للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَلَهُ الِانْتِفَاعُ بِحَسَبِ الْإِذْنِ.

فَإِنْ أَعَارَهُ لِزِرَاعَةِ حِنْطَةٍ زَرَعَهَا وَمِثْلَهَا إنْ لَمْ يَنْهَهُ، أَوْ لِشَعِيرٍ لَمْ يَزْرَعْ فَوْقَهُ كَحِنْطَةٍ،

ــ

[مغني المحتاج]

مَتَاعٌ لِغَيْرِهِ فَتَلِفَتْ بِذَلِكَ ضَمِنَ مِنْهَا بِقِسْطِ مَتَاعِهِ؛ لِأَنَّهُ مُسْتَعِيرٌ مِنْهَا بِقِسْطِهِ مِمَّا عَلَيْهَا، حَتَّى لَوْ كَانَ عَلَيْهَا مِثْلُ مَتَاعِهِ ضَمِنَ نِصْفَهَا، فَإِنْ سَيَّرَهَا مَالِكُهَا بِغَيْرِ أَمْرِ الْوَاضِعِ فَتَلِفَتْ لَمْ يَضْمَنْ الْوَاضِعُ؛ لِأَنَّهَا تَحْتَ يَدِ مَالِكِهَا، بَلْ يَضْمَنُ الْمَالِكُ مَتَاعَهُ إذْ لَهُ طَرْحُهُ عَنْهَا، وَلَوْ حَمَلَ صَاحِبُ الدَّابَّةِ مَتَاعَ شَخْصٍ بِسُؤَالِ الشَّخْصِ فَهُوَ مُعِيرٌ، أَوْ بِسُؤَالِهِ هُوَ فَهُوَ وَدِيعٌ (وَلَهُ) أَيْ الْمُسْتَعِيرِ (الِانْتِفَاعُ) بِالْمُعَارِ (بِحَسَبِ الْإِذْنِ) لِرِضَا الْمَالِكِ بِهِ دُونَ غَيْرِهِ، وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَوْ أَعَارَهُ دَابَّةً لِيَرْكَبَهَا إلَى مَوْضِعِ، وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِلرُّكُوبِ فِي الرُّجُوعِ أَنَّهُ لَا يَرْكَبُهَا فِي الرُّجُوعِ، لَكِنْ فِي الشَّرْحِ وَالرَّوْضَةِ أَوْ أَخَّرَ الْإِجَارَةَ. عَنْ الْعَبَّادِيِّ: أَنَّ لَهُ الرُّكُوبَ فِي الرَّدِّ وَأَقَرَّاهُ، بِخِلَافِ الدَّابَّةِ الْمُسْتَأْجَرَةِ إلَى مَوْضِعٍ، فَلَيْسَ لَهُ رُكُوبُهَا فِي الرُّجُوعِ عَلَى الْأَصَحِّ، وَالْفَرْقُ أَنَّ الرَّدَّ لَازِمٌ لِلْمُسْتَعِيرِ فَالْإِذْنُ يَتَنَاوَلُ رُكُوبَهَا فِي الْعَوْدِ بِالْعُرْفِ، وَالْمُسْتَأْجِرُ لَا رَدَّ عَلَيْهِ، وَإِنْ اسْتَعَارَ لِلرُّكُوبِ إلَى مَوْضِعٍ فَجَاوَزَهُ ضَمِنَ أُجْرَةَ ذَهَابِ مُجَاوَزَتِهِ عَنْهُ وَرُجُوعِهِ إلَيْهِ لِتَعَدِّيهِ. وَهَلْ لَهُ الرُّجُوعُ بِهَا إلَى مَكَانِهَا الَّذِي اسْتَعَارَهَا مِنْهُ أَوْ لَا؟ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا لَا؛ لِأَنَّ الْإِذْنَ قَدْ انْقَطَعَ بِالْمُجَاوَزَةِ فَيُسَلِّمُهَا إلَى حَاكِمِ تِلْكَ الْبَلَدِ. وَثَانِيهمَا نَعَمْ وَهُوَ الْأَوْجَهُ، وَصَحَّحَهُ السُّبْكِيُّ وَتَبِعَهُ الْبُلْقِينِيُّ، كَمَا لَا يَنْعَزِلُ الْوَكِيلُ عَنْ وَكَالَتِهِ بِتَعَدِّيهِ بِجَامِعِ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا عَقْدٌ جَائِزٌ، وَلَا يَلْزَمُهُ عَلَى هَذَا أُجْرَةُ الرُّجُوعِ، وَنَظِيرُ ذَلِكَ مَا لَوْ سَافَرَ بِوَاحِدَةٍ مِنْ نِسَائِهِ بِالْقُرْعَةِ وَزَادَ مُقَامُهُ فِي الْبَلَدِ الَّذِي مَضَى إلَيْهِ قَضَى الزَّائِدَ لِبَقِيَّةِ نِسَائِهِ، وَفِي قَضَاءِ الرُّجُوعِ وَجْهَانِ: أَصَحُّهُمَا لَا قَضَاءَ، وَلَوْ أَوْدَعَهُ ثَوْبًا مَثَلًا ثُمَّ أَذِنَ لَهُ فِي لُبْسِهِ، فَإِنْ لَبِسَهُ صَارَ عَارِيَّةً وَإِلَّا فَهُوَ بَاقٍ عَلَى كَوْنِهِ وَدِيعَةً، وَلَوْ اسْتَعَارَ صُنْدُوقًا فَوَجَدَ فِيهِ دَرَاهِمَ أَوْ غَيْرَهَا فَهِيَ أَمَانَةٌ عِنْدَهُ، كَمَا لَوْ طَرَحَتْ الرِّيحُ ثَوْبًا فِي دَارِهِ فَإِنْ أَتْلَفَهَا وَلَوْ جَاهِلًا بِهَا أَوْ تَلِفَتْ بِتَقْصِيرِهِ ضَمِنَهَا.

ثُمَّ شَرَعَ فِي الْحُكْمِ الثَّانِي، وَهُوَ تَسَلُّطُ الْمُسْتَعِيرِ عَلَى الِانْتِفَاعِ الْمَأْذُونِ فِيهِ فَقَالَ: (فَإِنْ أَعَارَهُ) أَرْضًا (لِزِرَاعَةِ حِنْطَةٍ) مَثَلًا (زَرَعَهَا) لِإِذْنِهِ فِيهَا (وَمِثْلَهَا) أَوْ دُونَهَا فِي الضَّرَرِ، فَإِنْ قَالَ: أَزْرَعُ الْبُرَّ فَلَهُ زَرْعُ الشَّعِيرِ وَالْبَاقِلَّاءِ وَنَحْوِهِمَا كَالْجُلُبَّانِ وَالْحِمَّصِ؛ لِأَنَّ ضَرَرَهَا فِي الْأَرْضِ فَوْقَ ضَرَرِ مَا ذُكِرَ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَزْرَعَ مَا فَوْقَهُ كَالذُّرَةِ وَالْقُطْنِ وَالْأُرْزِ هَذَا (إنْ لَمْ يَنْهَهُ) عَنْ غَيْرِهَا فَإِنْ نَهَاهُ عَنْهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ زَرْعُهُ تَبَعًا لِنَهْيِهِ، كَمَا لَوْ قَالَ: اشْتَرِ بِمِائَةٍ وَلَا تَشْتَرِ بِخَمْسِينَ، وَلَوْ عَيَّنَ نَوْعًا وَنَهَى عَنْ غَيْرِهِ اُتُّبِعَ، صَرَّحَ بِهِ فِي الْمُحَرَّرِ (أَوْ) أَعَارَهُ أَرْضًا (لِشَعِيرٍ) يَزْرَعُهُ فِيهَا (لَمْ يَزْرَعْ فَوْقَهُ كَحِنْطَةٍ) ؛ لِأَنَّ ضَرَرَهَا أَعْظَمُ مِنْ ضَرَرِهِ، فَإِنْ خَالَفَهُ وَزَرَعَ مَا لَيْسَ لَهُ زَرْعُهُ،

<<  <  ج: ص:  >  >>