للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَسَوَاءٌ كَانَ الْإِذْنُ بِعِوَضٍ أَوْ بِغَيْرِهِ يُشْتَرَطُ بَيَانُ قَدْرِ الْمَوْضِعِ الْمَبْنِيِّ عَلَيْهِ طُولًا وَعَرْضًا، وَسَمْكِ الْجُدْرَانِ وَكَيْفِيَّتِهَا وَكَيْفِيَّةِ السَّقْفِ الْمَحْمُولِ عَلَيْهَا.

ــ

[مغني المحتاج]

السُّبْكِيُّ: إنَّهُ قَضِيَّةُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ، وَفُهِمَ مِمَّا قَدَّرْته فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الْعَقْدَ لَا يَنْفَسِخُ بِعَارِضِ هَدْمٍ أَوْ انْهِدَامٍ، وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا ذَكَرَهُ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ لِالْتِحَاقِهِ بِالْبُيُوعِ وَإِنْ كَانَ قَضِيَّةُ تَعْلِيلِ الرَّافِعِيِّ، وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ فَلِلْمُشْتَرِي اخْتِصَاصُ ذَلِكَ بِمَا إذَا وَقَعَ الْعَقْدُ بِلَفْظِ الْبَيْعِ وَنَحْوِهِ، فَأَمَّا إذَا أَجَّرَهُ إجَارَةً مُؤَقَّتَةً فَيَجْرِي فِي انْفِسَاخِهَا الْخِلَافُ فِي انْهِدَامِ الدَّارِ الْمُسْتَأْجَرَةِ، وَخَرَجَ بِانْهِدَامٍ مَا لَوْ هَدَمَهُ شَخْصٌ مِنْ مَالِكٍ أَوْ غَيْرِهِ فَإِنَّ الْمُشْتَرِيَ يُطَالِبُ بِقِيمَةِ حَقِّ وَضْعِ بِنَائِهِ عَلَى الْجِدَارِ لِلْحَيْلُولَةِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ حَقِّهِ سَوَاءٌ أَبَنَى أَمْ لَا مَعَ غُرْمِ أَرْشِ الْبِنَاءِ إنْ كَانَ قَدْ بَنَى وَإِلَّا فَلَا أَرْشَ، فَإِنْ أُعِيدَ الْجِدَارُ اُسْتُعِيدَتْ الْقِيمَةُ لِزَوَالِ الْحَيْلُولَةِ، وَلَهُ الْبِنَاءُ إنْ لَمْ يَكُنْ بَنَى وَإِعَادَتُهُ إنْ كَانَ قَدْ بَنَى.

تَنْبِيهٌ: لَا يَغْرَمُ الْهَادِمُ أُجْرَةَ الْبِنَاءِ لِمُدَّةِ الْحَيْلُولَةِ. قَالَ الْإِمَامُ: لِأَنَّ الْحَقَّ عَلَى التَّأْبِيدِ وَمَا لَا يَتَقَدَّرُ لَا يَنْحَطُّ عَمَّا لَا يَتَنَاهَى. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَفِي كَلَامِهِ إشَارَةٌ إلَى الْوُجُوبِ فِيمَا إذَا وَقَعَتْ الْإِجَارَةُ عَلَى مُدَّةٍ، وَالْمُتَّجَهُ عَدَمُ الْوُجُوبِ؛ لِأَنَّ وُجُوبَ الْأُجْرَةِ لِلْحَيْلُولَةِ إنَّمَا مَحَلُّهُ عِنْدَ قِيَامِ الْعَيْنِ، وَلَمْ يُصَرِّحُوا بِوُجُوبِ إعَادَةِ الْجِدَارِ عَلَى مَالِكِهِ، وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ: إنْ هَدَمَهُ مَالِكُهُ ابْتِدَاءً عُدْوَانًا فَعَلَيْهِ إعَادَتُهُ، وَإِنْ هَدَمَهُ أَجْنَبِيٌّ أَوْ مَالِكُهُ وَقَدْ اسْتُهْدِمَ لَمْ تَجِبْ لَكِنْ يَثْبُتُ لِلْمُشْتَرِي الْفَسْخُ إنْ كَانَ ذَلِكَ قَبْلَ التَّخْلِيَةِ اهـ.

وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَى الْمَالِكِ إعَادَتُهُ مُطْلَقًا كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ، وَيَغْرَمُ الْأَجْنَبِيُّ لِلْمَالِكِ أَرْشَ الْجِدَارِ مَسْلُوبَ مَنْفَعَةِ رَأْسِهِ، وَإِذَا أَعَادَهُ الْمَالِكُ اسْتَرَدَّ مِنْ الْمُشْتَرِي مَا أَخَذَهُ فِي نَظِيرِهَا (وَسَوَاءٌ كَانَ الْإِذْنُ) فِي وَضْعِ الْبِنَاءِ عَلَى غَيْرِ أَرْضٍ (بِعِوَضٍ أَوْ بِغَيْرِهِ يُشْتَرَطُ بَيَانُ قَدْرِ الْمَوْضِعِ الْمَبْنِيِّ عَلَيْهِ طُولًا وَعَرْضًا) وَبَيَانِ مَحَلِّهِ (وَسَمْكِ الْجُدْرَانِ) بِفَتْحِ السِّينِ (وَكَيْفِيَّتِهَا) أَيْ: الْجُدْرَانِ أَهِيَ مُجَوَّفَةٌ أَوْ مُنَضَّدَةٌ؟ وَهِيَ مَا الْتَصَقَ بَعْضُهَا إلَى بَعْضٍ مِنْ حَجَرٍ أَوْ غَيْرِهِ (وَكَيْفِيَّةِ السَّقْفِ الْمَحْمُولِ عَلَيْهَا) أَهُوَ مِنْ أَزَجٍ، وَهُوَ الْعَقْدُ الْمُسَمَّى بِالْقَبْوِ أَوْ خَشَبٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْغَرَضَ يَخْتَلِفُ بِذَلِكَ، وَلَا يُشْتَرَطُ التَّعَرُّضُ لِوَزْنِ الْآلَةِ فِي الْأَصَحِّ، وَتُغْنِي مُشَاهَدَةُ الْآلَةِ عَنْ كُلِّ وَصْفٍ.

فَائِدَةٌ: ارْتِفَاعُ الْجِدَارِ مِنْ الْأَرْضِ سَمْكٌ بِفَتْحِ السِّينِ، وَالْمَنْزُولُ مِنْهُ إلَيْهَا عُمْقٌ بِضَمِّ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ، لَا طُولٌ وَعَرْضٌ، بَلْ طُولُهُ امْتِدَادُهُ مِنْ زَاوِيَةِ الْبَيْتِ مَثَلًا إلَى زَاوِيَتِهِ الْأُخْرَى،

<<  <  ج: ص:  >  >>