للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ مَا يَنْمَحِقُ أَوْ يَنْسَحِقُ بِاسْتِعْمَالٍ، وَالثَّالِثُ يَضْمَنُ الْمُنْمَحِقَ،

ــ

[مغني المحتاج]

عِنْدَ تَلَفِهِ كَالْمُسْتَأْمَنِ، فَلَوْ أَعَارَهَا بِشَرْطِ أَنْ تَكُونَ أَمَانَةً لَغَا الشَّرْطُ، كَمَا ذَكَرَهُ الشَّيْخَانِ وَلَمْ يَتَعَرَّضَا لِصِحَّتِهَا وَلَا لِفَسَادِهَا، وَمُقْتَضَى كَلَامِ الْإِسْنَوِيِّ صِحَّتُهَا وَإِلَيْهِ يُومِئُ تَعْبِيرُهَا بِأَنَّ الشَّرْطَ لَغْوٌ.

فَرْعٌ لَوْ أَعَارَ عَيْنًا بِشَرْطِ ضَمَانِهَا عِنْدَ تَلَفِهَا بِقَدْرٍ مُعَيَّنٍ فَسَدَ الشَّرْطُ دُونَ الْعَارِيَّةِ كَمَا قَالَهُ الْمُتَوَلِّي، وَإِنْ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: فِيهِ وَقْفَةٌ، وَفِي كَيْفِيَّةِ ضَمَانِ الْعَارِيَّةِ خِلَافٌ ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ آخِرَ الْبَابِ، وَسَكَتَ عَنْ ضَمَانِ الْأَجْزَاءِ، إذَا أُتْلِفَتْ، وَالْأَصَحُّ أَنَّهَا كَالْعَيْنِ، وَقِيلَ لَا يَضْمَنُهَا إلَّا بِالتَّعَدِّي، وَلَوْ اسْتَعَارَ حِمَارَةً مَعَهَا جَحْشٌ فَهَلَكَ لَمْ يَضْمَنْهُ: لِأَنَّهُ إنَّمَا أَخَذَهُ لِتَعَذُّرِ حَبْسِهِ عَنْ أُمِّهِ، وَكَذَا لَوْ اسْتَعَارَهَا فَتَبِعَهَا وَلَدُهَا وَلَمْ يَتَعَرَّضْ الْمَالِكُ لَهُ بِنَفْيٍ وَلَا إثْبَاتٍ فَهُوَ أَمَانَةٌ. قَالَهُ الْقَاضِي، وَلَوْ اسْتَعَارَ عَبْدًا عَلَيْهِ ثِيَابٌ لَمْ تَكُنْ مَضْمُونَةً عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْخُذْهَا لِيَسْتَعْمِلَهَا بِخِلَافِ إكَافِ الدَّابَّةِ. قَالَهُ الْبَغَوِيّ فِي فَتَاوِيهِ، وَاسْتَثْنَى مِنْ ضَمَانِ الْعَارِيَّةِ مَسَائِلَ مِنْهَا جِلْدُ الْأُضْحِيَّةِ الْمَنْذُورَةِ. فَإِنَّ إعَارَتَهُ جَائِزَةٌ، وَلَا يَضْمَنُهُ الْمُسْتَعِيرُ إذَا تَلِفَ فِي يَدِهِ كَمَا قَالَهُ الْقَاضِي وَالْبُلْقِينِيُّ لِابْتِنَاءِ يَدِهِ عَلَى يَدِ مَنْ لَيْسَ بِمَالِكٍ، وَمِنْهَا الْمُسْتَعَارُ لِلرَّهْنِ إذَا تَلِفَ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ، لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَلَا عَلَى الْمُسْتَعِيرِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي بَابِ الرَّهْنِ، وَمِنْهَا لَوْ اسْتَعَارَ صَيْدًا مِنْ مُحْرِمٍ فَتَلِفَ فِي يَدِهِ لَمْ يَضْمَنْهُ فِي الْأَصَحِّ، وَمِنْهَا مَا لَوْ أَعَارَ الْإِمَامُ شَيْئًا مِنْ بَيْتِ الْمَالِ، لِمَنْ لَهُ حَقٌّ فِي بَيْتِ الْمَالِ فَتَلِفَ فِي يَدِ الْمُسْتَعِيرِ فَلَا ضَمَانَ لَكِنْ قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ هَذَا لَيْسَ بِعَارِيَّةٍ وَمِثْلُهُ لَوْ اسْتَعَارَ الْفَقِيهُ كِتَابًا مَوْقُوفًا عَلَى الْمُسْلِمِينَ؛ لِأَنَّهُ مِنْ جُمْلَةِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ، وَقَدْ أَفْتَى الْأَذْرَعِيُّ بِأَنَّ الْفَقِيهَ لَا يَضْمَنُ الْكِتَابَ الْمَوْقُوفَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ إذَا اسْتَعَارَهُ وَتَلِفَ فِي يَدِهِ مِنْ غَيْرِ تَفْرِيطٍ، وَمِنْهَا مَا لَوْ أَصْدَقَ زَوْجَتَهُ مَنْفَعَةً أَوْ صَالَحَ عَلَى مَنْفَعَةٍ أَوْ جَعَلَ رَأْسَ مَالٍ السَّلَمِ مَنْفَعَةً. فَإِنَّهُ إذَا أَعَارَهَا مُسْتَحِقُّ الْمَنْفَعَةِ شَخْصًا فَتَلِفَتْ تَحْتَ يَدِهِ لَمْ يَضْمَنْ عَلَى الْأَصَحِّ (وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ) ، أَيْ الْمُسْتَعِيرَ (لَا يَضْمَنُ مَا يَنْمَحِقُ) أَيْ يَتْلَفُ بِالْكُلِّيَّةِ (أَوْ يَنْسَحِقُ) ، أَيْ يَنْقُصُ كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ (بِاسْتِعْمَالٍ) مَأْذُونٍ فِيهِ لِحُدُوثِهِ عَنْ سَبَبٍ مَأْذُونٍ فِيهِ، فَأَشْبَهَ قَوْلَهُ: اُقْتُلْ عَبْدِي أَوْ اقْطَعْ يَدَهُ، وَالثَّانِي: يَضْمَنُ لِحَدِيثِ «عَلَى الْيَدِ مَا أَخَذَتْ حَتَّى تُؤَدِّيَهُ» فَإِذَا تَعَذَّرَ الرَّدُّ ضَمِنَهُ (وَالثَّالِثُ) وَهُوَ مِنْ زِيَادَةِ الْمُصَنِّفِ (يَضْمَنُ الْمُنْمَحِقَ) دُونَ الْمُنْسَحِقِ؛ لِأَنَّ مُقْتَضَى الْإِعَارَةِ الرَّدُّ وَلَمْ يُوجَدْ فِي الْمُنْمَحِقِ، فَيَضْمَنُهُ بِخِلَافِ الْمُنْسَحِقِ

<<  <  ج: ص:  >  >>