وَلَوْ أَذِنَ فِي التَّوْكِيلِ وَقَالَ: وَكِّلْ عَنْ نَفْسِكَ فَفَعَلَ فَالثَّانِي وَكِيلُ الْوَكِيلِ، وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَنْعَزِلُ بِعَزْلِهِ وَانْعِزَالِهِ.
وَإِنْ قَالَ وَكِّلْ عَنِّي فَالثَّانِي وَكِيلُ الْمُوَكِّلِ، وَكَذَا لَوْ أَطْلَقَ فِي الْأَصَحِّ. قُلْت: وَفِي هَاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ لَا يَعْزِلُ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ وَلَا يَنْعَزِلُ بِانْعِزَالِهِ.
ــ
[مغني المحتاج]
فِي الْجَمِيعِ؛ لِأَنَّهُ مَلَكَ التَّوْكِيلَ فِي الْبَعْضِ فَيُوَكِّلُ فِي الْكُلِّ وَهَذِهِ طَرِيقَةٌ.
وَالثَّانِي: لَا يُوَكِّلُ فِي الْمُمْكِنِ وَفِي الزَّائِدِ عَلَيْهِ وَجْهَانِ. وَالثَّالِثَةُ: فِي الْكُلِّ وَجْهَانِ، وَلَوْ وَكَّلَهُ فِيمَا يُمْكِنُهُ عَادَةً وَلَكِنَّهُ عَاجِزٌ عَنْهُ لِسَفَرٍ أَوْ مَرَضٍ، فَإِنْ كَانَ التَّوْكِيلُ فِي حَالِ عِلْمِهِ بِسَفَرِهِ أَوْ مَرَضِهِ جَازَ لَهُ أَنْ يُوَكِّلَ، وَإِنْ طَرَأَ الْعَجْزُ فَلَا خِلَافًا لِلْجُوَيْنِيِّ قَالَهُ فِي، الْمَطْلَبِ وَكَطُرُوِّ الْعَجْزِ مَا لَوْ جَهِلَ الْمُوَكِّلُ حَالَ تَوْكِيلِهِ ذَلِكَ كَمَا يُؤْخَذُ مِمَّا مَرَّ آنِفًا عَنْ الْإِسْنَوِيِّ.
تَنْبِيهٌ هَلْ الْمُرَادُ بِالْعَجْزِ أَنْ لَا يُتَصَوَّرَ الْقِيَامُ بِالْجَمِيعِ مَعَ بَذْلِ الْمَجْهُودِ أَوْ أَنَّهُ لَا يَقُومُ بِهِ إلَّا بِكُلْفَةٍ عَظِيمَةٍ؟ فِيهِ وَجْهَانِ: فِي النِّهَايَةِ وَالْبَسِيطِ أَظْهَرُهُمَا الثَّانِي: كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامٍ مُجَلَّى فِي الذَّخَائِرِ، وَحَيْثُ وَكَّلَهُ فِي هَذِهِ الْأَقْسَامِ فَإِنَّمَا يُوَكَّلُ عَنْ مُوَكِّلِهِ فَإِنْ وَكَّلَ عَنْ نَفْسِهِ فَالْأَصَحُّ فِي زِيَادَةِ الرَّوْضَةِ الْمَنْعُ.
(وَلَوْ أَذِنَ) الْمُوَكِّلُ (فِي التَّوْكِيلِ قَالَ) لِلْوَكِيلِ (وَكِّلْ عَنْ نَفْسِكَ فَفَعَلَ فَالثَّانِي وَكِيلُ الْوَكِيلِ) عَمَلًا بِإِذْنِ الْمُوَكِّلِ، وَقِيلَ: إنَّهُ وَكِيلُ الْمُوَكِّلِ، وَكَأَنَّهُ قَالَ: أَقِمْ غَيْرَك مَقَامَك (وَ) عَلَى الْأَوَّلِ (الْأَصَحُّ أَنَّهُ يَنْعَزِلُ) أَيْ الثَّانِي: (بِعَزْلِهِ) أَيْ الْأَوَّلِ (وَانْعِزَالِهِ) بِمَوْتِهِ أَوْ جُنُونِهِ أَوْ عَزْلِ مُوَكِّلِهِ لَهُ، وَالثَّانِي لَا يَنْعَزِلُ بِذَلِكَ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ وَكِيلٌ عَنْ الْمُوَكِّلِ، وَعَلَى الْأَوَّلِ لِلْمُوَكِّلِ أَيْضًا عَزْلُ الثَّانِي لِأَنَّهُ فَرْعُ الْفَرْعِ كَمَا يَنْعَزِلُ بِمَوْتِهِ وَجُنُونِهِ.
تَنْبِيهٌ جَزَمَ الْمُصَنِّفُ بِأَنَّ الثَّانِيَ وَكِيلُ الْوَكِيلِ وَحِكَايَتُهُ وَجْهَيْنِ مَعَ ذَلِكَ فِي انْعِزَالِهِ بِعَزْلِ الْوَكِيلِ، وَانْعِزَالُهُ غَيْرُ صَحِيحٍ فِي الْمَعْنَى وَمُخَالِفٌ لِمَا فِي الشَّرْحِ وَالرَّوْضَةِ مِنْ حِكَايَةِ خِلَافٍ فِي الْبِنَاءِ، وَبِنَاءُ الْعَزْلِ عَلَيْهِمَا كَمَا تَقَرَّرَ.
(وَإِنْ قَالَ) لَهُ (وَكِّلْ عَنِّي) فَفَعَلَ (فَالثَّانِي وَكِيلُ الْمُوَكِّلِ) ؛ لِأَنَّهُ مُقْتَضَى الْإِذْنِ (وَكَذَا لَوْ أَطْلَقَ) بِأَنْ قَالَ: وَكِّلْ وَلَمْ يَقُلْ عَنِّي وَلَا عَنْك (فِي الْأَصَحِّ) ؛ لِأَنَّ تَوْكِيلَ الْأَوَّلِ لَهُ تَصَرُّفٌ وَقَعَ بِإِذْنِ الْمُوَكِّلِ فَيَقَعُ عَنْهُ. وَالثَّانِي: أَنَّهُ وَكِيلُ الْوَكِيلِ، وَكَأَنَّهُ قَصَدَ تَسْهِيلَ الْأَمْرِ عَلَيْهِ كَمَا لَوْ قَالَ الْإِمَامُ أَوْ الْقَاضِي لِنَائِبِهِ: اسْتَنِبْ فَاسْتَنَابَ، فَإِنَّهُ نَائِبٌ عَنْهُ لَا عَنْ مُنِيبِهِ، وَفَرَّقَ الْأَوَّلَ بِأَنَّ الْقَاضِيَ نَاظِرٌ فِي حَقِّ غَيْرِ الْمُوَلِّي كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَالْوَكِيلُ نَاظِرٌ فِي حَقِّ الْمُوَكِّلِ (قُلْت: وَفِي هَاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ) وَهُمَا مَا إذَا قَالَ: عَنِّي أَوْ أَطْلَقَ (لَا يَعْزِلُ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ وَلَا يَنْعَزِلُ بِانْعِزَالِهِ) فَإِنَّهُ لَيْسَ وَكِيلًا عَنْهُ، فَفِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute