وَإِذَا ثَبَتَ إعْسَارُهُ لَمْ يَجُزْ حَبْسُهُ وَلَا مُلَازَمَتُهُ بَلْ يُمْهَلُ حَتَّى يُوسِرَ.
ــ
[مغني المحتاج]
يُقْبَلْ، وَإِنْ كَذَّبَهُ الْمُقَرُّ لَهُ أَخَذَهُ الْغُرَمَاءُ وَلَا يُلْتَفَتُ إلَى إقْرَارِهِ بِهِ لِآخَرَ لِظُهُورِ كَذِبِهِ فِي صَرْفِهِ عَنْهُ، وَإِنْ أَقَرَّ بِهِ لِغَائِبٍ انْتَظَرَ قُدُومَهُ فَإِنْ صَدَّقَهُ أَخَذَهُ وَإِلَّا أَخَذَهُ الْغُرَمَاءُ، وَلَوْ أَقَرَّ بِهِ لِمَجْهُولٍ لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ، وَصَرَّحَ بِهِ الرُّويَانِيُّ وَغَيْرُهُ، وَالظَّاهِرُ كَمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّ الصَّبِيَّ وَنَحْوَهُ كَالْغَائِبِ. نَعَمْ إنْ صَدَّقَهُ الْوَلِيُّ فَلَا انْتِظَارَ، وَلَوْ تَعَارَضَ بَيِّنَتَا إعْسَارٍ وَمَلَاءَةٍ كُلَّمَا شَهِدَتْ إحْدَاهُمَا جَاءَتْ الْأُخْرَى فَشَهِدَتْ بِأَنَّهُ فِي الْحَالِ عَلَى خِلَافِ مَا شَهِدَتْ بِهِ فَهَلْ يُقْبَلُ ذَلِكَ أَبَدًا وَيُعْمَلُ بِالْمُتَأَخِّرِ؟ أَفْتَى ابْنُ الصَّلَاحِ بِأَنَّهُ يُعْمَلُ بِالْمُتَأَخِّرِ مِنْهُمَا وَإِنْ تَكَرَّرَتْ إذَا لَمْ يَنْشَأْ مِنْ تَكْرَارِهَا رِيبَةٌ، وَلَا تَكَادُ بَيِّنَةُ الْإِعْسَارِ تَخْلُو عَنْ رِيبَةٍ إذَا تَكَرَّرَتْ (وَإِذَا ثَبَتَ إعْسَارُهُ) عِنْدَ الْقَاضِي (لَمْ يَجُزْ حَبْسُهُ وَلَا مُلَازَمَتُهُ بَلْ يُمْهَلُ حَتَّى يُوسِرَ) لِلْآيَةِ السَّابِقَةِ، بِخِلَافِ مَنْ لَمْ يَثْبُتْ إعْسَارُهُ فَيَجُوزُ حَبْسُهُ وَمُلَازَمَتُهُ.
نَعَمْ (الْأَصْلُ ذَكَرًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ وَإِنْ عَلَا لَا يُحْبَسُ بِدَيْنِ الْوَلَدِ) كَذَلِكَ وَإِنْ سَفَلَ وَلَوْ صَغِيرًا أَوْ زَمِنًا؛ لِأَنَّهُ عُقُوبَةٌ، وَلَا يُعَاقَبُ الْوَالِدُ بِالْوَلَدِ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ دَيْنِ النَّفَقَةِ وَغَيْرِهَا، وَكَذَا لَا يُحْبَسُ الْمُكَاتَبُ بِالنُّجُومِ وَلَا الْمُسْتَأْجِرِ عَيْنَهُ وَتَعَذَّرَ عَمَلُهُ فِي الْحَبْسِ تَقْدِيمًا لِحَقِّ الْمُسْتَأْجِرِ كَالْمُرْتَهِنِ، فَإِنْ خِيفَ هَرَبُهُ اسْتَوْثَقَ عَلَيْهِ الْقَاضِي عَلَى حَسَبِ مَا يَرَاهُ؛ وَلِأَنَّ الْعَمَلَ مَقْصُودٌ بِالِاسْتِحْقَاقِ فِي نَفْسِهِ بِخِلَافِ الْحَبْسِ لَيْسَ مَقْصُودًا فِي نَفْسِهِ بَلْ يُتَوَصَّلُ بِهِ إلَى غَيْرِهِ، ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ فِي بَابِ الْإِجَارَةِ عَنْ فَتَاوَى الْغَزَالِيِّ وَأَقَرَّهُ. قَالَ السُّبْكِيُّ: وَعَلَى قِيَاسِهِ لَوْ اسْتَعْدَى عَلَى مَنْ اُسْتُؤْجِرَ عَيْنُهُ وَكَانَ حُضُورُهُ لِلتَّحَاكُمِ يُعَطِّلُ حَقَّ الْمُسْتَأْجِرِ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَحْضُرَ وَلَا يَعْتَرِضَ بِاتِّفَاقِ الْأَصْحَابِ عَلَى إحْضَارِ الْمَرْأَةِ الْبَرْزَةِ وَحَبْسِهَا وَإِنْ كَانَتْ مُزَوَّجَةً؛ لِأَنَّ لِلْإِجَارَةِ أَمَدًا يُنْتَظَرُ، وَيُؤْخَذُ مِمَّا قَالَهُ أَنَّ الْمُوصِي بِمَنْفَعَتِهِ كَالْمُسْتَأْجِرِ إنْ أَوْصَى بِهَا مُدَّةً مُعَيَّنَةً وَإِلَّا فَكَالزَّوْجَةِ.
فُرُوعٌ لَا يُحْبَسُ الْمَرِيضُ وَلَا الْمُخَدَّرَةُ وَلَا ابْنُ السَّبِيلِ بَلْ يُوَكَّلُ بِهِمْ وَلَا الصَّبِيُّ وَلَا الْمَجْنُونُ وَلَا أَبُو الطِّفْلِ وَالْوَكِيلُ وَالْقَيِّمُ فِي دَيْنٍ لَمْ يَجِبْ بِمُعَامَلَتِهِمْ وَتُحْبَسُ الْأُمَنَاءُ فِي دَيْنٍ وَجَبَ بِمُعَامَلَتِهِمْ، وَلَا يُحْبَسُ الْعَبْدُ الْجَانِي وَلَا سَيِّدُهُ لِيُؤَدِّيَ أَوْ يَبِيعَ بَلْ يُبَاعُ عَلَيْهِ إذَا وُجِدَ رَاغِبٌ وَامْتَنَعَ مِنْ الْبَيْعِ وَالْفِدَاءِ، وَعَلَى الْمُوسِرِ الْأَدَاءُ فَوْرًا بِحَسَبِ الْإِمْكَانِ إنْ طُولِبَ «لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَطْلُ الْغَنِيِّ ظُلْمٌ» إذْ لَا يُقَالُ: مَطَلَهُ إلَّا إذَا طَالَبَهُ فَدَافَعَهُ، فَإِنْ امْتَنَعَ أَمَرَهُ الْحَاكِمُ بِهِ، فَإِنْ امْتَنَعَ وَلَهُ مَالٌ ظَاهِرٌ وَهُوَ مِنْ جِنْسِ الدَّيْنِ وُفِّيَ مِنْهُ، أَوْ مِنْ غَيْرِهِ بَاعَ الْحَاكِمُ عَلَيْهِ مَالَهُ وَإِنْ كَانَ الْمَالُ فِي غَيْرِ مَحَلِّ وِلَايَتِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي وَالْقَمُولِيُّ أَوْ أَكْرَهَهُ مَعَ التَّعْزِيرِ بِحَبْسٍ أَوْ غَيْرِهِ عَلَى الْبَيْعِ. أَمَّا قَبْلَ الْمُطَالَبَةِ فَلَا يَجِبُ الْأَدَاءُ وَإِنْ كَانَ سَبَبُ الدَّيْنِ مَعْصِيَةً،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute