للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَوْ قَالَ: أَنَا مُقِرٌّ أَوْ أَنَا أُقِرُّ بِهِ، فَلَيْسَ بِإِقْرَارٍ.

وَلَوْ قَالَ: أَلَيْسَ لِي عَلَيْك كَذَا فَقَالَ بَلَى أَوْ نَعَمْ فَإِقْرَارٌ، وَفِي نَعَمْ وَجْهٌ.

ــ

[مغني المحتاج]

غَيْرَكَ كَمَا لَا يُقْبَلُ تَفْسِيرُهُ الدَّرَاهِمَ بِالنَّاقِصَةِ إذَا لَمْ يَصِلْهَا بِالْكَلَامِ وَكَانَتْ دَرَاهِمُ الْبَلَدِ تَامَّةً إذْ الْجَوَابُ مُنَزَّلٌ عَلَى السُّؤَالِ (وَلَوْ قَالَ: أَنَا مُقِرٌّ) وَلَمْ يَقُلْ بِهِ؛ (أَوْ أَنَا أُقِرُّ بِهِ فَلَيْسَ بِإِقْرَارٍ) أَمَّا الْأَوَّلُ: فَلِجَوَازِ أَنْ يُرِيدَ الْإِقْرَارَ بِبُطْلَانِ دَعْوَاهُ أَوْ بِوَحْدَانِيَّةِ اللَّهِ تَعَالَى. وَأَمَّا الثَّانِي: فَلِاحْتِمَالِ الْوَعْدِ بِالْإِقْرَارِ فِي ثَانِي الْحَالِ. فَإِنْ قِيلَ لَوْ قَالَ: لَا أُنْكِرُ مَا تَدَّعِيهِ كَانَ إقْرَارًا مَعَ احْتِمَالِ الْوَعْدِ فَهَلَّا كَانَ هُنَاكَ كَذَلِكَ.

أُجِيبَ بِأَنَّ الْعُمُومَ إلَى النَّفْيِ أَسْرَعُ مِنْهُ إلَى الْإِثْبَاتِ بِدَلِيلِ النَّكِرَةِ فَإِنَّهَا تَعُمُّ فِي حَيِّزِ النَّفْيِ دُونَ الْإِثْبَاتِ. قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَلَك أَنْ تَقُولَ: هَبْ أَنَّ هَذَا الْفَرْقَ مَتِينٌ لَكِنَّهُ لَا يَنْفِي الِاحْتِمَالَ، وَقَاعِدَةُ الْبَابِ الْأَخْذُ بِالْيَقِينِ.

وَأُجِيبَ أَيْضًا بِأَنَّ الْمَفْهُومَ عُرْفًا مِنْ لَا أُنْكِرُ مَا تَدَّعِيهِ أَنَّهُ إقْرَارٌ بِخِلَافِ أَنَا أُقِرُّ بِهِ.

(وَلَوْ قَالَ أَلَيْسَ) أَوْ هَلْ كَمَا فِي الْمَطْلَبِ (لِي عَلَيْك كَذَا فَقَالَ بَلَى أَوْ نَعَمْ فَإِقْرَارٌ) ؛ لِأَنَّهُ الْمَفْهُومُ مِنْهُمَا (وَفِي نَعَمْ) فِي صُورَةِ الْمَتْنِ (وَجْهٌ) أَنَّهُ لَيْسَ بِإِقْرَارٍ لِأَنَّهُ مَوْضُوعٌ لِلتَّصْدِيقِ، فَيَكُونُ مُصَدِّقًا لَهُ قَالَهُ فِي النَّفْيِ، بِخِلَافِ بَلَى، فَإِنَّهَا لِرَدِّ النَّفْيِ، وَنَفْيُ النَّفْيِ إثْبَاتٌ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - فِي قَوْله تَعَالَى: {أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى} [الأعراف: ١٧٢] لَوْ قَالُوا: نَعَمْ كَفَرُوا، فَهَذَا هُوَ مُقْتَضَى اللُّغَةِ وَرَجَّحَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ.

وَأَجَابَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ النَّظَرَ فِي الْإِقْرَارِ إلَى الْعُرْفِ وَأَهْلُهُ يَفْهَمُونَ الْإِقْرَارَ بِنَعَمْ فِيمَا ذُكِرَ، وَاخْتَارَ الْغَزَالِيُّ فِي الْمَنْخُولِ التَّفْصِيلَ بَيْنَ النَّحْوِيِّ وَغَيْرِهِ كَمَا فِي نَظِيرِهِ مِنْ الطَّلَاقِ. وَبِهِ أَجَابَ ابْنُ يُونُسَ فِي الْمُحِيطِ: وَلَوْ قَالَ: لَيْسَ لِي عَلَيْكَ أَلْفٌ فَقَالَ: بَلَى أَوْ نَعَمْ فَالْمُتَّجَهُ كَمَا قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: أَنْ يَجْعَلَ بَلَى إقْرَارًا دُونَ نَعَمْ.

فُرُوعٌ لَوْ قَالَ فِي جَوَابِ مَنْ ادَّعَى عَلَيْهِ بِأَلْفٍ مَا لَك عَلَيَّ أَكْثَرُ مِنْ أَلْفٍ لَمْ يَكُنْ إقْرَارًا؛ لِأَنَّ نَفْيَ الزَّائِدِ عَلَيْهِ لَا يُوجِبُ إثْبَاتَهُ وَلَا إثْبَاتَ مَا دُونَهُ، وَنَعَمْ إقْرَارٌ بِالْعَبْدِ مَثَلًا لِمَنْ قَالَ: اشْتَرِ عَبْدِي كَمَا أَنَّهُ إقْرَارٌ بِهِ لِمَنْ قَالَ: أَعْتِقْ عَبْدِي، لَا لِمَنْ قَالَ: اشْتَرِ هَذَا الْعَبْدَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَعْتَرِفْ لَهُ إلَّا بِكَوْنِهِ يَمْلِكُ بَيْعَهُ لَا نَفْسَهُ، وَلَوْ قَالَ فِي جَوَابِ دَعْوَاهُ: لَا تَدُمْ الْمُطَالَبَةُ، وَمَا أَكْثَرُ مَا تَتَقَاضَى لَمْ يَكُنْ إقْرَارًا لِعَدَمِ صَرَاحَتِهِ، قَالَهُ ابْنُ الْعِمَادِ، وَلَوْ قَالَ فِي جَوَابِ دَعْوَى عَيْنٍ بِيَدِهِ: اشْتَرَيْتُهَا أَوْ مَلَكْتُهَا مِنْك أَوْ مِنْ وَكِيلِك كَانَ إقْرَارًا لِتَضَمُّنِ ذَلِكَ الْمِلْكِ لِلْمُخَاطَبِ عُرْفًا وَلَمْ يَنْظُرُوا إلَى احْتِمَالِ كَوْنِ الْمُخَاطَبِ وَكِيلًا فِي الْبَيْعِ، وَلَا إلَى احْتِمَالِ كَوْنِ الْوَكِيلِ بَاعَ مِلْكَ غَيْرِ الْمُخَاطَبِ لِبُعْدِهِ عَنْ الْمَقَامِ، بِخِلَافِ قَوْلِهِ مَلَكْتهَا عَلَى يَدِك لَا يَكُونُ إقْرَارًا؛ لِأَنَّ مَعْنَاهُ كُنْت وَكِيلًا فِي تَمْلِيكِهَا.

(وَلَوْ قَالَ: اقْضِ الْأَلْفَ الَّذِي لِي عَلَيْك فَقَالَ

<<  <  ج: ص:  >  >>