للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَإِنْ ادَّعَى الْبُلُوغَ بِالِاحْتِلَامِ مَعَ الْإِمْكَانِ صُدِّقَ وَلَا يُحَلَّفُ، وَإِنْ ادَّعَاهُ بِالسِّنِّ طُولِبَ بِبَيِّنَةٍ.

وَالسَّفِيهُ وَالْمُفْلِسُ سَبَقَ حُكْمُ إقْرَارِهِمَا.

وَيُقْبَلُ إقْرَارُ الرَّقِيقِ بِمُوجِبِ عُقُوبَةٍ،

ــ

[مغني المحتاج]

فَهُوَ مِلْكُهُ، فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُقِرَّ بِهِ لِغَيْرِهِ.

(فَإِنْ ادَّعَى) الصَّبِيُّ أَوْ الصَّبِيَّةُ (الْبُلُوغَ بِالِاحْتِلَامِ) أَوْ ادَّعَتْهُ الصَّبِيَّةُ بِالْحَيْضِ (مَعَ الْإِمْكَانِ) لَهُ بِأَنَّ كَانَ فِي سِنٍّ يَحْتَمِلُ الْبُلُوغَ، وَقَدْ مَرَّ بَيَانُ زَمَنِ الْإِمْكَانِ فِي بَابَيْ الْحَيْضِ وَالْحَجْرِ (صُدِّقَ) فِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَا يُعْرَفُ إلَّا مِنْ جِهَتِهِ، وَالْمُرَادُ بِالِاحْتِلَامِ الْإِنْزَالُ فِي يَقَظَةٍ أَوْ مَنَامٍ (وَلَا يُحَلَّفُ) عَلَيْهِ، وَإِنْ فَرَضَ ذَلِكَ فِي خُصُومَةٍ وَادَّعَى خَصْمُهُ صِبَاهُ لِيُفْسِد مُعَامَلَتَهُ؛ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ صَادِقًا فَلَا حَاجَةَ إلَى الْيَمِينِ، وَإِلَّا فَلَا فَائِدَةَ فِيهَا، لِأَنَّ يَمِينَ الصَّبِيِّ غَيْرُ مُنْعَقِدَةٍ، وَلَوْ طَلَبَ غَازٍ سَهْمَهُ مِنْ الْمُقَاتَلَةِ وَادَّعَى الْبُلُوغَ بِالِاحْتِلَامِ وَجَبَ تَحْلِيفُهُ إنْ اُتُّهِمَ وَأَخَذَ السَّهْمَ، فَإِنْ لَمْ يَحْلِفْ لَمْ يُعْطَ شَيْئًا.

فَإِنْ قِيلَ: هَذِهِ الصُّورَةُ تُشْكِلُ عَلَى مَا قَبْلَهَا.

أُجِيبَ بِأَنَّ الْكَلَامَ فِيمَا مَرَّ فِي وُجُودِ الْبُلُوغِ فِي الْحَالِ، وَفِي هَذِهِ فِي وُجُودِهِ فِيمَا مَضَى؛ لِأَنَّ صُورَتَهَا أَنَّ تَنَازُعَ الصَّبِيِّ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْحَرْبِ فِي بُلُوغِهِ حَالَ الْحَرْبِ. لَكِنْ يُشْكِلُ عَلَى هَذَا مَا لَوْ طَلَبَ إثْبَاتَ اسْمِهِ فِي الدِّيوَانِ فَإِنَّهُ يُحَلَّفُ، وَالْأَوْلَى فِي الْجَوَابِ كَمَا أَفَادَهُ شَيْخِي أَنْ يُقَالَ: إنْ لَمْ يَرِدْ مُزَاحَمَةَ غَيْرِهِ فِي حَقِّهِ كَطَلَبِ السَّهْمِ أَوْ لَمْ يَثْبُتْ لَهُ اسْتِحْقَاقًا كَطَلَبِ إثْبَاتِ اسْمِهِ فِي الدِّيوَانِ لَمْ يُحَلَّفْ وَإِلَّا حُلِّفَ، وَإِذَا لَمْ يُحَلَّفْ فَبَلَغَ مَبْلَغًا يُقْطَعُ فِيهِ بِبُلُوغِهِ. قَالَ الْإِمَامُ: فَالظَّاهِرُ أَيْضًا أَنَّهُ لَا يُحَلَّفُ عَلَى أَنَّهُ كَانَ بَالِغًا حِينَئِذٍ؛ لِأَنَّا إذَا حَكَمْنَا بِمُوجِبِ قَوْلِهِ: فَقَدْ أَنْهَيْنَا الْخُصُومَةَ نِهَايَتَهَا، وَأَقَرَّهُ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ الْكَبِيرِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ مِنْ غَيْرِ عَزْوٍ.

(وَإِنْ ادَّعَاهُ بِالسِّنِّ) بِأَنْ قَالَ: اسْتَكْمَلْت خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً (طُولِبَ بِبَيِّنَةٍ) عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ غَرِيبًا لِإِمْكَانِهَا، وَلَوْ أَطْلَقَ الْإِقْرَارَ بِالْبُلُوغِ وَلَمْ يُعَيِّنْ نَوْعًا فَفِي تَصْدِيقِهِ وَجْهَانِ فِي فَتَاوَى الْقَاضِي: أَوْجَهُهُمَا كَمَا اخْتَارَهُ الْأَذْرَعِيُّ الِاسْتِفْسَارُ: أَيْ إنْ أَمْكَنَ وَإِلَّا فَالْقَبُولُ، وَكَذَا إذَا أَطْلَقَتْ الْبَيِّنَةَ، فَإِنْ قَالَتْ بِالسِّنِّ فَلَا بُدَّ مِنْ بَيَانِ قَدْرِهِ؛ لِأَنَّ الْبُلُوغ بِهِ مُخْتَلَفٌ فِيهِ نَبَّهَ عَلَيْهِ شَيْخِي.

وَلَوْ أَقَرَّ الرَّشِيدُ بِإِتْلَافِهِ مَالًا فِي صِغَرِهِ قُبِلَ كَمَا لَوْ قَامَتْ بِهِ بَيِّنَةٌ، وَمَحَلُّهُ كَمَا بَحَثَهُ الْبُلْقِينِيُّ إذَا لَمْ يَكُنْ عَلَى وَجْهٍ لَا يَسْقُطُ عَنْ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ، فَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ كَالْمُقْتَرِضِ فَلَا يُؤَاخَذُ بِهِ.

(وَالسَّفِيهُ وَالْمُفْلِسُ سَبَقَ حُكْمُ إقْرَارِهِمَا) فِي بَابَيْ الْحَجْرِ وَالتَّفْلِيسِ، وَمِمَّا لَمْ يَسْبِقْ إقْرَارُ الْمُفْلِسِ بِالنِّكَاحِ، وَهُوَ مَقْبُولٌ بِخِلَافِ السَّفِيهِ فَلَا يُقْبَلُ، وَيُقْبَلُ إقْرَارُ السَّفِيهَةِ لِمَنْ صَدَّقَهَا كَالرَّشِيدَةِ، إذْ لَا أَثَرَ لِلسَّفَهِ مِنْ جَانِبِهَا، وَالْفَرْقُ بَيْنَ إقْرَارِ السَّفِيهَةِ وَالسَّفِيهِ بِذَلِكَ فِي إقْرَارِهَا تَحْصِيلُ مَالٍ وَفِي إقْرَارِهِ تَفْوِيتُهُ.

(وَيُقْبَلُ إقْرَارُ الرَّقِيقِ بِمُوجِبِ) بِكَسْرِ الْجِيمِ (عُقُوبَةٍ) كَقِصَاصٍ وَشُرْب خَمْرٍ وَزِنَا

<<  <  ج: ص:  >  >>