للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإِجَارَةٍ.

فَإِذَا بَنَى فَلَيْسَ لِمَالِكِ الْجِدَارِ نَقْضُهُ بِحَالٍ.

وَلَوْ انْهَدَمَ الْجِدَارُ فَأَعَادَهُ مَالِكُهُ فَلِلْمُشْتَرِي إعَادَةُ الْبِنَاءِ.

ــ

[مغني المحتاج]

(وَ) شَوْبُ (إجَارَةٍ) ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَحَقَّ بِهِ مَنْفَعَةٌ فَقَطْ إذْ لَا يَمْلِكُ الْمُشْتَرِي فِيهِ عَيْنًا، فَلَوْ كَانَ إجَارَةً مَحْضَةً لَاشْتَرَطْنَا تَأْقِيتَهَا أَوْ بَيْعًا مَحْضًا لَكَانَ رَأْسُ الْجِدَارِ لِصَاحِبِ الْجُذُوعِ. وَالثَّانِي: أَنَّ هَذَا الْعَقْدَ بَيْعٌ يَمْلِكُ بِهِ مَوَاضِعَ رُءُوسِ الْجُذُوعِ. وَالثَّالِثُ: أَنَّهُ إجَارَةٌ مُؤَبَّدَةٌ لِلْحَاجَةِ، وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ لِلْبِنَاءِ عَلَيْهِ عَمَّا إذَا بَاعَهُ وَشَرَطَ أَنْ لَا يَبْنِيَ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ جَائِزٌ قَطْعًا وَيَنْتَفِعُ بِهِ بِمَا عَدَا الْبِنَاءِ مِنْ مُكْثٍ عَلَيْهِ وَغَيْرِهِ، وَكَذَا لَوْ بَاعَهُ وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِلْبِنَاءِ بِالْكُلِّيَّةِ كَمَا ذَكَرَهُ الْمَاوَرْدِيُّ، وَحُكْمُ الْبِنَاءِ عَلَى الْأَرْضِ أَوْ السَّقْفِ أَوْ الْجِدَارِ بِلَا جُذُوعٍ كَذَلِكَ.

تَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ شَوْبٌ. قَالَ فِي الدَّقَائِقِ: إنَّهُ الصَّوَابُ، وَأَنَّ قَوْلَ بَعْضِهِمْ شَائِبَةٌ مَحْضُ تَصْحِيفٍ. قَالَ السُّبْكِيُّ: لَا يَظْهَرُ لِي وَجْهُ التَّصْحِيفِ فِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الشَّوْبَ الْخَلْطَ، وَيُطْلَقُ عَلَى الْمَخْلُوطِ بِهِ، وَهُوَ الْمُرَادُ هُنَا، وَالشَّائِبَةُ يُشَابُ بِهَا، فَكُلٌّ مِنْهُمَا صَوَابٌ. وَقَالَ الْإِسْنَوِيُّ: التَّعْبِيرُ بِالتَّصْحِيفِ هُنَا لَا مَدْخَلَ لَهُ. بَلْ صَوَابُهُ التَّحْرِيفُ.

(فَإِذَا بَنَى) بَعْدَ قَوْلِهِ: بِعْته لِلْبِنَاءِ أَوْ بِعْت حَقَّ الْبِنَاءِ وَقُلْنَا بِالْأَوَّلِ (فَلَيْسَ لِمَالِكِ الْجِدَارِ نَقْضُهُ) أَيْ نَقْضُ بِنَاءِ الْمُشْتَرِي (بِحَالٍ) أَيْ لَا مَجَّانًا وَلَا مَعَ إعْطَاءِ أَرْشِ نَقْصِهِ؛ لِأَنَّهُ يَسْتَحِقُّ الدَّوَامَ بِعَقْدٍ لَازِمٍ. نَعَمْ إنْ اشْتَرَى مَالِكُ الْجِدَارِ حَقَّ الْبِنَاءِ مِنْ الْمُشْتَرِي جَازَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْمَحَامِلِيُّ وَأَبُو الطَّيِّبِ، وَحِينَئِذٍ يَتَمَكَّنُ مِنْ الْخَصْلَتَيْنِ اللَّتَيْنِ جَوَّزْنَاهُمَا لَوْ أَعَارَ لِزَوَالِ اسْتِحْقَاقِ صَاحِبِ الْجُذُوعِ.

تَنْبِيهٌ: سَكَتَ الشَّيْخَانِ عَنْ تَمْكِينِ الْبَائِعِ مِنْ هَدْمِ حَائِطِ نَفْسِهِ وَمِنْ مَنْعِ الْمُشْتَرِي أَنْ يَبْنِيَ إذَا لَمْ يَكُنْ بَنَى، وَلَا شَكَّ كَمَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ إنَّهُ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْهُمَا، وَلَوْ وَجَدْنَا الْجُذُوعَ مَوْضُوعَةً عَلَى الْجِدَارِ وَلَمْ نَعْلَمْ كَيْفَ وُضِعَتْ، فَالظَّاهِرُ أَنَّهَا وُضِعَتْ بِحَقٍّ فَلَا تُنْقَضُ وَيُقْضَى بِاسْتِحْقَاقِهَا دَائِمًا، فَلَوْ سَقَطَ الْجِدَارُ وَأُعِيدَ فَلَهُ إعَادَتُهَا بِلَا خِلَافٍ، لِأَنَّا حَكَمْنَا بِأَنَّهَا وُضِعَتْ بِحَقٍّ وَشَكَكْنَا فِي الْمُجَوِّزِ لِلرُّجُوعِ وَلِمَالِكِ الْجِدَارِ نَقْضُهُ إنْ كَانَ مُسْتَهْدَمًا وَإِلَّا فَلَا كَمَا فِي زِيَادَةِ الرَّوْضَةِ.

(وَلَوْ انْهَدَمَ الْجِدَارُ) بَعْدَ بِنَاءِ الْمُشْتَرِي أَوْ قَبْلَهُ (فَأَعَادَهُ مَالِكُهُ) بِاخْتِيَارِهِ، وَلَا يَلْزَمُهُ ذَلِكَ فِي الْجَدِيدِ (فَلِلْمُشْتَرِي) أَوْلَى مِنْهُ فَلِلْمُسْتَحِقِّ (إعَادَةُ الْبِنَاءِ) فِي الْأَوْلَى وَابْتِدَاؤُهُ فِي الثَّانِيَةِ بِتِلْكَ الْآلَاتِ وَبِمِثْلِهَا؛ لِأَنَّهُ حَقٌّ ثَبَتَ لَهُ، وَلَوْ لَمْ يَبْنِهِ الْمَالِكُ فَأَرَادَ صَاحِبُ الْجُذُوعِ إعَادَتَهُ مِنْ مَالِهِ لِيَبْنِيَ عَلَيْهِ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: كَانَ لَهُ ذَلِكَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ جَمَاعَةٌ، وَقَالَ

<<  <  ج: ص:  >  >>