للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَالْمُسْتَعِيرُ مِنْ مُسْتَأْجِرٍ لَا يَضْمَنُ فِي الْأَصَحِّ.

وَلَوْ تَلِفَتْ دَابَّتُهُ فِي يَدِ وَكِيلٍ بَعْثُهُ فِي شُغْلِهِ أَوْ فِي يَدِ مَنْ سَلَّمَهَا إلَيْهِ لِيُرَوِّضَهَا فَلَا ضَمَانَ،

ــ

[مغني المحتاج]

تَنْبِيهٌ تَلَفُ الدَّابَّةِ بِرُكُوبٍ أَوْ حَمْلٍ مُعْتَادَيْنِ كَالِانْمِحَاقِ وَتَعِيبُهَا بِذَلِكَ كَالِانْسِحَاقِ، وَلَوْ أَعَارَهُ سَيْفًا يُقَاتِلُ بِهِ فَانْكَسَرَ فِي الْقِتَالِ لَمْ يَضْمَنْهُ كَانْسِحَاقِ الثَّوْبِ، قَالَهُ الصَّيْمَرِيُّ، وَيُسْتَثْنَى الْهَدْيُ وَالْأُضْحِيَّةُ الْمَنْذُورَانِ يَجُوزُ إعَارَتُهُمَا. قَالَ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ فِي الْأُضْحِيَّةِ وَإِنْ نَقَصَا بِذَلِكَ ضَمِنَ. اهـ.

فَإِنْ أَرَادَ الْمُسْتَعِيرَ فَهُوَ صَرِيحٌ فِي الِاسْتِثْنَاءِ، وَإِنْ أَرَادَ الْمُعِيرَ لَزِمَ مِنْهُ ضَمَانُ الْمُسْتَعِيرِ أَيْضًا، وَصَرَّحَ الزَّرْكَشِيُّ أَيْضًا بِضَمَانِ الْمُعِيرِ. ثُمَّ قَالَ: وَلَيْسَ لَنَا عَارِيَّةٌ جَائِزَةٌ مَعَ الْعِلْمِ بِالْحَالِ يَضْمَنُ الْمُعِيرُ فِيهَا إلَّا هَذِهِ الصُّورَةُ: أَيْ إذَا كَانَ بَعْدَ دُخُولِ الْوَقْتِ وَالتَّمَكُّنِ مِنْ الذَّبْحِ، وَإِلَّا فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْمُعِيرِ وَلَا عَلَى الْمُسْتَعِيرِ؛ لِأَنَّ يَدَ الْمُعِيرِ يَدُ أَمَانَةٍ كَالْمُسْتَأْجِرِ، نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ ابْنُ الْعِمَادِ (وَالْمُسْتَعِيرُ مِنْ مُسْتَأْجِرٍ) إجَارَةً صَحِيحَةً (لَا يَضْمَنُ) التَّالِفَ (فِي الْأَصَحِّ) ؛ لِأَنَّهُ نَائِبُهُ وَهُوَ لَا يَضْمَنُ. وَالثَّانِي: يَضْمَنُ كَالْمُسْتَقْرِضِ مِنْ الْمَالِكِ، فَإِنْ كَانَتْ الْإِجَارَةُ فَاسِدَةً ضَمِنَا مَعًا، وَالْقَرَارُ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ كَمَا قَالَهُ الْبَغَوِيّ فِي فَتَاوِيهِ. فَإِنْ قِيلَ: فَاسِدُ كُلِّ عَقْدٍ كَصَحِيحِهِ فَكَانَ يَنْبَغِي هُنَا عَدَمُ الضَّمَانِ.

أُجِيبَ بِأَنَّ الْفَاسِدَةَ لَيْسَتْ حُكْمَ الصَّحِيحَةِ فِي كُلِّ مَا يَقْتَضِيه بَلْ فِي سُقُوطِ الضَّمَانِ بِمَا يَتَنَاوَلَهُ الْإِذْنُ لَا بِمَا اقْتَضَاهُ حُكْمُهَا وَالْمُسْتَعِيرُ مِنْ الْمُوصَى لَهُ بِالْمَنْفَعَةِ الْمَوْقُوفَةِ عَلَيْهِ حَيْثُ يَجُوزُ لَهُ الْإِعَارَةُ كَالْمُسْتَعِيرِ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ. قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: وَالضَّابِطُ لِذَلِكَ أَنْ تَكُونَ الْمَنْفَعَةُ مُسْتَحَقَّةً لِشَخْصٍ اسْتِحْقَاقًا لَازِمًا وَلَيْسَتْ الرَّقَبَةُ لَهُ، فَإِذَا أَعَارَ لَا يَضْمَنُ الْمُسْتَعِيرُ مِنْهُ، وَسَيَأْتِي حُكْمُ الْمُسْتَعِيرِ مِنْ الْغَاصِبِ فِي بَابِهِ، وَلَوْ اسْتَعَارَ فَقِيهٌ كِتَابًا مَوْقُوفًا عَلَى الْمُسْلِمِينَ شَرَطَ وَاقِفُهُ أَنْ لَا يُعَارَ إلَّا بِرَهْنٍ بِحِرْزِ قِيمَتِهِ فَسُرِقَ مِنْ حِرْزِهِ لَا ضَمَانَ؛ لِأَنَّهُ مُسْتَحَقٌّ تَلِفَ فِي يَدِهِ بِلَا تَفْرِيطٍ وَإِنْ سُمِّيَ عَارِيَّةً عُرْفًا. قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُؤْخَذَ عَلَى الْعَارِيَّةِ رَهْنٌ وَلَا ضَامِنٌ، فَإِنْ شُرِطَ فِيهَا ذَلِكَ بَطَلَتْ.

(وَلَوْ تَلِفَتْ دَابَّتُهُ فِي يَدِ وَكِيلٍ) لَهُ (بَعْثُهُ فِي شُغْلِهِ، أَوْ) تَلِفَتْ (فِي يَدِ مَنْ سَلَّمَهَا إلَيْهِ لِيُرَوِّضهَا) أَيْ: يُعَلِّمَهَا الْمَشْيَ مِنْ غَيْرِ تَفْرِيطٍ (فَلَا ضَمَانَ) عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْخُذْهَا لِغَرَضِ نَفْسِهِ بَلْ لِغَرَضِ الْمَالِكِ، هَذَا، إذَا رَكِبَهَا فِي الرِّيَاضَةِ، فَإِنْ رَكِبَهَا فِي غَيْرِهَا فَتَلِفَتْ ضَمِنَ، وَهَكَذَا لَوْ دَفَعَ إلَيْهِ غُلَامَهُ لِيُعَلِّمَهُ حِرْفَةً فَاسْتَعْمَلَهُ فِي غَيْرِهَا، وَلَوْ أَرْكَبَ الْمَالِكُ دَابَّتَهُ مُنْقَطِعًا فِي الطَّرِيقِ تَقَرُّبًا لِلَّهِ تَعَالَى فَتَلِفَتْ ضَمِنَهَا سَوَاءٌ الْتَمَسَ الرَّاكِبَ أَمْ ابْتَدَأَهُ الْمُرْكَبُ وَإِنْ أَرْدَفَهُ فَتَلِفَتْ بِغَيْرِ الرُّكُوبِ فَعَلَيْهِ نِصْفُ الضَّمَانِ، وَلَوْ وَضَعَ مَتَاعَهُ عَلَى دَابَّةِ شَخْصٍ، وَقَالَ لَهُ: سَيِّرْهَا فَفَعَلَ فَتَلِفَتْ بِغَيْرِ الْوَضْعِ ضَمِنَهَا كَسَائِرِ الْعَوَارِيِّ وَإِنْ كَانَ عَلَيْهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>