للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلْيَقُلْ هُوَ مُعْسِرٌ، وَلَا يُمَحِّضُ النَّفْيَ كَقَوْلِهِ لَا يَمْلِكُ شَيْئًا،

ــ

[مغني المحتاج]

مُخَالَطَةٍ وَنَحْوِهَا فَإِنَّ الْمَالَ يَخْفَى فَلَا يَجُوزُ الِاعْتِمَادُ عَلَى ظَاهِرِ الْحَالِ، فَإِنْ عَرَفَ الْقَاضِي أَنَّ الشَّاهِدَ بِهَذِهِ الصِّفَةِ فَذَاكَ وَإِلَّا فَلَهُ اعْتِمَادُ قَوْلِهِ: إنَّهُ بِهَا، كَذَا نَقَلَاهُ عَنْ الْإِمَامِ وَهُوَ صَرَّحَ بِنَقْلِ ذَلِكَ عَنْ الْأَئِمَّةِ، وَذَكَرَ الشَّيْخَانِ فِي الْكَلَامِ عَلَى التَّزْكِيَةِ أَنَّ الْقَاضِيَ لَا بُدَّ أَنْ يَعْرِفَ أَنَّ الْمُزَكِّيَ مِنْ أَهْلِ الْخِبْرَةِ، أَوْ أَنْ يَعْرِفَ مِنْ عَدَالَتِهِ أَنَّهُ لَا يُزَكِّي إلَّا بَعْدَ وُجُودِهَا. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ هَذَا مِثْلُهُ اهـ. .

وَهُوَ ظَاهِرٌ، هَذَا فِي الشَّاهِدِ بِالْإِعْسَارِ. أَمَّا الشَّاهِدُ بِالتَّلَفِ فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الْخِبْرَةُ الْبَاطِنَةُ، وَحِينَئِذٍ فَيُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ فِي إعْسَارِهِ (وَلْيَقُلْ) أَيْ شَاهِدُ الْإِعْسَارِ وَهُوَ اثْنَانِ كَمَا مَرَّ (هُوَ مُعْسِرٌ، وَلَا يُمَحِّضُ النَّفْيَ كَقَوْلِهِ لَا يَمْلِكُ شَيْئًا) ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ الِاطِّلَاعُ عَلَيْهِ بَلْ يَجْمَعُ بَيْنَ نَفْيٍ وَإِثْبَاتٍ فَيَقُولُ كَمَا قَالَ الشَّيْخَانِ هُوَ مُعْسِرٌ لَا يَمْلِكُ إلَّا قُوتَ يَوْمِهِ وَثِيَابَ بَدَنِهِ. قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: وَهَذَا غَيْرُ صَحِيحٍ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ مَالِكًا لِغَيْرِ ذَلِكَ وَهُوَ مُعْسِرٌ كَأَنْ يَكُونَ لَهُ مَالٌ غَائِبٌ بِمَسَافَةِ الْقَصْرِ فَأَكْثَرَ، وَلِأَنَّ قُوتَ يَوْمِهِ قَدْ يُسْتَغْنَى عَنْهُ بِالْكَسْبِ، وَثِيَابَ بَدَنِهِ قَدْ تَزِيدُ عَلَى مَا يَلِيقُ بِهِ فَيَصِيرُ مُوسِرًا بِذَلِكَ فَالطَّرِيقُ أَنْ يَشْهَدَ أَنَّهُ مُعْسِرٌ عَاجِزٌ الْعَجْزَ الشَّرْعِيَّ عَنْ وَفَاءِ شَيْءٍ مِنْ هَذَا الدَّيْنِ أَوْ مَا فِي مَعْنَى، ذَلِكَ اهـ.

وَهُوَ حَسَنٌ وَأَفَادَ التَّعْبِيرُ بِالشَّاهِدَيْنِ (أَنَّهُ لَا يَكْفِي رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ وَلَا رَجُلٌ وَيَمِينٌ، وَأَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ ثَلَاثَةٌ) .

وَأَمَّا قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِيمَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ لِمَنْ ذَكَرَ لَهُ أَنَّ جَائِحَةً أَصَابَتْ مَالَهُ وَسَأَلَ أَنْ يُعْطِيَهُ مِنْ الصَّدَقَةِ حَتَّى يَشْهَدَ ثَلَاثَةٌ مِنْ ذَوِي الْحِجَا مِنْ قَوْمِهِ فَمَحْمُولٌ عَلَى الِاحْتِيَاطِ، وَسُكُوتُ الْمُصَنِّفِ عَنْ تَحْلِيفِهِ مَعَ بَيِّنَةِ الْإِعْسَارِ يُشْعِرُ بِأَنَّهُ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ وَلَيْسَ مُرَادًا، بَلْ يَجِبُ تَحْلِيفُهُ عَلَى إعْسَارِهِ بِاسْتِدْعَاءِ الْخَصْمِ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ لَهُ مَالٌ فِي الْبَاطِنِ، وَلَوْ كَانَ الْحَقُّ لِمَحْجُورٍ عَلَيْهِ أَوْ غَائِبٍ أَوْ جِهَةٍ عَامَّةٍ لَمْ يَتَوَقَّفْ التَّحْلِيفُ عَلَى الطَّلَبِ، وَإِنَّمَا يُحَلِّفُ بَعْدَ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ كَمَا قَالَهُ الْقَفَّالُ، وَلَا يَحْلِفُ مَنْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى إتْلَافِ مَالِهِ بِلَا خِلَافٍ؛ لِأَنَّ فِيهِ تَكْذِيبَ الْبَيِّنَةِ، وَلَهُ تَحْلِيفُ الْغُرَمَاءِ أَنَّهُمْ لَا يَعْرِفُونَ إعْسَارَهُ إذَا ادَّعَاهُ عَلَيْهِمْ، فَإِنْ نَكَلُوا حَلَفَ وَثَبَتَ إعْسَارُهُ كَمَا مَرَّ، وَإِنْ حَلَفُوا حُبِسَ، فَإِنْ ادَّعَى ثَانِيًا وَثَالِثًا وَهَكَذَا أَنَّهُ بَانَ لَهُمْ إعْسَارُهُ حَلَفُوا حَتَّى يَظْهَرَ لِلْحَاكِمِ أَنَّ قَصْدَهُ الْإِيذَاءُ، وَلَوْ ثَبَتَ إعْسَارُهُ فَادَّعَوْا بَعْدَ أَيَّامٍ أَنَّهُ اسْتَفَادَ مَالًا وَبَيَّنُوا الْجِهَةَ الَّتِي اسْتَفَادَ مِنْهَا فَلَهُمْ تَحْلِيفُهُ إلَّا أَنْ يَظْهَرَ مِنْهُمْ قَصْدُ الْإِيذَاءِ، وَإِذَا شَهِدَ عَلَى مُفْلِسٍ بِالْغِنَى فَلَا بُدَّ مِنْ بَيَانِ سَبَبِهِ؛ لِأَنَّ الْإِعْدَامَ لَمَّا لَمْ يَثْبُتْ إلَّا مِنْ أَهْلِ الْخِبْرَةِ كَذَلِكَ الْغِنَى، قَالَهُ الْقَفَّالُ فِي فَتَاوِيهِ، وَلَوْ وُجِدَ فِي يَدِ الْمُعْسِرِ مَالٌ فَأَقَرَّ بِهِ لِشَخْصٍ وَصَدَّقَهُ أَخَذَهُ مِنْهُ وَلَا حَقَّ فِيهِ لِلْغُرَمَاءِ، وَلَا يَحْلِفُ الْمُعْسِرُ أَنَّهُ مَا وَاطَأَ الْمُقَرَّ لَهُ عَلَى الْإِقْرَارِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ رَجَعَ عَنْ إقْرَارِهِ لَمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>