للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَمَعِي وَعِنْدِي لِلْعَيْنِ، وَلَوْ قَالَ: لِي عَلَيْك أَلْفٌ فَقَالَ: زِنْ أَوْ خُذْ أَوْ زِنْهُ أَوْ خُذْهُ أَوْ اخْتِمْ عَلَيْهِ أَوْ اجْعَلْهُ فِي كِيسَك، فَلَيْسَ بِإِقْرَارٍ، وَلَوْ قَالَ: بَلَى أَوْ نَعَمْ أَوْ صَدَقْت أَوْ أَبْرَأَتْنِي مِنْهُ أَوْ قَضَيْته أَوْ أَنَا مُقِرٌّ بِهِ فَهُوَ إقْرَارٌ،

ــ

[مغني المحتاج]

تَنْبِيهٌ لَوْ عَبَّرَ الْمُصَنِّفُ بِأَوْ هُنَا فَقَالَ: عَلَيَّ أَوْ فِي ذِمَّتِي كَمَا عَبَّرَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ وَفِيمَا سَيَأْتِي فَقَالَ: مَعِي أَوْ عِنْدِي لَكَانَ أَوْلَى لِئَلَّا يُوهِمَ أَنَّ الْمُرَادَ الْهَيْئَةُ الِاجْتِمَاعِيَّةُ (وَمَعِي وَعِنْدِي لِلْعَيْنِ) ؛ لِأَنَّهُمَا ظَرْفَانِ، فَيُحْمَلُ كُلٌّ مِنْهُمَا عِنْدَ الْإِطْلَاقِ عَلَى عَيْنٍ لَهُ بِيَدِهِ، فَلَوْ ادَّعَى أَنَّهَا وَدِيعَةٌ وَأَنَّهَا تَلِفَتْ أَوْ أَنَّهُ رَدَّهَا صُدِّقَ بِيَمِينِهِ، وَقَوْلُهُ: قِبَلِي بِكَسْرِ الْقَافِ، وَفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ لِلْعَيْنِ، وَالدَّيْنُ كَمَا جَرَى عَلَيْهِ ابْنُ الْمُقْرِي تَبَعًا لِمَا رَجَّحَهُ الشَّيْخَانِ بَحْثًا بَعْدَ نَقْلِهِمَا عَنْ الْبَغَوِيِّ أَنَّهُ لِلدَّيْنِ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَلَوْ أَتَى بِلَفْظٍ يَدُلُّ عَلَى الْعَيْنِ، وَآخَرَ عَلَى الدَّيْنِ، كَأَنْ قَالَ لَهُ: عَلَيَّ وَمَعِي عَشَرَةٌ فَالْقِيَاسُ أَنَّهُ يُرْجَعُ إلَيْهِ فِي تَفْسِيرِ بَعْضِ ذَلِكَ بِالْعَيْنِ، وَبَعْضِهِ بِالدَّيْنِ.

(وَلَوْ قَالَ) إنْسَانٌ لِآخَرَ (لِي عَلَيْك أَلْفٌ فَقَالَ) لَهُ: (زِنْ أَوْ خُذْ أَوْ زِنْهُ أَوْ خُذْهُ أَوْ اخْتِمْ عَلَيْهِ أَوْ اجْعَلْهُ فِي كِيسَك) أَوْ هِيَ صِحَاحٌ (فَلَيْسَ بِإِقْرَارٍ) ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِالْتِزَامٍ وَإِنَّمَا يُذْكَرُ فِي مَوْضِعِ الِاسْتِهْزَاءِ (وَلَوْ قَالَ) لَهُ: (بَلَى أَوْ نَعَمْ أَوْ صَدَقْت) أَوْ أَجَلْ أَوْ جَيْرِ أَوْ إي بِمَعْنَى نَعَمْ (أَوْ أَبْرَأَتْنِي مِنْهُ أَوْ قَضَيْته أَوْ أَنَا مُقِرٌّ بِهِ فَهُوَ إقْرَارٌ) أَمَّا الثَّلَاثَةُ الْأُوَلُ؛ فَلِأَنَّهَا أَلْفَاظٌ مَوْضُوعَةٌ لِلتَّصْدِيقِ وَفِي مَعْنَاهَا مَا ذُكِرَ مَعَهَا، وَأَمَّا دَعْوَى الْإِبْرَاءِ وَالِاقْتِضَاءِ؛ فَلِأَنَّهُ قَدْ اعْتَرَفَ بِالشَّغْلِ؛ وَادَّعَى الْإِسْقَاطَ؛ وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ وَفِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا فِيمَا لَوْ قَالَ: لِي عَلَيْكَ أَلْفٌ، فَقَالَ: صَدَقْت أَوْ نَحْوَهُ يُشْبِهُ أَنَّ مَحَلَّ كَوْنِهِ إقْرَارًا إذَا لَمْ تُوجَدْ قَرِينَةٌ تَصْرِفُهُ لِلِاسْتِهْزَاءِ وَالتَّكْذِيبِ كَالْأَدَاءِ وَالْإِيرَادِ: أَيْ: كَيْفِيَّةِ أَدَاءِ الْكَلِمَةِ وَإِيرَادِهَا مِنْ الضَّحِكِ وَغَيْرِهِ كَتَحْرِيكِ الرَّأْسِ عَجَبًا، وَإِنْكَارًا. اهـ.

فَإِنْ وُجِدَ مِنْهُ ذَلِكَ فَفِيهِ خِلَافٌ لِتَعَارُضِ اللَّفْظِ وَالْقَرِينَةِ كَمَا لَوْ قَالَ: لِي عَلَيْك أَلْفٌ فَقَالَ: مُسْتَهْزِئًا: لَك عَلَيَّ أَلْفٌ فَإِنَّ الْمُتَوَلِّيَ حَكَى فِيهِ وَجْهَيْنِ، وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ كَمَا فِي الْمُهِمَّاتِ أَنَّ الْأَصَحَّ اللُّزُومُ.

تَنْبِيهٌ لَوْ اقْتَصَرَ عَلَى قَوْلِهِ: أَبْرَأْتنِي فَلَيْسَ بِإِقْرَارٍ، وَكَذَا قَوْلُهُ: لِلْحَاكِمِ قَدْ أَقَرَّ أَنَّهُ أَبْرَأَنِي أَوْ أَنَّهُ قَدْ اسْتَوْفَى مِنِّي الْأَلْفَ قَالَهُ الْقَفَّالُ فِي فَتَاوِيهِ، وَهُوَ حِيلَةٌ لِدَعْوَى الْبَرَاءَةِ مَعَ السَّلَامَةِ مِنْ الِالْتِزَامِ، وَمِثْلُ ذَلِكَ مَا لَوْ قَالَ: قَدْ أَبْرَأْتنِي مِنْ هَذِهِ الدَّعْوَى فَلَا يَكُونُ مُقِرًّا بِالْحَقِّ. وَأَمَّا قَوْلُهُ: أَنَا مُقِرٌّ بِهِ، فَقَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ الْآتِي، فِي أَنَا مُقِرٌّ بِهِ تَقْيِيدُ حُكْمِ أَنَا مُقِرٌّ بِمَا إذَا خَاطَبَهُ فَقَالَ: أَنَا مُقِرٌّ لَكَ بِهِ، وَإِلَّا فَيُحْتَمَلُ الْإِقْرَارُ بِهِ لِغَيْرِهِ، قَالَهُ الرَّافِعِيُّ وَأَسْقَطَهُ مِنْ الرَّوْضَةِ.

وَأَجَابَ عَنْهُ السُّبْكِيُّ بِأَنَّ الضَّمِيرَ عَائِدٌ إلَى الْأَلْفِ الَّتِي لَهُ: أَيْ: فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُ الْمُقِرِّ أَرَدْتُ بِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>