُ بِقَدْرِ الْمَالِ فَإِنْ كَانَ كَسُوبًا يُنْفِقُ مِنْ كَسْبِهِ فَلَا حَجْرَ،

ــ

[مغني المحتاج]

يَحْدُثُ لَهُ إنَّمَا يُحْجَرُ عَلَيْهِ فِيهِ تَبَعًا لِلْمَوْجُودِ، وَمَا جَازَ تَبَعًا لَا يَجُوزُ قَصْدًا، وَلَا يَحْجُرُ عَلَى الْمُفْلِسِ إلَّا الْحَاكِمُ؛ لِأَنَّهُ يَحْتَاجُ إلَى نَظَرٍ وَاجْتِهَادٍ.

وَأَمَّا أَصْلُ الْحَجْرِ فَلِأَنَّ فِيهِ مَصْلَحَةً لِلْغُرَمَاءِ، فَقَدْ يَخْتَصُّ بَعْضُهُمْ بِالْوَفَاءِ فَيَضُرُّ الْبَاقِينَ، وَقَدْ يَتَصَرَّفُ فِيهِ فَيُضَيِّعُ حَقَّ الْجَمِيعِ. قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: وَهَلْ يَكْفِي فِي لَفْظِ الْحَجْرِ مَنْعُ التَّصَرُّفِ، أَوْ يُعْتَبَرُ أَنْ يَقُولَ حَجَرْت بِالْفَلِسِ إذْ مَنْعُ التَّصَرُّفِ مِنْ أَحْكَامِ الْحَجْرِ فَلَا يَقَعُ بِهِ الْحَجْرُ؟ وَجْهَانِ أَوْجَهُهُمَا كَمَا قَالَ شَيْخِي الْأَوَّلُ.

قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: وَيَجِبُ عَلَى الْحَاكِمِ الْحَجْرُ إذَا وُجِدَتْ شُرُوطُهُ: أَيْ سَوَاءٌ أَكَانَ بِسُؤَالِ الْغُرَمَاءِ أَوْ الْمُفْلِسِ. قَالَ: وَقَوْلُ كَثِيرٍ مِنْ أَصْحَابِنَا فَلِلْقَاضِي الْحَجْرُ لَيْسَ مُرَادُهُمْ أَنَّهُ مُخَيَّرٌ فِيهِ: أَيْ بَلْ إنَّهُ جَازَ بَعْدَ امْتِنَاعِهِ قَبْلَ الْإِفْلَاسِ وَهُوَ صَادِقٌ بِالْوَاجِبِ. وَقَوْلُ السُّبْكِيّ: هَذَا ظَاهِرٌ إذَا تَعَذَّرَ الْبَيْعُ حَالًّا، وَإِلَّا فَيَنْبَغِي عَدَمُ وُجُوبِهِ؛ لِأَنَّهُ ضَرَرٌ بِلَا فَائِدَةٍ مَمْنُوعٌ كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا، بَلْ لَهُ فَوَائِدُ مِنْهَا الْمَنْعُ مِنْ التَّصَرُّفِ فِيمَا عَسَاهُ يَحْدُثُ بِاصْطِيَادٍ وَنَحْوِهِ، وَالْمُرَادُ بِمَالِهِ مَالُهُ الْعَيْنِيُّ الْمُتَمَكِّنِ مِنْ الْأَدَاءِ مِنْهُ. أَمَّا مَا لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ الْأَدَاءِ مِنْهُ كَمَغْصُوبٍ وَغَائِبٍ فَغَيْرُ مُعْتَبَرٍ.

وَأَمَّا الْمَنَافِعُ فَإِنْ كَانَ مُتَمَكِّنًا مِنْ تَحْصِيلِ أُجْرَتِهَا اُعْتُبِرَتْ كَمَا قَالَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ وَإِلَّا فَلَا. وَأَمَّا الدَّيْنُ فَإِنْ كَانَ حَالًّا عَلَى مَلِيءٍ مُقِرٍّ أَيْ أَوْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ اُعْتُبِرَ كَمَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَإِلَّا فَلَا. قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: وَلَوْ كَانَ الْمَالُ مَرْهُونًا لَمْ أَرَ فِيهِ نَقْلًا، وَالْفِقْهُ مَنَعَ الْحَجْرَ إذْ لَا فَائِدَةَ فِيهِ وَرُدَّ بِأَنَّ لَهُ فَوَائِدَ مِنْهَا الْمَنْعُ مِنْ صِحَّةِ التَّصَرُّفِ بِإِذْنِ الْمُرْتَهِنِ (وَإِذَا حُجِرَ بِحَالٍّ لَمْ يَحِلَّ الْمُؤَجَّلُ فِي الْأَظْهَرِ) وَفِي الرَّوْضَةِ الْمَشْهُورُ، لِأَنَّ الْأَجَلَ مَقْصُودٌ لَهُ فَلَا يُفَوِّتُ عَلَيْهِ. وَالثَّانِي: يَحِلُّ؛ لِأَنَّ الْحَجْرَ يُوجِبُ تَعَلُّقَ الدَّيْنِ بِالْمَالِ فَسَقَطَ الْأَجَلُ كَالْمَوْتِ، وَفُرِّقَ الْأَوَّلُ بِخَرَابِ الذِّمَّةِ بِالْمَوْتِ، وَلَوْ جُنَّ الْمَدْيُونُ لَمْ يَحِلَّ دَيْنُهُ كَمَا صَحَّحَهُ الْمُصَنِّفُ فِي تَنْقِيحِهِ، وَمَا وَقَعَ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ مِنْ تَصْحِيحِ الْحُلُولِ بِهِ نُسِبَ فِيهِ إلَى السَّهْوِ، وَلَا يَحِلُّ إلَّا بِالْمَوْتِ أَوْ الرِّدَّةِ الْمُتَّصِلَةِ بِهِ أَوْ اسْتِرْقَاقِ الْحَرْبِيِّ كَمَا جَزَمَ بِهِ الرَّافِعِيُّ فِي كِتَابِ الْكِتَابَةِ فِي الْحُكْمِ الثَّانِي مِنْهَا، وَنَقَلَهُ عَنْ النَّصِّ (وَلَوْ كَانَتْ الدُّيُونُ بِقَدْرِ الْمَالِ فَإِنْ كَانَ كَسُوبًا يُنْفِقُ مِنْ كَسْبِهِ فَلَا حَجْرَ) لِعَدَمِ الْحَاجَةِ إلَيْهِ بَلْ يُلْزِمُهُ الْحَاكِمُ بِقَضَاءِ الدُّيُونِ، فَإِنْ امْتَنَعَ بَاعَ عَلَيْهِ أَوْ أَكْرَهَهُ عَلَيْهِ.

قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: فَإِنْ الْتَمَسَ الْغُرَمَاءُ الْحَجْرَ عَلَيْهِ: أَيْ عِنْدَ الِامْتِنَاعِ حُجِرَ فِي أَظْهَرِ الْوَجْهَيْنِ وَإِنْ زَادَ مَالُهُ عَلَى دَيْنِهِ اهـ.

وَهَذَا يُسَمَّى

<<  <  ج: ص:  >  >>