للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَوْ حَمَلَ السَّيْلُ بَذْرًا إلَى أَرْضِهِ فَنَبَتَ فَهُوَ لِصَاحِبِ الْبَذْرِ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يُجْبَرُ عَلَى قَلْعِهِ.

وَلَوْ رَكِبَ دَابَّةً وَقَالَ لِمَالِكِهَا أَعَرْتنِيهَا فَقَالَ بَلْ أَجَرْتُكهَا، أَوْ اخْتَلَفَ مَالِكُ الْأَرْضِ وَزَارِعُهَا كَذَلِكَ فَالْمُصَدَّقُ الْمَالِكُ عَلَى الْمَذْهَبِ،

ــ

[مغني المحتاج]

الْمُعَيَّنَ بِغَيْرِهِ كَانَ كَالتَّقْصِيرِ بِالتَّأْخِيرِ، فَيَأْتِي مِثْلُهُ هُنَا أَيْضًا.

(وَلَوْ حَمَلَ السَّيْلُ) أَوْ نَحْوُهُ كَهَوَاءٍ (بَذْرًا) لِغَيْرِهِ (إلَى أَرْضِهِ فَنَبَتَ) فِيهَا (فَهُوَ) أَيْ: النَّابِتُ (لِصَاحِبِ الْبَذْرِ) بِإِعْجَامِ الذَّالِ؛ لِأَنَّهُ عَيْنُ مَالِهِ تَحَوَّلَ إلَى صِفَةٍ أُخْرَى فَلَمْ يَزُلْ مِلْكُهُ عَنْهُ، فَيَجِبُ رَدُّهُ إلَيْهِ إنْ حَضَرَ وَعَلِمَهُ وَإِلَّا، فَيَرُدُّهُ إلَى الْقَاضِي؛ لِأَنَّهُ نَائِبُ الْغَائِبِ وَيَحْفَظُ الْمَالَ الضَّائِعَ.

تَنْبِيهٌ شَمَلَ إطْلَاقُهُ مَا لَوْ كَانَ الْمَحْمُولُ لَا قِيمَةَ لَهُ كَحَبَّةٍ أَوْ نَوَاةٍ لَمْ يُعْرِضْ عَنْهَا مَالِكُهَا وَهُوَ الْأَصَحُّ كَمَا فِي زِيَادَةِ الرَّوْضَةِ (وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ) أَيْ: الْمَالِكَ (يُجْبَرُ عَلَى قَلْعِهِ) أَيْ مَا ذُكِرَ؛ لِأَنَّ مَالِكَ الْأَرْضِ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ. وَالثَّانِي: لَا يُجْبَرُ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُتَعَدٍّ فَهُوَ كَالْمُسْتَعِيرِ، وَعَلَى الْأَوَّلِ يَلْزَمُهُ تَسْوِيَةُ الْأَرْضِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لِتَخْلِيصِ مِلْكِهِ، وَلَا أُجْرَةَ عَلَيْهِ لِلْمُدَّةِ الَّتِي قَبْلَ الْقَلْعِ كَمَا فِي الْمَطْلَبِ لِعَدَمِ فِعْلِهِ. أَمَّا إذَا أَعْرَضَ عَنْهَا مَالِكُهَا وَكَانَ مِمَّنْ يَصِحُّ إعْرَاضُهُ فَهِيَ لِمَالِكِ الْأَرْضِ.

تَنْبِيهٌ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ بَذْرًا: أَيْ مَا سَيَصِيرُ مَبْذُورًا تَسْمِيَةٌ لِاسْمِ الْمَفْعُولِ بِالْمَصْدَرِ فَفِيهِ تَجَوُّزٌ مِنْ وَجْهَيْنِ، فَلَوْ لَمْ يَنْبُتْ الْمَحْمُولُ الَّذِي لَمْ يُعْرِضْ عَنْهُ مَالِكُهُ لَزِمَ رَدُّهُ إلَيْهِ إنْ حَضَرَ، وَإِلَّا فَلِلْقَاضِي كَمَا مَرَّ.

ثُمَّ شَرَعَ فِي الِاخْتِلَافِ بَيْنَ الْمَالِكِ وَذِي الْيَدِ فَقَالَ: (وَلَوْ رَكِبَ) شَخْصٌ (دَابَّةً) لِغَيْرِهِ (وَقَالَ لِمَالِكِهَا: أَعَرْتنِيهَا فَقَالَ) ، لَهُ مَالِكُهَا: (بَلْ أَجَرْتُكهَا) مُدَّةَ كَذَا بِكَذَا (أَوْ اخْتَلَفَ مَالِكُ الْأَرْضِ وَزَارِعُهَا كَذَلِكَ فَالْمُصَدَّقُ الْمَالِكُ عَلَى الْمَذْهَبِ) إذَا اخْتَلَفَا بَعْدَ مُضِيِّ مُدَّةٍ لِمِثْلِهَا أُجْرَةٌ وَالدَّابَّةُ بَاقِيَةٌ؛ لِأَنَّ الْمَنَافِعَ تَصِحُّ الْمُعَاوَضَةُ عَلَيْهَا كَالْأَعْيَانِ وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي الْعَيْنِ. بَعْدَ تَلَفِهَا، كَأَنْ أَكَلَ طَعَامَ غَيْرِهِ وَقَالَ: كُنْتُ أَبَحْتُهُ لِي وَأَنْكَرَ الْمَالِكُ؛ فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ، فَكَذَا هُنَا، فَيَحْلِفُ عَلَى النَّفْيِ وَالْإِثْبَاتِ، وَلَهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ فِي الْأَصَحِّ الْمَنْصُوصِ، وَقِيلَ: الْمُسَمَّى، وَقِيلَ: الْأَقَلُّ مِنْهُمَا، وَالْمُرَادُ بِتَصْدِيقِ الْمَالِكِ فِي اسْتِحْقَاقِ الْأُجْرَةِ، لَا فِي أَنَّهُ يُصَدَّقُ فِي عَقْدِ الْإِجَارَةِ حَتَّى يَتَمَكَّنَ الْآخَرُ مِنْ أَخْذِ الْمَنَافِعِ إذَا كَانَ الِاخْتِلَافُ فِي أَوَّلِ الْمُدَّةِ أَوْ فِي أَثْنَائِهَا، فَإِنْ نَكَلَ الْمَالِكُ لَمْ يَحْلِفْ الرَّاكِبُ وَلَا الزَّارِعُ؛ لِأَنَّهُمَا لَا يَدَّعِيَانِ الْإِعَارَةَ وَلَيْسَتْ لَازِمَةً، وَقِيلَ يَحْلِفَانِ وَنُسِبَ لِلْقَاضِي حُسَيْنٍ لِلتَّخْلِيصِ مِنْ غُرْمٍ. وَالثَّانِي: يَصَّدَّقُ الرَّاكِبُ وَالزَّارِعُ؛ لِأَنَّ الْمَالِكَ وَافَقَهُمَا عَلَى إبَاحَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>