للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يُطَالِبُهُ قَبْلَ أَنْ يُطَالَبَ.

وَلِلضَّامِنِ الرُّجُوعُ عَلَى الْأَصِيلِ إنْ وُجِدَ إذْنُهُ فِي الضَّمَانِ وَالْأَدَاءِ، وَإِنْ انْتَفَى فِيهِمَا فَلَا،

ــ

[مغني المحتاج]

الَّذِي أَوْقَعَهُ فِي الْمُطَالَبَةِ كَمَا أَنَّهُ يَغْرَمُهُ إذَا غَرِمَ، وَمَعْنَى التَّخْلِيصِ: أَنَّهُ يُؤَدِّي دَيْنَ الْمَضْمُونِ لَهُ لِيَبْرَأَ الضَّامِنُ. أَمَّا إذَا ضَمِنَ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَلَيْسَ لَهُ مُطَالَبَتُهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُسَلَّطْ عَلَيْهِ. قَالَ فِي الْمَطْلَبِ: وَلَوْ كَانَ الْأَصِيلُ مَحْجُورًا عَلَيْهِ كَصَبِيٍّ فَلِلضَّامِنِ بِإِذْنِ وَلِيِّهِ إنْ طُولِبَ طَلَبَ الْوَلِيُّ بِتَخْلِيصِهِ مَا لَمْ يَزُلْ الْحَجْرُ، فَإِنْ زَالَ تَوَجَّهَ الطَّلَبُ عَلَى الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ، وَيُقَاسُ بِالصَّبِيِّ الْمَجْنُونُ وَالْمَحْجُورُ عَلَيْهِ بِسَفَهٍ، سَوَاءٌ أَكَانَ الضَّامِنُ بِإِذْنِهِمَا قَبْلَ الْجُنُونِ وَالْحَجْرِ أَمْ بِإِذْنِ وَلِيِّهِمَا بَعْدَ ذَلِكَ.

تَنْبِيهٌ قَدْ يُفْهِمُ اقْتِصَارُ الْمُصَنِّفِ عَلَى الْمُطَالَبَةِ: أَنَّ الضَّامِنَ إذَا حُبِسَ لَا يُحْبَسُ الْأَصِيلُ، وَهُوَ كَذَلِكَ إذْ لَمْ يَفُتْ عَلَيْهِ قَبْلَ تَسْلِيمِهِ شَيْءٌ. قَالَ فِي الْمَطْلَبِ: وَلَا مُلَازَمَتُهُ، وَصَحَّحَ السُّبْكِيُّ جَوَازَ الْحَبْسِ؛ لِأَنَّ الْأَصِيلَ لَا يُعْطِي شَيْئًا إذَا عَلِمَ أَنَّهُ لَا يُحْبَسُ، وَحِينَئِذٍ فَلَا يَبْقَى لِتَجْوِيزِ الْمُطَالَبَةِ فَائِدَةٌ. (وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يُطَالِبُهُ) بِتَخْلِيصِهِ (قَبْلَ أَنْ يُطَالَبَ) هُوَ بِالدَّيْنِ كَمَا لَا يَغْرَمُهُ قَبْلَ أَنْ يَغْرَمَ. وَالثَّانِي يُطَالَبُ بِتَخْلِيصِهِ كَمَا لَوْ اسْتَعَارَ عَيْنًا لِلرَّهْنِ وَرَهَنَهَا فَإِنَّ لِلْمَالِكِ مُطَالَبَتَهُ بِفَكِّهَا، وَفَرَّقَ الْأَوَّلَ بِأَنَّ الرَّهْنَ مَحْبُوسٌ بِالدَّيْنِ، وَفِيهِ ضَرَرٌ ظَاهِرٌ بِخِلَافِ الضَّامِنِ، وَعَلَى الْأَوَّلِ لَيْسَ لَهُ: أَنْ يَقُولَ لِلْمَضْمُونِ لَهُ إمَّا أَنْ تُبْرِئَنِي مِنْ الْحَقِّ وَإِمَّا أَنْ تُطَالِبَنِي بِهِ؛ لِأُطَالِبَ الْمَضْمُونَ عَنْهُ كَمَا قَالَ الْبَنْدَنِيجِيُّ: وَمَحَلُّ الْخِلَافِ، إذَا كَانَ الدَّيْنُ حَالًّا، وَإِلَّا فَلَيْسَ لَهُ مُطَالَبَتُهُ قَطْعًا، وَلَا يُطَالِبُ الضَّامِنُ بِالْإِذْنِ الْأَصِيلَ بِالْمَالِ مَا لَمْ يُسَلِّمْهُ، فَلَوْ دَفَعَ إلَيْهِ الْأَصِيلُ الْمَالَ بِلَا مُطَالَبَةٍ، وَقُلْنَا: لَا يَمْلِكُهُ، وَهُوَ الْأَصَحُّ فَعَلَيْهِ رَدُّهُ، وَيَضْمَنُهُ إنْ تَلَفَ كَالْمَقْبُوضِ بِشِرَاءٍ فَاسِدٍ، فَلَوْ قَالَ لَهُ: اقْضِ بِهِ مَا ضَمِنْت عَنِّي فَهُوَ وَكِيلٌ، وَالْمَالُ أَمَانَةٌ فِي يَدِهِ وَلَوْ أَبْرَأَ الضَّامِنُ الْأَصِيلَ أَوْ صَالَحَ عَمَّا سَيَغْرَمُ فِي مَالِهِ أَوْ رَهَنَهُ الْأَصِيلُ شَيْئًا بِمَا ضَمِنَهُ أَوْ أَقَامَ بِهِ كَفِيلًا لَمْ يَصِحَّ؛ لِأَنَّ الضَّامِنَ لَا يَثْبُت لَهُ حَقٌّ بِمُجَرَّدِ الضَّمَانِ، وَلَوْ شَرَطَ الضَّامِنُ فِي ابْتِدَاءِ الضَّمَانِ أَنْ يُرْهِنَهُ الْأَصِيلُ شَيْئًا أَوْ يُقِيمَ لَهُ بِهِ ضَامِنًا فَسَدَ الضَّمَانُ لِفَسَادِ الشَّرْطِ.

(وَلِلضَّامِنِ) الْغَارِمِ (الرُّجُوعُ عَلَى الْأَصِيلِ إنْ وُجِدَ إذْنُهُ فِي الضَّمَانِ وَالْأَدَاءِ) ؛ لِأَنَّهُ صَرْفُ مَالِهِ إلَى مَنْفَعَةِ الْغَيْرِ بِإِذْنِهِ، هَذَا إنْ أَدَّى مِنْ مَالِهِ. أَمَّا لَوْ أَخَذَ مِنْ سَهْمِ الْغَارِمِينَ، فَأَدَّى بِهِ الدَّيْنَ فَإِنَّهُ لَا يَرْجِعُ كَمَا ذَكَرُوهُ فِي قَسْمِ الصَّدَقَاتِ خِلَافًا لِلْمُتَوَلِّي (وَإِنْ انْتَفَى) إذْنُهُ (فِيهِمَا) أَيْ الضَّمَانِ وَالْأَدَاءِ (فَلَا) رُجُوعَ لِتَبَرُّعِهِ؛ وَلِأَنَّهُ لَوْ كَانَ لَهُ الرُّجُوعُ لَمَا صَلَّى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -

<<  <  ج: ص:  >  >>