وَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَسُوبًا وَكَانَتْ نَفَقَتُهُ مِنْ مَالِهِ فَكَذَا فِي الْأَصَحِّ.
وَلَا يُحْجَرُ بِغَيْرِ طَلَبٍ فَلَوْ طَلَبَ بَعْضُهُمْ وَدَيْنُهُ قَدْرٌ يُحْجَرُ بِهِ حُجِرَ، وَإِلَّا فَلَا، وَيُحْجَرُ بِطَلَبِ الْمُفْلِسِ فِي الْأَصَحِّ.
فَإِذَا حُجِرَ تَعَلَّقَ حَقُّ الْغُرَمَاءِ بِمَالِهِ.
ــ
[مغني المحتاج]
الْحَجْرُ الْغَرِيبُ فَلَيْسَ مِمَّا نَحْنُ فِيهِ (وَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَسُوبًا وَكَانَتْ نَفَقَتُهُ مِنْ مَالِهِ فَكَذَا) لَا حَجْرَ عَلَيْهِ (فِي الْأَصَحِّ) لِتَمَكُّنِهِمْ مِنْ الْمُطَالَبَةِ فِي الْحَالِّ.
وَالثَّانِي: يُحْجَرُ عَلَيْهِ كَيْ لَا يُضَيِّعَ مَالَهُ فِي النَّفَقَةِ وَدُفِعَ بِمَا ذُكِرَ، وَهَذَا مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ زَائِدَةٌ عَلَى مَالِهِ.
(وَلَا يُحْجَرُ بِغَيْرِ طَلَبٍ) مِنْ الْغُرَمَاءِ وَلَوْ بِنُوَّابِهِمْ، لِأَنَّهُ لِمَصْلَحَتِهِمْ وَهُمْ نَاظِرُونَ لِأَنْفُسِهِمْ، فَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ لِمَحْجُورٍ عَلَيْهِ وَلَمْ يَسْأَلْ وَلِيُّهُ فَلِلْحَاكِمِ الْحَجْرُ مِنْ غَيْرِ سُؤَالٍ، لِأَنَّهُ نَاظِرٌ فِي مَصْلَحَتِهِ، وَهَذَا مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ بِسُؤَالِ الْغُرَمَاءِ.
تَنْبِيهٌ اقْتَضَى كَلَامُهُ أَنَّهُ لَا يَحْجُرُ لِدَيْنِ الْغَائِبِ وَهُوَ كَذَلِكَ إذْ لَيْسَ لِلْحَاكِمِ اسْتِيفَاءُ مَالِ الْغِيَابِ مِنْ الذِّمَمِ وَإِنَّمَا لَهُ حِفْظُ أَعْيَانِ أَمْوَالِهِمْ، وَمَحَلُّهُ كَمَا قَالَ الْفَارِقِيُّ إذَا كَانَ الْمَدْيُونُ ثِقَةً مَلِيئًا وَإِلَّا لَزِمَ الْحَاكِمَ قَبْضُهُ قَطْعًا. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَكَلَامُ الشَّافِعِيِّ فِي الْأُمِّ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الدَّيْنَ إذَا كَانَ بِهِ رَهْنٌ يَقْبِضُهُ الْحَاكِمُ (فَلَوْ طَلَبَ بَعْضُهُمْ) الْحَجْرَ (وَدَيْنُهُ قَدْرٌ يُحْجَرُ بِهِ) بِأَنْ زَادَ عَلَى مَالِهِ (حَجَرَ) لِوُجُودِ شَرْطِ الْحَجْرِ، ثُمَّ لَا يَخْتَصُّ أَثَرُ الْحَجْرِ بِالْمُلْتَمِسِ بَلْ يَعُمُّهُمْ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَزِدْ الدَّيْنُ عَلَى مَالِهِ (فَلَا) حَجْرَ، لِأَنَّ دَيْنَهُ يُمْكِنُ وَفَاؤُهُ بِكَمَالِهِ فَلَا ضَرُورَةَ إلَى طَلَبِ الْحَجْرِ، وَقِيلَ: الْمُعْتَبَرُ أَنْ يَزِيدَ دَيْنُ الْجَمِيعِ عَلَى مَالِهِ لَا الْمُلْتَمِسِ فَقَطْ، وَجَرَى عَلَيْهِ ابْنُ الْمُقْرِي لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ فِي زِيَادَةِ الرَّوْضَةِ: وَهُوَ قَوِيٌّ (وَيُحْجَرُ بِطَلَبِ الْمُفْلِسِ) وَلَوْ بِوَكِيلِهِ (فِي الْأَصَحِّ) ، لِأَنَّ لَهُ فِيهِ غَرَضًا ظَاهِرًا وَهُوَ صَرْفُ مَالِهِ إلَى دُيُونِهِ. وَرُوِيَ أَنَّ الْحَجْرَ عَلَى مُعَاذٍ كَانَ بِالْتِمَاسٍ مِنْهُ قَالَهُ الرَّافِعِيُّ. قَالَ السُّبْكِيُّ: وَصُورَتُهُ أَنَّهُ يَثْبُتُ الدَّيْنُ بِدَعْوَى الْغُرَمَاءِ وَالْبَيِّنَةِ أَوْ الْإِقْرَارِ أَوْ عِلْمِ الْقَاضِي، وَطَلَبِ الْمَدْيُونِ الْحَجْرَ دُونَ الْغُرَمَاءِ، وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ لَهُ طَلَبُهُ، وَالثَّانِي: لَا يُحْجَرُ، لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُمْ فِي ذَلِكَ وَالْحَجْرُ يُنَافِي الْحُرِّيَّةَ وَالرُّشْدَ، وَإِنَّمَا حَجَرَ بِطَلَبِ الْغُرَمَاءِ لِلضَّرُورَةِ فَإِنَّهُمْ لَا يَتَمَكَّنُونَ مِنْ تَحْصِيلِ مَقْصُودِهِمْ إلَّا بِالْحَجْرِ خَشْيَةَ الضَّيَاعِ، بِخِلَافِهِ فَإِنَّ غَرَضَهُ الْوَفَاءُ وَهُوَ مُتَمَكِّنٌ مِنْهُ بِبَيْعِ أَمْوَالِهِ وَقَسْمِهَا عَلَى غُرَمَائِهِ، وَتَقَدَّمَ أَنَّ الْحَجْرَ وَاجِبٌ بِسُؤَالِهِ كَسُؤَالِ الْغُرَمَاءِ، فَالْخِلَافُ فِي الْوُجُوبِ لَا فِي الْجَوَازِ خِلَافًا لِبَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ.
(فَإِذَا حُجِرَ) عَلَيْهِ بِطَلَبٍ أَوْ بِدُونِهِ (تَعَلَّقَ حَقُّ الْغُرَمَاءِ بِمَالِهِ) كَالرَّهْنِ عَيْنًا كَانَ أَوْ دَيْنًا أَوْ مَنْفَعَةً حَتَّى لَا يَنْفُذَ تَصَرُّفُهُ فِيهِ بِمَا يَضُرُّهُمْ وَلَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute