للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَيُسْتَثْنَى تَوْكِيلُ الْأَعْمَى فِي الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ فَيَصِحُّ.

وَشَرْطُ الْوَكِيلِ صِحَّةُ مُبَاشَرَتِهِ التَّصَرُّفَ لِنَفْسِهِ، لَا صَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ وَكَذَا الْمَرْأَةُ وَالْمُحْرِمُ فِي النِّكَاحِ

ــ

[مغني المحتاج]

فِي فَتَاوِيهِ.

(وَيُسْتَثْنَى) مِنْ هَذَا الضَّابِطِ الْمَذْكُورِ طَرْدًا وَعَكْسًا صُوَرٌ. فَمِنْ صُوَرِ الثَّانِي، وَهُوَ مَنْ لَا تَصِحُّ مِنْهُ الْمُبَاشَرَةُ لَا يَصِحُّ مِنْهُ التَّوْكِيلُ (تَوْكِيلُ الْأَعْمَى فِي الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ) وَنَحْوِهِمَا مِمَّا يَتَوَقَّفُ عَلَى الرُّؤْيَةِ كَالْإِجَارَةِ وَالْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ (فَيَصِحُّ) ، وَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى مُبَاشَرَتِهِ لِلضَّرُورَةِ، وَالْمُسْتَحِقُّ لِقَطْعِ طَرَفٍ أَوْ لَحَدِّ قَذْفٍ، فَيَصِحُّ أَنْ يُوَكِّلَ فِي اسْتِيفَائِهِ مَعَ أَنَّهُ يَمْتَنِعُ عَلَيْهِ اسْتِيفَاؤُهُ، وَمَا لَوْ وَكَّلَ الْمُشْتَرِي بِإِذْنِ الْبَائِعِ مَنْ يَقْبِضُ الثَّمَنَ مِنْهُ لِلْبَائِعِ مَعَ أَنَّهُ يَمْتَنِعُ قَبْضُهُ مِنْ نَفْسِهِ، وَمَا لَوْ وَكَّلَتْ امْرَأَةٌ رَجُلًا بِإِذْنِ الْوَلِيِّ لَا عَنْهَا بَلْ عَنْهُ أَوْ مُطْلَقًا فِي نِكَاحِ مُوَلِّيَتِهِ فَيَصِحُّ فَإِنْ كَانَتْ الْمُوَكِّلَةُ هِيَ الْمُوَلِّيَةَ فَكَذَلِكَ فِي أَحَدِ وَجْهَيْنِ، رَجَّحَهُ ابْنُ الصَّبَّاغِ وَالْمُتَوَلِّي.

وَمَا لَوْ وَكَّلَتْ مَالِكَةُ الْأَمَةِ وَلِيَّهَا فِي تَزْوِيجِ الْأَمَةِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ، وَإِنْ لَمْ تَمْلِكُ هِيَ تَزْوِيجَهَا، وَمِنْ الْأَوَّلِ، وَهُوَ أَنَّ كُلَّ مَنْ صَحَّتْ مِنْهُ الْمُبَاشَرَةُ بِالْمِلْكِ وَالْوِلَايَةِ صَحَّ مِنْهُ التَّوْكِيلُ: الْوَلِيُّ غَيْرُ الْمُجْبَرِ إذَا أَذِنَتْ لَهُ مُوَلِّيَتُهُ فِي النِّكَاحِ وَنَهَتْهُ عَنْ التَّوْكِيلِ فَإِنَّهُ لَا يُوَكِّلُ، وَمَا إذَا جَوَّزْنَا لِصَاحِبِ الدَّيْنِ أَنْ يَكْسِرَ الْبَابَ وَيَأْخُذَ مَا يَجِدُهُ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ التَّوْكِيلُ فِيهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ جَمَاعَةٌ، وَيَحْتَمِلُ جَوَازُهُ عِنْدَ عَجْزِهِ، وَمَا إذَا طَلَّقَ إحْدَى زَوْجَتَيْهِ أَوْ أَعْتَقَ إحْدَى رَقِيقَيْهِ أَوْ أَسْلَمَ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعٍ لَا يُوَكِّلُ فِي التَّعْيِينِ وَلَا فِي الِاخْتِيَارِ، إذَا عَيَّنَ لِلْوَكِيلِ الْمُعَيَّنَ أَوْ الْمُخْتَارَ، فَهُوَ كَالتَّوْكِيلِ فِي الرَّجْعَةِ، وَالْأَصَحُّ فِيهَا الصِّحَّةُ كَمَا سَيَأْتِي فَيَصِحُّ، وَمَا لَوْ اسْتَحَقَّ الْمُسْلِمُ قِصَاصًا مِنْ مُسْلِمٍ لَا يُوَكِّلُ فِي اسْتِيفَائِهِ كَافِرًا، وَالسَّفِيهُ الْمَأْذُونُ لَهُ فِي النِّكَاحِ لَيْسَ لَهُ التَّوْكِيلُ فِيهِ، فَإِنَّ حِجْرَهُ لَمْ يَرْتَفِعْ إلَّا عَنْ مُبَاشَرَتِهِ، وَالْوَكِيلُ لَا يَسْتَقِلُّ بِالتَّوْكِيلِ فِيمَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ، وَالتَّوْكِيلُ فِي الْإِقْرَارِ مُمْتَنِعٌ عَلَى الصَّحِيحِ، وَفِي رَدِّ الْمَغْصُوبِ وَالْمَسْرُوقِ مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَى الرَّدِّ بِنَفْسِهِ لَا يَجُوزُ كَمَا قَالَهُ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ، وَلَيْسَ لِلْمُسْلِمِ أَنْ يُوَكِّلَ كَافِرًا فِي نِكَاحِ مُسْلِمَةٍ.

ثُمَّ شَرَعَ فِي شَرْطِ الرُّكْنِ الثَّانِي: وَهُوَ الْوَكِيلُ، فَقَالَ: (وَشَرْطُ الْوَكِيلِ صِحَّةُ مُبَاشَرَتِهِ التَّصَرُّفَ) الْمَأْذُونَ فِيهِ (لِنَفْسِهِ) وَإِلَّا فَلَا يَصِحُّ تَوَكُّلُهُ لِأَنَّ تَصَرُّفَ الشَّخْصِ لِنَفْسِهِ أَقْوَى مِنْ تَصَرُّفِهِ لِغَيْرِهِ، فَإِنَّ تَصَرُّفَهُ لَهُ بِطَرِيقِ الْأَصَالَةِ وَلِغَيْرِهِ بِطَرِيقِ النِّيَابَةِ، فَإِذَا لَمْ يَقْدِرْ عَلَى الْأَقْوَى لَا يَقْدِرُ عَلَى الْأَضْعَفِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى فَلَا يَصِحُّ تَوْكِيلُ مُغْمًى عَلَيْهِ، وَ (لَا صَبِيٍّ وَ) لَا (مَجْنُونٍ) وَلَا نَائِمٍ وَلَا مَعْتُوهٍ لِسَلْبِ وِلَايَتِهِمْ (وَكَذَا الْمَرْأَةُ وَالْمُحْرِمُ) بِضَمِّ الْمِيمِ (فِي) عَقْدِ (النِّكَاحِ) إيجَابًا وَقَبُولًا لِسَلْبِ عِبَارَتِهِمَا فِيهِ، وَلَا يَصِحُّ تَوْكِيلُ الْمَرْأَةِ فِي الرَّجْعَةِ وَلَا فِي الِاخْتِيَارِ لِلنِّكَاحِ إذَا أَسْلَمَ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِ نِسْوَةٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>