للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْأَصَحُّ وُجُوبُ إجَارَةِ أُمِّ وَلَدِهِ وَالْأَرْضِ الْمَوْقُوفَةِ عَلَيْهِ.

ــ

[مغني المحتاج]

التَّوْبَةِ مِنْ الْإِحْيَاءِ: أَنَّ مَنْ اسْتَطَاعَ الْحَجَّ وَلَمْ يَحُجَّ حَتَّى أَفْلَسَ فَعَلَيْهِ الْخُرُوجُ، فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ مَعَ الْإِفْلَاسِ فَعَلَيْهِ أَنْ يَكْتَسِبَ مِنْ الْحَلَالِ قَدْرَ الزَّادِ، فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ فَعَلَيْهِ أَنْ يَسْأَلَ النَّاسَ لِيُصْرَفَ إلَيْهِ مَنْ الزَّكَاةِ أَوْ الصَّدَقَةِ مَا يَحُجُّ بِهِ، فَإِنْ مَاتَ قَبْلَ الْحَجِّ مَاتَ عَاصِيًا فَهَذَا أَبْلَغُ مِمَّا نُقِلَ عَنْ ابْنِ الصَّلَاحِ، فَإِنَّ الْحَجَّ مِنْ حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى، وَالتَّحْقِيقُ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا إنَّ وُجُوبَ ذَلِكَ لَيْسَ لِإِيفَاءِ الدَّيْنِ بَلْ لِلْخُرُوجِ مِنْ الْمَعْصِيَةِ وَلَيْسَ الْكَلَامُ فِيهِ.

فَإِنْ قِيلَ: يَجِبُ الِاكْتِسَابُ فِي نَفَقَةِ الْقَرِيبِ مَعَ أَنَّ الدَّيْنَ أَقْوَى مِنْهَا فَإِنَّهَا تَسْقُطُ بِمُضِيِّ الزَّمَانِ بِخِلَافِهِ فَهَلَّا كَانَ ذَلِكَ مِثْلَهَا؟ .

أُجِيبَ بِأَنَّ قَدْرَ النَّفَقَةِ يَسِيرٌ وَالدَّيْنُ لَا يَنْضَبِطُ قَدْرُهُ، وَأَيْضًا نَفَقَةُ الْقَرِيبِ فِيهَا إحْيَاءُ بَعْضِهِ فَلَزِمَهُ الِاكْتِسَابُ لَهُ كَمَا يَلْزَمُهُ الِاكْتِسَابُ لِإِحْيَاءِ نَفْسِهِ بِخِلَافِ الدَّيْنِ. قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: هَذَا كُلُّهُ فِي الْحُرِّ.

أَمَّا الرَّقِيقُ الْمَأْذُونُ لَهُ فِي التِّجَارَةِ إذَا قَسَمَ مَا بِيَدِهِ لِلْغُرَمَاءِ وَبَقِيَ عَلَيْهِ دَيْنٌ وَقُلْنَا يَتَعَلَّقُ دَيْنُ التِّجَارَةِ بِكَسْبِهِ وَهُوَ الْأَصَحُّ لَزِمَهُ أَنْ يَكْتَسِبَ لِلْفَاضِلِ اهـ. وَفِيهِ نَظَرٌ.

وَلَا يُمْكِنُ الْمُفْلِسُ مِنْ تَفْوِيتِ حَاصِلٍ لِمُنَافَاتِهِ غَرَضَ الْحَجْرِ، فَلَيْسَ لَهُ وَلَا لِوَارِثِهِ الْعَفْوُ عَنْ الْمَالِ الْوَاجِبِ بِجِنَايَةٍ لِمَا فِيهِ مِنْ تَفْوِيتِ الْحَاصِلِ (وَالْأَصَحُّ وُجُوبُ إجَارَةِ أُمِّ وَلَدِهِ وَالْأَرْضِ الْمَوْقُوفَةِ عَلَيْهِ) مَثَلًا لِبَقِيَّةِ الدَّيْنِ؛ لِأَنَّ مَنَافِعَهَا كَالْأَعْيَانِ، وَلِهَذَا يَضْمَنَانِ بِفَوْتِهِمَا فِي يَدِ الْغَاصِبِ بِخِلَافِ مَنَافِعِ الْحُرِّ فَيَصْرِفُ بَدَلَهُمَا إلَى الدَّيْنِ وَيُؤَجِّرَانِ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى إلَى الْبَرَاءَةِ، فَإِنَّ الْمَنَافِعَ لَا نِهَايَةَ لَهَا. قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَمُقْتَضَى هَذَا إدَامَةُ الْحَجْرِ إلَى الْبَرَاءَةِ وَهُوَ كَالْمُسْتَبْعَدِ. قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: لَيْسَ هَذَا مُقْتَضَاهُ وَإِنَّمَا مُقْتَضَاهُ أَحَدُ أَمْرَيْنِ: إمَّا أَنْ يَنْفَكَّ الْحَجْرُ بِالْكُلِّيَّةِ، وَإِمَّا أَنْ يَنْفَكَّ بِالنِّسْبَةِ إلَى غَيْرِ الْمَوْقُوفِ وَالْمُسْتَوْلَدَةِ وَيَبْقَى فِيهِمَا وَتَبِعَهُ الْإِسْنَوِيُّ عَلَى ذَلِكَ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَالْمُرَادُ إذَا كَانَ يَحْصُلُ مِنْهُمَا مَا يَزِيدُ عَلَى قَدْرِ نَفَقَتِهِ وَنَفَقَةِ مَنْ يَمُونُهُ قَبْلَ قِسْمَةِ الْمَالِ فَإِنَّهُمَا يُقَدَّمَانِ فِي الْمَالِ الْحَاصِلِ فَالْمُنَزَّلُ مَنْزِلَتُهُ أَوْلَى اهـ.

لَكِنْ إنَّمَا تُقَدَّمُ نَفَقَتُهُ وَنَفَقَةُ مَنْ يَمُونُهُ قَبْلَ قِسْمَةِ الْمَالِ. وَقِيَاسُهُ أَنْ يُقَالَ: يُنْفِقُ عَلَيْهِ وَعَلَى مَنْ يَمُونُهُ مِنْ أُجْرَةِ أُمِّ الْوَلَدِ وَالْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ إلَى أَنْ يُؤَجِّرَ. وَالثَّانِي: لَا تَجِبُ؛ لِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ لَا تُعَدُّ مَالًا حَاصِلًا. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُوصَى بِمَنْفَعَتِهِ لَهُ كَالْمُسْتَوْلَدَةِ وَالْمَوْقُوفِ. قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: وَأَفْتَى الْغَزَالِيُّ بِأَنَّهُ يُجْبَرُ عَلَى إجَارَةِ الْمَوْقُوفِ أَيْ بِأُجْرَةٍ مُعَجَّلَةٍ مَا لَمْ يَظْهَرْ تَفَاوُتُهُ بِسَبَبِ تَعْجِيلِ الْأُجْرَةِ إلَى حَدٍّ لَا يَتَغَابَنُ بِهِ النَّاسُ فِي غَرَضِ قَضَاءِ الدَّيْنِ وَالتَّخَلُّصِ مِنْ الْمُطَالَبَةِ اهـ.

وَمِثْلُهُ الْمُسْتَوْلَدَةُ، وَمَحَلُّهُ فِي الْوَقْفِ إذَا لَمْ يَكُنْ شَرَطَ الْوَاقِفُ فِي إجَارَتِهِ شَرْطًا فَإِنْ شَرَطَ شَيْئًا اُتُّبِعَ، قَالَهُ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ الشَّاشِيُّ فِي فَتَاوِيهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>