شَرْطُ الْمُوَكِّلِ صِحَّةُ مُبَاشَرَتِهِ مَا وَكَّلَ فِيهِ بِمِلْكٍ أَوْ وِلَايَةٍ.
فَلَا يَصِحُّ تَوْكِيلُ صَبِيٍّ وَلَا مَجْنُونٍ
وَلَا الْمَرْأَةِ وَالْمُحْرِمِ فِي النِّكَاحِ.
وَيَصِحُّ تَوْكِيلُ الْوَلِيِّ فِي حَقِّ الطِّفْلِ.
ــ
[مغني المحتاج]
{وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى} [المائدة: ٢] وَلِخَبَرِ «وَاَللَّهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَا دَامَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ» وَأَرْكَانُهَا أَرْبَعَةٌ: مُوَكِّلٌ، وَوَكِيلٌ، وَمُوَكَّلٌ فِيهِ، وَصِيغَةٌ. وَقَدْ شَرَعَ فِي شَرْطِ الرُّكْنِ الْأَوَّلِ فَقَالَ: (شَرْطُ الْمُوَكِّلِ صِحَّةُ مُبَاشَرَتِهِ مَا وَكَّلَ) بِفَتْحِ الْوَاوِ (فِيهِ) وَهُوَ التَّصَرُّفُ الْمَأْذُونُ فِيهِ (بِمِلْكٍ) كَتَوْكِيلِ نَافِذِ التَّصَرُّفِ فِي مَالِهِ (أَوْ وِلَايَةٍ) كَتَوْكِيلِ الْأَبِ أَوْ الْجَدِّ فِي مَالِ مُوَلِّيهِ.
(فَلَا يَصِحُّ تَوْكِيلُ صَبِيٍّ وَلَا مَجْنُونٍ) وَلَا مُغْمًى عَلَيْهِ وَلَا نَائِمٍ فِي التَّصَرُّفَاتِ وَلَا فَاسِقٍ فِي نِكَاحِ ابْنَتِهِ، إذْ لَا تَصِحُّ مُبَاشَرَتُهُمْ لِذَلِكَ، فَإِذَا لَمْ يَقْدِرْ الْأَصْلُ عَلَى تَعَاطِي الشَّيْءِ فَنَائِبُهُ أَوْلَى أَنْ لَا يَقْدِرَ، وَاحْتَرَزَ بِالْمِلْكِ وَالْوِلَايَةِ عَنْ الْوَكِيلِ فَإِنَّهُ لَا يُوَكِّلُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ عَلَى تَفْصِيلٍ يَأْتِي فَإِنَّهُ لَيْسَ بِمَالِكٍ وَلَا وَلِيٍّ.
(وَلَا يَصِحُّ تَوْكِيلُ (الْمَرْأَةِ) أَجْنَبِيًّا (وَ) لَا (الْمُحْرِمِ) بِضَمِّ الْمِيمِ حَلَالًا فِي النِّكَاحِ) أَمَّا الْمَرْأَةُ فَإِنَّهَا لَا تُزَوِّجُ نَفْسَهَا فَلَا تُوَكِّلُ فِيهِ. أَمَّا لَوْ أَذِنَتْ لِلْوَلِيِّ بِصِيغَةِ الْوَكَالَةِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ كَمَا نَقَلَهُ فِي الْبَيَانِ عَنْ النَّصِّ وَصَوَّبَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَأَمَّا الْمُحْرِمُ فَلِلنَّهْيِ عَنْهُ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ. وَصُورَةُ تَوْكِيلِهِ أَنْ يُوَكِّلَ لِيَعْقِدَ لَهُ أَوْ لِمُوَلِّيهِ حَالَ الْإِحْرَامِ، فَإِنْ وَكَّلَهُ لِيَعْقِدَ لَهُ بَعْدَ التَّحَلُّلِ أَوْ أَطْلَقَ صَحَّ؛ لِأَنَّ الْإِحْرَامَ يَمْنَعُ الِانْعِقَادَ دُونَ الْإِذْنِ كَمَا سَيَأْتِي ذَلِكَ فِي النِّكَاحِ وَطَرَدَهُ الْقَاضِي فِيمَا لَوْ وَكَّلَهُ لِيَشْتَرِيَ لَهُ هَذَا الْخَمْرَ بَعْدَ تَخَلُّلِهِ، وَكَذَا لَوْ وَكَّلَ حَلَالٌ مُحْرِمًا لِيُوَكِّلَ حَلَالًا بِالتَّزْوِيجِ عَلَى الْأَصَحِّ؛ لِأَنَّهُ سَفِيرٌ مَحْضٌ، وَإِنْ كَانَ إطْلَاقُ الْمُصَنِّفِ يَقْتَضِي الْمَنْعَ فِي الْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ وَاخْتَارَهُ السُّبْكِيُّ.
(وَيَصِحُّ تَوْكِيلُ الْوَلِيِّ) وَهُوَ الْأَبُ وَالْجَدُّ (فِي حَقِّ الطِّفْلِ) فِي النِّكَاحِ وَالْمَالِ وَالْوَصِيِّ وَالْقَيِّمِ فِي الْمَالِ، فَيُوَكَّلُ الْوَلِيُّ عَنْ الطِّفْلِ أَوْ عَنْ نَفْسِهِ أَوْ عَنْهُمَا مَعًا، وَفَائِدَةُ كَوْنِهِ وَكِيلًا عَنْ الطِّفْلِ أَنَّهُ لَوْ بَلَغَ رَشِيدًا لَمْ يَنْعَزِلْ الْوَكِيلُ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ وَكِيلًا عَنْ الْوَلِيِّ: وَكَالطِّفْلِ الْمَجْنُونِ وَالْمَعْتُوهِ وَالسَّفِيهِ وَالْمَحْجُورِ عَلَيْهِ وَنَحْوِهِمْ، وَلَوْ حَذَفَ الْمُصَنِّفُ الطِّفْلَ لَكَانَ أَوْلَى لِيَشْمَلَ هَؤُلَاءِ.
قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَمَا ذُكِرَ هُنَا فِي تَوْكِيلِ الْوَصِيِّ هُوَ الصَّحِيحُ، وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ فِي الْوَصَايَا أَنَّهُ لَا يُوَكَّلُ، وَلَا يَصِحُّ تَوْكِيلُهُ: أَيْ فِيمَا يَتَوَلَّى مِثْلُهُ فَعَلَيْهِ يُمْكِنُ حَمْلُ مَا هُنَا عَلَى ذَلِكَ، لَكِنَّ الظَّاهِرَ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا الْإِطْلَاقُ، وَيَصِحُّ تَوْكِيلُ السَّفِيهِ وَالْمُفْلِسِ وَالْعَبْدِ فِيمَا يَسْتَقِلُّونَ مِنْ التَّصَرُّفَاتِ، وَلَا يَصِحُّ فِيمَا لَا يَسْتَقِلُّونَ بِهِ إلَّا بَعْدَ إذْنِ الْوَلِيِّ وَالْغَرِيمِ وَالسَّيِّدِ، وَيَصِحُّ تَوْكِيلُ أَصْنَافِ الزَّكَاةِ فِي قَبْضِهَا لَهُمْ. قَالَ فِي الْخَادِمِ وَإِنْ كَانَ الْوَكِيلُ لَا يَجُوزُ لَهُ أَخْذُهَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْقَفَّالُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute