للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَلَوْ أَقَرَّ بِدَيْنِ جِنَايَةٍ لَا تُوجِبُ عُقُوبَةً فَكَذَّبَهُ السَّيِّدُ تَعَلَّقَ بِذِمَّتِهِ دُونَ رَقَبَتِهِ.

ــ

[مغني المحتاج]

وَسَرِقَةٍ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْقَطْعِ لِبُعْدِ التُّهْمَةِ فِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّ النُّفُوسَ مَجْبُولَةٌ عَلَى حُبِّ الْحَيَاةِ وَالِاحْتِرَازِ عَنْ الْآلَامِ. رُوِيَ أَنَّ عَلِيًّا قَطَعَ عَبْدًا بِإِقْرَارِهِ، وَلَوْ عَفَا مُسْتَحِقُّ الْقِصَاصِ عَلَى مَالٍ تَعَلَّقَ بِرَقَبَةِ الْعَبْدِ وَإِنْ كَذَّبَهُ السَّيِّدُ.

فَائِدَةٌ لَا يَصِحُّ الْإِقْرَارُ عَلَى الْغَيْرِ إلَّا هُنَا وَفِي إقْرَارِ الْوَارِثِ بِوَارِثٍ آخَرَ قَالَهُ صَاحِبُ التَّعْجِيزِ، وَيَضْمَنُ مَالَ السَّرِقَةِ فِي ذِمَّتِهِ إنْ لَمْ يُصَدِّقْهُ السَّيِّدُ يُتْبَعُ بِهِ إذَا عَتَقَ، فَإِنْ صَدَّقَهُ أَخَذَ الْمَالَ إنْ كَانَ بَاقِيًا وَإِلَّا بِيعَ فِي الْجِنَايَةِ إنْ لَمْ يَفْدِهِ السَّيِّدُ وَلَا يُتْبَعُ بَعْد الْعِتْقِ بِمَا زَادَ عَلَى قِيمَتِهِ، إذْ لَا يَجْتَمِع التَّعَلُّقُ بِالرَّقَبَةِ مَعَ التَّعَلُّقِ بِالذِّمَّةِ وَالدَّعْوَى عَلَيْهِ فِيمَا يُقْبَلُ إقْرَارُهُ بِهِ وَإِلَّا فَعَلَى سَيِّدِهِ؛ لِأَنَّ الرَّقَبَةَ الْمُتَعَلِّقَ بِهَا الْمَالُ حَقُّهُ، فَإِنْ قَالَ الْمُدَّعِي: لِي بَيِّنَةٌ فَقِيلَ تُسْمَع الدَّعْوَى عَلَيْهِمَا لِانْتِفَاءِ التُّهْمَةِ، وَهُوَ مَا نَقَلَهُ فِي الرَّوْضَةِ هُنَا عَنْ الْبَغَوِيِّ وَالرَّاجِحُ أَنَّهُ لَا تُسْمَعُ عَلَى الْعَبْدِ كَمَا فِي الدَّعَاوَى، نَبَّهَ عَلَيْهِ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ وَسَيَأْتِي ثَمَّ فِيهِ زِيَادَةُ بَيَانٍ، وَإِنْ أَقَرَّ مَنْ نِصْفُهُ حُرٌّ مَثَلًا بِدَيْنِ إتْلَافٍ لَزِمَهُ نِصْفُ مَا أَقَرَّ بِإِتْلَافِهِ، وَلَا يُقْبَلُ إقْرَارُهُ عَلَى سَيِّدِهِ إلَّا أَنْ يُصَدِّقَهُ فَيَتَعَلَّقَ نِصْفُ مَا أَقَرَّ بِهِ بِجُزْئِهِ الرَّقِيقِ، وَالظَّاهِرُ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا أَنَّ مَا لَزِمَ ذِمَّتَهُ فِي نِصْفِهِ الرَّقِيقِ لَا يَجِبُ تَأْخِيرُ الْمُطَالَبَةِ بِهِ إلَى الْعِتْقِ؛ لِأَنَّهَا إنَّمَا أُخِّرَتْ فِي كَامِلِ الرِّقِّ لِعَدَمِ مِلْكِهِ وَالْبَعْضُ يَمْلِكُ (وَلَوْ أَقَرَّ بِدَيْنِ جِنَايَةٍ لَا تُوجِبُ عُقُوبَةً) أَيْ حَدًّا أَوْ قِصَاصًا كَجِنَايَةِ الْخَطَأِ وَالْغَصْبِ وَالْإِتْلَافِ (فَكَذَّبَهُ السَّيِّدُ تَعَلَّقَ بِذِمَّتِهِ دُونَ رَقَبَتِهِ) لِلتُّهْمَةِ وَيُتْبَعُ بِهِ إذَا عَتَقَ، أَمَّا مَا أَوْجَبَ عُقُوبَةً غَيْرَ حَدٍّ أَوْ قِصَاصٍ، فَفِي تَعَلُّقِهِ بِرَقَبَتِهِ أَقْوَالٌ: أَظْهَرُهَا لَا يَتَعَلَّقُ أَيْضًا.

قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَاحْتِرَازُهُ عَنْ ذَلِكَ الْخِلَافِ مَعَ كَوْنِهِ لَمْ يَذْكُرْهُ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ، وَاحْتُرِزَ بِقَوْلِهِ: فَكَذَّبَهُ: أَيْ أَوْ سَكَتَ عَمَّا إذَا صَدَّقَهُ فَإِنَّهُ يَتَعَلَّقُ بِرَقَبَتِهِ وَيُبَاعُ مَا لَمْ يَكُنْ مَرْهُونًا وَلَا جَانِيًا إنْ لَمْ يَفْدِهِ بِأَقَلِّ الْأَمْرَيْنِ مِنْ قِيمَتِهِ وَقَدْرِ الدَّيْنِ، فَإِذَا بِيعَ أَوْ فَدَاهُ السَّيِّدُ وَقَدْ بَقِيَ مِنْ الدَّيْنِ شَيْءٌ لَا يُتْبَعُ بِمَا زَادَ عَلَى قِيمَتِهِ إذَا عَتَقَ؛ لِأَنَّهُ إذَا ثَبَتَ التَّعَلُّقُ بِالرَّقَبَةِ، فَكَأَنَّ الْحَقَّ انْحَصَرَ فِيهَا.

تَنْبِيهٌ لَا يُقْبَلُ إقْرَارُ السَّيِّدِ عَلَى رَقِيقِهِ بِمُوجِبِ عُقُوبَةٍ وَلَا بِدَيْنِ مُعَامَلَةٍ، وَيُقْبَلُ إقْرَارُهُ عَلَيْهِ بِدَيْنِ جِنَايَةٍ وَيَتَعَلَّقُ بِرَقَبَتِهِ، فَلَوْ بِيعَ وَبَقِيَ شَيْءٌ لَمْ يُطَالَبْ بِهِ بَعْدَ الْعِتْقِ وَإِنْ صَدَّقَهُ لِمَا مَرَّ، وَلَوْ أَقَرَّ الرَّقِيقُ بَعْدَ الْعِتْقِ بِإِتْلَافِ مَالٍ لِغَيْرِهِ قَبْلَ عِتْقِهِ لَزِمَهُ دُونَ سَيِّدِهِ، فَإِنْ ثَبَتَ بِالْبَيِّنَةِ، أَنَّهُ كَانَ جَنَى لَزِمَ السَّيِّدَ الْأَقَلُّ مِنْ قِيمَتِهِ وَالْأَرْشُ، وَالدَّعْوَى عَلَى الرَّقِيق بِمَا يَتَعَلَّقُ بِذِمَّتِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>