للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإِذَا ادَّعَى أَنَّهُ مُعْسِرٌ أَوْ قَسَمَ مَالَهُ بَيْنَ غُرَمَائِهِ وَزَعَمَ أَنَّهُ لَا يَمْلِكُ غَيْرَهُ وَأَنْكَرُوا فَإِنْ لَزِمَهُ الدَّيْنُ فِي مُعَامَلَةِ مَالٍ كَشِرَاءٍ أَوْ قَرْضٍ فَعَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ.

وَإِلَّا فَيُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ فِي الْأَصَحِّ.

وَتُقْبَلُ بَيِّنَةُ الْإِعْسَارِ فِي الْحَالِ، وَشَرْطُ شَاهِدٍ خِبْرَةُ بَاطِنِهِ،

ــ

[مغني المحتاج]

تَنْبِيهٌ: لَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ: وَالْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ؛ لَكَانَ أَخَصْرَ وَأَشْمَلَ.

(وَإِذَا ادَّعَى) الْمَدِينُ (أَنَّهُ مُعْسِرٌ، أَوْ قَسَمَ مَالَهُ بَيْنَ غُرَمَائِهِ وَزَعَمَ أَنَّهُ لَا يَمْلِكُ غَيْرَهُ وَأَنْكَرُوا) مَا زَعَمَهُ (فَإِنْ لَزِمَهُ الدَّيْنُ فِي مُعَامَلَةِ مَالٍ كَشِرَاءٍ أَوْ قَرْضٍ فَعَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ) بِإِعْسَارِهِ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى، وَبِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ غَيْرَهُ فِي الثَّانِيَةِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ مَا وَقَعَتْ عَلَيْهِ الْمُعَامَلَةُ، وَقَضِيَّةُ التَّوْجِيهِ الْمَذْكُورِ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمَالِ مَا يَبْقَى. أَمَّا مَا لَا يَبْقَى كَاللَّحْمِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ كَالْقِسْمِ الْآتِي.

تَنْبِيهٌ: قَضِيَّةُ كَلَامِهِ أَنَّ الْإِعْسَارَ لَا يَثْبُتُ بِالْيَمِينِ الْمَرْدُودَةِ وَلَيْسَ مُرَادًا فَإِنَّهُ لَوْ ادَّعَى عَلَى غَرِيمِهِ عِلْمَهُ بِإِفْلَاسِهِ أَوْ تَلَفِ مَالُهُ حَلَفَ عَلَى نَفْيِهِ، فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ وَثَبَتَ إفْلَاسُهُ، وَقَضِيَّتُهُ أَيْضًا أَنَّهُ لَا يَكْفِي عِلْمُ الْقَاضِي بِإِعْسَارِهِ وَبِهِ صَرَّحَ الْإِمَامُ. قَالَ: لِأَنَّهُ ظَنٌّ لَا عِلْمٌ، لَكِنْ ذَكَرَ الشَّيْخَانِ فِي الْكَلَامِ عَلَى الْقَضَاءِ بِالْعِلْمِ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْعِلْمِ هُوَ الظَّنُّ الْمُؤَكَّدُ لَا مَدْلُولُهُ الْحَقِيقِيُّ، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ يُقْضَى بِهِ هُنَا وَهُوَ الظَّاهِرُ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَزِمَهُ الدَّيْنُ لَا فِي مُعَامَلَةِ مَالٍ (فَيُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ فِي الْأَصَحِّ) سَوَاءٌ لَزِمَهُ بِاخْتِيَارِهِ كَضَمَانٍ وَصَدَاقٍ أَمْ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ كَأَرْشِ جِنَايَةٍ وَغَرَامَةِ مُتْلَفٍ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ الْعَدَمُ، وَهَذَا التَّعْلِيلُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ صُورَةَ الْمَسْأَلَةِ فِيمَنْ لَمْ يُعْرَفْ لَهُ مَالٌ قَبْلَ ذَلِكَ وَلِذَا قَالَ فِي التَّنْبِيهِ: فَإِنْ كَانَ قَدْ عُرِفَ لَهُ مَالٌ قَبْلَ ذَلِكَ حُبِسَ إلَى أَنْ يُقِيمَ الْبَيِّنَةَ عَلَى إعْسَارِهِ. وَالثَّانِي: لَا يُصَدَّقُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ مِنْ حَالِ الْحُرِّ أَنَّهُ يَمْلِكُ شَيْئًا، كَذَا عَلَّلَهُ الرَّافِعِيُّ. وَاعْتَرَضَهُ فِي الْكِفَايَةِ بِأَنَّ هَذَا التَّعْلِيلَ لَا يَسْتَقِيمُ فِيمَا إذَا قَسَمَ مَالَهُ؛ لِأَنَّ مُقْتَضَى الظَّاهِرِ قَدْ تَحَقَّقَ وَعَمِلَ بِهِ. وَالثَّالِثُ: إنْ لَزِمَهُ الدَّيْنُ بِاخْتِيَارِهِ لَمْ يُصَدَّقْ إلَّا بِبَيِّنَةٍ، أَوْ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ، وَالْفَرْقُ أَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ لَا يَشْغَلُ ذِمَّتَهُ بِاخْتِيَارِهِ بِمَا لَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ، وَمَحَلُّ التَّفْصِيلِ الْمَذْكُورِ مَا إذَا لَمْ يَسْبِقْ مِنْهُ إقْرَارٌ بِالْمَلَاءَةِ، فَلَوْ أَقَرَّ بِهَا ثُمَّ ادَّعَى الْإِعْسَارَ فَفِي فَتَاوَى الْقَفَّالِ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يُقِيمَ بَيِّنَةً بِذَهَابِ مَالِهِ.

فَرْعٌ: لَوْ حَلَفَ أَنْ يُوَفِّيَ زَيْدًا دَيْنَهُ فِي وَقْتِ كَذَا ثُمَّ ادَّعَى الْإِعْسَارَ قَبْلُ لِأَجَلِ عَدَمِ الْحِنْثِ إلَّا أَنْ يُعْرَفَ لَهُ مَالٌ كَذَا أَجَابَنِي بِهِ شَيْخِي. وَهِيَ مَسْأَلَةٌ كَثِيرَةُ الْوُقُوعِ (وَتُقْبَلُ بَيِّنَةُ الْإِعْسَارِ) وَإِنْ تَعَلَّقَتْ بِالنَّفْيِ لِمَكَانِ الْحَاجَةِ كَالْبَيِّنَةِ عَلَى أَنْ لَا وَارِثَ سِوَى هَؤُلَاءِ (فِي الْحَالِ) قِيَاسًا عَلَى غَيْرِهَا (وَشَرْطُ شَاهِدٍ) لِيُقْبَلَ وَهُوَ اثْنَانِ (خِبْرَةُ بَاطِنِهِ) أَيْ الْمُعْسِرِ لِطُولِ جِوَارٍ، أَوْ

<<  <  ج: ص:  >  >>