للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَحَيْثُ جَوَّزْنَا لِلْوَكِيلِ التَّوْكِيلَ يُشْتَرَطُ أَنْ يُوَكِّلَ أَمِينًا إلَّا أَنْ يُعَيِّنَ الْمُوَكِّلُ غَيْرَهُ، وَلَوْ وَكَّلَ أَمِينًا فَفُسِّقَ لَمْ يَمْلِكْ الْوَكِيلُ عَزْلَهُ فِي الْأَصَحِّ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ــ

[مغني المحتاج]

الْأُولَى جَزْمًا، وَفِي الثَّانِيَةِ عَلَى الْأَصَحِّ قَالَ ابْنُ النَّقِيبِ وَلَوْ سَكَتَ عَنْ هَذَا لَفُهِمَ مِنْ التَّفْرِيعِ، وَلَكِنَّهُ أَرَادَ زِيَادَةَ الْإِيضَاحِ اهـ وَلِلْمُوَكِّلِ عَزْلُ أَيِّهِمَا شَاءَ.

(وَحَيْثُ جَوَّزْنَا لِلْوَكِيلِ التَّوْكِيلَ) عَنْهُ أَوْ عَنْ الْمُوَكِّلِ (يُشْتَرَطُ أَنْ يُوَكِّلَ أَمِينًا) رِعَايَةً لِمَصْلَحَةِ الْمُوَكِّلِ.

تَنْبِيهٌ ظَاهِرُ إطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ تَوْكِيلُ غَيْرِ الْأَمِينِ، وَلَوْ نَصَّ لَهُ عَلَى الثَّمَنِ وَالْمُشْتَرِي، وَهُوَ كَذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ فِيهِ احْتِمَالٌ لِصَاحِبِ الْمَطْلَبِ، لِأَنَّهَا اسْتِنَابَةٌ عَنْ الْغَيْرِ (إلَّا أَنْ يُعَيِّنَ الْمُوَكِّلُ غَيْرَهُ) أَيْ الْأَمِينِ فَيَتْبَعُ تَعْيِينَهُ فَلَهُ أَنْ يُوَكِّلَهُ لِإِذْنِهِ فِيهِ، وَلَوْ عَلِمَ الْوَكِيلُ فِسْقَ الْمُعَيَّنِ دُونَ الْمُوَكِّلِ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: فَيَظْهَرُ تَخْرِيجُهُ عَلَى مَا إذَا وَكَّلَهُ فِي شِرَاءِ مُعَيَّنٍ، فَاطَّلَعَ الْوَكِيلُ عَلَى عَيْبِهِ دُونَ الْمُوَكِّلِ وَقَدْ سَبَقَ أَنَّهُ لَا يَشْتَرِيهِ، فَتُسْتَثْنَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مِنْ كَلَامِهِ، وَلَوْ عَيَّنَ لَهُ فَاسِقًا فَزَادَ فِسْقُهُ امْتَنَعَ عَلَيْهِ تَوْكِيلُهُ كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ كَنَظِيرِهِ، فِيمَا لَوْ زَادَ فِسْقُ عَدْلِ الرَّهْنِ، هَذَا كُلُّهُ فِيمَنْ وَكَّلَ عَنْ نَفْسِهِ، أَمَّا الْمُوَكِّلُ عَنْ غَيْرِهِ كَالْوَلِيِّ فَلَا يَجُوزُ لِمُوَكِّلِهِ أَنْ يُوَكِّلَهُ وَلَا غَيْرَهُ.

تَنْبِيهٌ مُقْتَضَى التَّعْبِيرِ بِالتَّعْيِينِ: أَنَّهُ إذَا عَمَّمَ، فَقَالَ: وَكِّلْ مَنْ شِئْت لَا يَجُوزُ تَوْكِيلُ غَيْرِ الْأَمِينِ وَهُوَ كَذَلِكَ فَإِنْ قِيلَ: قَدْ قَالُوا فِي النِّكَاحِ إنَّ الْمَرْأَةَ إذَا قَالَتْ: زَوِّجْنِي مِمَّنْ شِئْت جَازَ تَزْوِيجُهَا مِنْ الْأَكْفَاءِ وَغَيْرِهِمْ فَقِيَاسُهُ الْجَوَازُ هُنَا، بَلْ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ ثَمَّ يَصِحُّ وَلَا خِيَارَ لَهَا، وَهُنَا يُسْتَدْرَكُ؛ لِأَنَّهُ إذَا وَكَّلَ فَاسِقًا فَبَاعَ بِدُونِ ثَمَنِ الْمِثْلِ لَا يَصِحُّ أَوْ اشْتَرَى مُعَيَّنًا ثَبَتَ الْخِيَارُ.

أُجِيبَ بِأَنَّ الْمَقْصُودَ بِالتَّوْكِيلِ فِي التَّصَرُّفِ فِي الْأَمْوَالِ حِفْظُهَا وَتَحْصِيلُ مَقَاصِدِ الْمُوَكِّلِ فِيهَا، وَهَذَا يُنَافِيهِ تَوْكِيلُ الْفَاسِقِ بِخِلَافِ الْكَفَاءَةِ فَإِنَّهَا صِفَةُ كَمَالٍ وَقَدْ تُسَامِحُ الْمَرْأَةُ بِتَرْكِهَا لِحَاجَةِ الْقُوتِ أَوْ غَيْرِهِ، وَقَدْ يَكُونُ غَيْرُ الْكُفْءِ أَصْلَحَ لَهَا. وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُوَكِّلَ هُنَا إنَّمَا قَصَدَ التَّوْسِعَةَ عَلَيْهِ بِعَدَمِ التَّعْيِينِ بِشَرْطِ النَّظَرِ لَهُ بِالْمَصْلَحَةِ (وَلَوْ وَكَّلَ) الْوَكِيلُ (أَمِينًا) فِي الصُّورَتَيْنِ السَّابِقَتَيْنِ (فَفُسِّقَ لَمْ يَمْلِكْ الْوَكِيلُ عَزْلَهُ فِي الْأَصَحِّ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) ؛ لِأَنَّهُ أَذِنَ لَهُ فِي التَّوْكِيلِ دُونَ الْعَزْلِ. وَالثَّانِي: يَمْلِكُ عَزْلَهُ؛ لِأَنَّ الْإِذْنَ فِي التَّوْكِيلِ يَقْتَضِي تَوْكِيلَ الْأُمَنَاءِ، فَإِذَا فُسِّقَ لَمْ يَجُزْ اسْتِعْمَالُهُ فَيَجُوزُ عَزْلُهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>