للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَعِمَامَةٌ وَمِكْعَبٌ وَيُزَادُ فِي الشِّتَاءِ جُبَّةً، وَيُتْرَكُ لَهُ قُوتُ يَوْمِ الْقِسْمَةِ لِمَنْ عَلَيْهِ نَفَقَتُهُ.

وَلَيْسَ عَلَيْهِ بَعْدَ الْقِسْمَةِ أَنْ يَكْتَسِبَ أَوْ يُؤَجِّرَ نَفْسَهُ لِبَقِيَّةِ الدَّيْنِ.

ــ

[مغني المحتاج]

(وَعِمَامَةٌ وَمِكْعَبٌ) أَيْ مَدَاسٌ (وَيُزَادُ فِي الشِّتَاءِ جُبَّةً) مَحْشُوَّةً، أَوْ مَا فِي مَعْنَاهَا كَفَرْوَةٍ؛ لِأَنَّهُ يَحْتَاجُ إلَى ذَلِكَ، وَلَا يُؤْجَرُ غَالِبًا، وَيُتْرَكُ لَهُ أَيْضًا طَيْلَسَانٌ وَخُفٌّ وَدُرَّاعَةٌ بِضَمِّ الْمُهْمَلَةِ يَلْبَسُهَا فَوْقَ الْقَمِيصِ أَوْ نَحْوُهَا مِمَّا يَلِيقُ إنْ لَاقَ بِهِ ذَلِكَ لِئَلَّا يَحْصُلَ الِازْدِرَاءُ بِمَنْصِبِهِ، وَتُزَادُ الْمَرْأَةُ مِقْنَعَةً وَغَيْرَهَا مِمَّا يَلِيقُ بِهَا، وَسَكَتُوا عَمَّا يُلْبَسُ عَلَى الرَّأْسِ تَحْتَ الْعِمَامَةِ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَاَلَّذِي يَظْهَرُ إيجَابُهُ وَذَكَرَ نَحْوَهُ الْأَذْرَعِيُّ، وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَيُقَالُ لِمَا تَحْتَهَا الْقَلَنْسُوَةُ، وَمِثْلُهَا تِكَّةُ اللِّبَاسِ.

تَنْبِيهٌ قَالَ الْعَبَّادِيُّ: يُتْرَكُ لِلْعَالِمِ كُتُبُهُ، وَتَبِعَهُ ابْنُ الْأُسْتَاذِ، وَقَالَ تَفَقُّهًا يُتْرَكُ لِلْجُنْدِيِّ الْمُرْتَزِقِ خَيْلُهُ وَسِلَاحُهُ الْمُحْتَاجُ إلَيْهِمَا، بِخِلَافِ الْمُتَطَوِّعِ بِالْجِهَادِ فَإِنَّ وَفَاءَ الدَّيْنِ أَوْلَى لَهُ إلَّا أَنْ يَتَعَيَّنَ عَلَيْهِ الْجِهَادُ وَلَا يَجِدُ غَيْرَهَا. أَمَّا الْمُصْحَفُ فَيُبَاعُ. قَالَ السُّبْكِيُّ: لِأَنَّهُ مَحْفُوظٌ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى مُرَاجَعَتِهِ، وَيَسْهُلُ السُّؤَالُ عَنْ الْغَلَطِ مِنْ الْحَفَظَةِ بِخِلَافِ كُتُبِ الْعِلْمِ. قَالَ صَاحِبُ التَّهْذِيبِ فِي الْفَتَاوَى: وَيَبِيعُ الْقَاضِي آلَاتِ حِرْفَتِهِ إنْ كَانَ مَجْنُونًا، وَمَفْهُومُهُ أَنَّهَا لَا تُبَاعُ إنْ كَانَ عَاقِلًا، وَالْأَصَحُّ كَمَا فِي الْأَنْوَارِ خِلَافُهُ. وَقَالَ ابْنُ سُرَيْجٍ: يُتْرَكُ لَهُ رَأْسُ مَالٍ يَتَّجِرُ فِيهِ إنْ لَمْ يُحْسِنْ الْكَسْبَ إلَّا بِهِ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَأَظُنُّ أَنَّ مُرَادَهُ الْيَسِيرُ كَمَا قَالَهُ الدَّارِمِيُّ. أَمَّا الْكَثِيرُ فَلَا إلَّا بِرِضَاهُمْ (وَيُتْرَكُ لَهُ قُوتُ يَوْمِ الْقِسْمَةِ) وَسُكْنَاهُ كَمَا فِي الْوَجِيزِ (لِمَنْ عَلَيْهِ نَفَقَتُهُ) ؛ لِأَنَّهُ مُوسِرٌ فِي أَوَّلِهِ بِخِلَافِ مَا بَعْدَهُ. قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ: وَالْمُرَادُ الْيَوْمُ بِلَيْلَتِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْبَغَوِيّ فِي التَّهْذِيبِ، وَنَقَلَهُ الْمُصَنِّفُ فِي تَعْلِيقِهِ عَلَى الْمُهَذَّبِ وَارْتَضَاهُ اهـ.

فَإِنْ قَسَمَ لَيْلًا فَيُلْحِقُ بِهِ الْيَوْمَ الَّذِي بَعْدَهُ قِيَاسًا عَلَى اللَّيْلَةِ، وَيُتْرَكُ مَا يُجَهَّزُ بِهِ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ ذَلِكَ الْيَوْمَ أَوْ قَبْلَهُ مُقَدَّمًا بِهِ عَلَى الْغُرَمَاءِ، هَذَا كُلُّهُ إذَا كَانَ بَعْضُ مَالِهِ خَالِيًا عَنْ تَعَلُّقِ حَقٍّ لِمُعَيَّنٍ، فَإِنْ تَعَلَّقَ بِجَمِيعِ مَالِهِ حَقٌّ لِمُعَيَّنٍ كَالْمَرْهُونِ فَلَا يُنْفِقُ عَلَيْهِ وَلَا عَلَى عِيَالِهِ مِنْهُ.

(وَلَيْسَ عَلَيْهِ بَعْدَ الْقِسْمَةِ أَنْ يَكْتَسِبَ أَوْ يُؤَجِّرَ نَفْسَهُ لِبَقِيَّةِ الدَّيْنِ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ} [البقرة: ٢٨٠] أَمَرَ بِانْتِظَارِهِ وَلَمْ يَأْمُرْ بِاكْتِسَابِهِ، «وَلِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي خَبَرِ مُعَاذٍ لَيْسَ لَكُمْ إلَّا ذَلِكَ» وَلَا يَلْزَمُهُ تَرْكُ الْقِصَاصِ الْوَاجِبِ لَهُ بِجِنَايَةٍ عَلَيْهِ أَوْ عَلَى غَيْرِهِ كَرَقِيقِهِ بِالْأَرْشِ؛ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الْكَسْبِ. نَعَمْ إنْ وَجَبَ الدَّيْنُ بِسَبَبٍ عَصَى بِهِ كَإِتْلَافِ مَالِ الْغَيْرِ عَمْدًا وَجَبَ عَلَيْهِ الِاكْتِسَابُ كَمَا نَقَلَهُ الْإِسْنَوِيُّ عَنْ ابْنِ الصَّلَاحِ، ثُمَّ قَالَ وَهُوَ وَاضِحٌ؛ لِأَنَّ التَّوْبَةَ مِنْ ذَلِكَ وَاجِبَةٌ، وَهِيَ مُتَوَقِّفَةٌ فِي حُقُوقِ الْآدَمِيِّينَ عَلَى الرَّدِّ، بَلْ نَقَلَ الْغَزَالِيُّ فِي بَابِ

<<  <  ج: ص:  >  >>