وَإِنْ أَذِنَ فِي الضَّمَانِ فَقَطْ رَجَعَ فِي الْأَصَحِّ، وَلَا عَكْسَ فِي الْأَصَحِّ، وَلَوْ أَدَّى مُكَسَّرًا عَنْ صِحَاحٍ أَوْ صَالَحَ عَنْ مِائَةٍ بِثَوْبٍ قِيمَتُهُ خَمْسُونَ فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ إلَّا بِمَا غَرِمَ
ــ
[مغني المحتاج]
عَلَى الْمَيِّتِ بِضَمَانِ أَبِي قَتَادَةَ (وَإِنْ أَذِنَ فِي الضَّمَانِ فَقَطْ) وَسَكَتَ عَنْ الْأَدَاءِ (رَجَعَ فِي الْأَصَحِّ) ؛ لِأَنَّهُ أَذِنَ فِي سَبَبِ الْأَدَاءِ. وَالثَّانِي لَا يَرْجِعُ لِانْتِفَاءِ الْإِذْنِ فِي الْأَدَاءِ، وَيُسْتَثْنَى مِنْ إطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ الرُّجُوعُ مَا إذَا ثَبَتَ الضَّمَانُ بِالْبَيِّنَةِ، وَهُوَ مُنْكِرٌ كَأَنْ ادَّعَى عَلَى زَيْدٍ وَغَائِبٍ أَلْفًا وَأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا ضَمِنَ مَا عَلَى الْآخَرِ بِإِذْنِهِ فَأَنْكَرَ زَيْدٌ فَأَقَامَ الْمُدَّعِي بَيِّنَةً وَغَرَّمَهُ لَمْ يَرْجِعْ زَيْدٌ عَلَى الْغَائِبِ بِالنِّصْفِ لِكَوْنِهِ مُكَذِّبًا لِلْبَيِّنَةِ فَهُوَ مَظْلُومٌ بِزَعْمِهِ فَلَا يَرْجِعُ عَلَى غَيْرِ ظَالِمِهِ، وَمَا لَوْ ضَمِنَ عَبْدٌ مَا فِي ذِمَّةِ سَيِّدِهِ لِأَجْنَبِيٍّ وَأَدَّى بَعْدَ الْعِتْقِ فَإِنَّهُ لَا يَرْجِعُ فِي الْأَصَحِّ، وَمَا لَوْ قَالَ الضَّامِنُ بِالْإِذْنِ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُؤَدِّيَ دَيْنَ فُلَانٍ وَلَا أَرْجِعُ بِهِ فَإِنَّهُ إذَا أَدَّى لَا يَرْجِعُ (وَلَا عَكْسَ فِي الْأَصَحِّ) أَيْ لَا رُجُوعَ فِيمَا إذَا ضَمِنَ بِغَيْرِ الْإِذْنِ وَأَدَّى بِالْإِذْنِ؛ لِأَنَّ وُجُوبَ الْأَدَاءِ بِسَبَبِ الضَّمَانِ وَلَمْ يَأْذَنْ فِيهِ.
وَالثَّانِي: يَرْجِعُ لِأَنَّهُ أَسْقَطَ الدَّيْنَ عَنْ الْأَصِيلِ بِإِذْنِهِ وَيُسْتَثْنَى مِنْ إطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ عَدَمَ الرُّجُوعِ مَا لَوْ أَدَّى بِشَرْطِ الرُّجُوعِ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ كَغَيْرِ الضَّامِنِ وَحَيْثُ ثَبَتَ الرُّجُوعُ فَحُكْمُهُ حُكْمُ الْقَرْضِ حَتَّى يَرْجِعَ فِي الْمُتَقَوِّمِ بِمِثْلِهِ صُورَةً كَمَا قَالَهُ الْقَاضِي حُسَيْنٌ (وَلَوْ أَدَّى مُكَسَّرًا عَنْ صِحَاحٍ أَوْ صَالَحَ عَنْ مِائَةٍ بِثَوْبٍ قِيمَتُهُ خَمْسُونَ، فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ إلَّا بِمَا غَرِمَ) ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي بَدَّلَهُ.
وَالثَّانِي: يَرْجِعُ بِالصِّحَاحِ وَالْمِائَةِ لِحُصُولِ بَرَاءَةِ الذِّمَّةِ، وَالنُّقْصَانُ جَرَى مِنْ رَبِّ الْمَالِ مُسَامَحَةً لِلضَّامِنِ، وَلَوْ بَاعَهُ الثَّوْبَ بِمِائَةٍ وَتَقَاصَّا، أَوْ قَالَ: بِعْتُك الثَّوْبَ بِمَا ضَمِنْته لَك عَنْ فُلَانٍ صَحَّ الْبَيْعُ وَرَجَعَ بِمَا ضَمِنَهُ، وَلَوْ صَالَحَ الضَّامِنُ الْمُسْتَحِقَّ مِنْ الدَّيْنِ عَلَى بَعْضِهِ أَوْ أَدَّى إلَيْهِ الْبَعْضَ وَأَبْرَأَهُ مِنْ الْبَاقِي رَجَعَ بِمَا أَدَّى وَبَرِئَ فِيهِمَا وَبَرِئَ الْأَصِيلُ عَنْ الْبَاقِي فِي صُورَةِ الصُّلْحِ دُونَ صُورَةِ الْبَرَاءَةِ؛ لِأَنَّ الصُّلْحَ يَقَعُ عَنْ أَصْلِ الدَّيْنِ، وَبَرَاءَةُ الضَّامِنِ إنَّمَا تَقَعُ عَنْ الْوَثِيقَةِ.
. فُرُوعٌ لَوْ أَحَالَ الْمُسْتَحِقُّ عَلَى الضَّامِنِ، ثُمَّ أَبْرَأَ الْمُحْتَالُ الضَّامِنَ هَلْ يَرْجِعُ الضَّامِنُ عَلَى الْأَصِيلِ أَوْ لَا؟ رَجَّحَ الْجَلَالُ الْبُلْقِينِيُّ الْأَوَّلَ وَالْمُعْتَمَدُ الثَّانِي لِقَوْلِ الْأَصْحَابِ إذَا غَرِمَ رَجَعَ بِمَا غَرِمَ وَهَذَا لَمْ يَغْرَمْ، وَمِثْلُ ذَلِكَ مَا لَوْ وَهَبَهُ الْمُسْتَحِقُّ الدَّيْنَ فَإِنَّهُ لَا يَرْجِعُ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَبَضَهُ مِنْهُ، ثُمَّ وَهَبَهُ لَهُ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ كَمَا لَوْ وَهَبَتْ الْمَرْأَةُ الصَّدَاقَ لِلزَّوْجِ، ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَيْهَا بِنِصْفِهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَبْرَأَتْهُ مِنْهُ قَبْلَ قَبْضِهَا فَإِنَّهُ لَا يَرْجِعُ عَلَيْهَا بِشَيْءٍ، وَلَوْ ضَمِنَ ذِمِّيٌّ لِذِمِّيٍّ عَنْ مُسْلِمٍ دَيْنًا فَصَالَحَ صَاحِبَهُ عَلَى خَمْرٍ لَغَا الصُّلْحُ فَلَا يَبْرَأُ الْمُسْلِمُ كَمَا لَوْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute