وَكَذَا لَوْ قَالَ: أَعَرْتَنِي. وَقَالَ بَلْ غَصَبْتَ مِنِّي، فَإِنْ تَلِفَتْ الْعَيْنُ فَقَدْ اتَّفَقَا عَلَى الضَّمَانِ، لَكِنَّ الْأَصَحَّ أَنَّ الْعَارِيَّةَ تُضْمَنُ بِقِيمَةِ يَوْمِ التَّلَفِ، لَا بِأَقْصَى الْقِيَمِ وَلَا بِيَوْمِ الْقَبْضِ، فَإِنْ كَانَ مَا يَدَّعِيهِ الْمَالِكُ أَكْثَرَ حَلَفَ لِلزِّيَادَةِ.
ــ
[مغني المحتاج]
الْمَنْفَعَةِ لَهُمَا، وَالْأَصْلُ بَرَاءَةُ ذِمَّتِهِمَا مِنْ الْأُجْرَةِ الَّتِي يَدَّعِيهَا. وَالثَّالِثُ: يَصَّدَّقُ الْمَالِكُ فِي الْأَرْضِ دُونَ الدَّابَّةِ؛ لِأَنَّ الدَّوَابَّ يَكْثُرُ فِيهَا الْإِعَارَةُ بِخِلَافِ الْأَرْضِ. أَمَّا إذَا لَمْ تَمْضِ مُدَّةٌ لِمِثْلِهَا أُجْرَةٌ، فَالْمُصَدَّقُ الرَّاكِبُ وَالزَّارِعُ، فَيَحْلِفُ مَا أَجَرْتنِي؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُتْلِفْ شَيْئًا حَتَّى نَجْعَلَهُ مُدَّعِيًا لِسُقُوطِ بَدَلٍ، وَإِنْ وَقَعَ ذَلِكَ بَعْدَ تَلَفِ الدَّابَّةِ، فَإِنْ تَلِفَتْ عَقِبَ الْأَخْذِ فَالرَّاكِبُ مُقِرٌّ بِالْقِيمَةِ لِمُنْكِرِهَا فَتُرَدُّ بِرَدِّهِ، أَوْ بَعْدَ مُضِيِّ مُدَّةٍ لِمِثْلِهَا أُجْرَةٌ، فَالرَّاكِبُ مُقِرٌّ بِالْقِيمَةِ لِمُنْكَرٍ لَهَا وَهُوَ يَدَّعِي الْأُجْرَةَ فَيُعْطِي قَدْرَ الْأُجْرَةِ مِنْ الْقِيمَةِ بِلَا يَمِينٍ وَيَحْلِفُ لِلزَّائِدِ، فِيمَا إذَا زَادَتْ عَلَى الْقِيمَةِ (وَكَذَا) يَصَّدَّقُ الْمَالِكُ عَلَى الْمَذْهَبِ (لَوْ قَالَ) الرَّاكِبُ أَوْ الزَّارِعُ: (أَعَرْتَنِي فَقَالَ) الْمَالِكُ: (بَلْ غَصَبْتَ مِنِّي) ، وَقَدْ مَضَتْ مُدَّةٌ لِمِثْلِهَا أُجْرَةٌ، وَالْعَيْنُ بَاقِيَةٌ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْإِذْنِ، فَيَحْلِفُ وَيَسْتَحِقُّ أُجْرَةَ الْمِثْلِ. وَالثَّانِي: أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْمُسْتَعِيرِ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ تَصَرُّفَهُ بِحَقٍّ (فَإِنْ تَلِفَتْ الْعَيْنُ) بِمَا يُوجِبُ ضَمَانَ الْعَارِيَّةِ قَبْلَ رَدِّهَا (فَقَدْ اتَّفَقَا عَلَى الضَّمَانِ) ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْ الْمَغْصُوبِ وَالْمُسْتَعَارِ مَضْمُونٌ، (لَكِنَّ الْأَصَحَّ أَنَّ الْعَارِيَّةَ تُضْمَنُ بِقِيمَةِ يَوْمِ التَّلَفِ، لَا بِأَقْصَى الْقِيَمِ وَلَا بِيَوْمِ الْقَبْضِ) وَهُمَا مُقَابِلُ الْأَصَحِّ (فَإِنْ كَانَ مَا يَدَّعِيهِ الْمَالِكُ) بِالْغَصْبِ (أَكْثَرَ) مِنْ قِيمَةِ يَوْمِ التَّلَفِ (حَلَفَ لِلزِّيَادَةِ) ؛ لِأَنَّ غَرِيمَهُ يُنْكِرُهَا. وَأَمَّا الْمُتَّفَقُ عَلَيْهِ،، فَيَأْخُذُهُ بِلَا يَمِينٍ لِمُوَافَقَةِ غَرِيمِهِ عَلَى اسْتِحْقَاقِهِ، وَإِلَيْهِ يُشِيرُ قَوْلُهُ حَلَفَ لِلزِّيَادَةِ، وَلَا يَضُرُّ اخْتِلَافُ الْجِهَةِ
تَنْبِيهٌ قَضِيَّةُ كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ فِي كُتُبِهِمَا أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي ضَمَانِهِ بِالْقِيمَةِ بَيْنَ الْمُتَقَوِّمِ وَالْمِثْلِيِّ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَهُوَ كَذَلِكَ فَفِي الْحَاوِي وَالْمُهَذَّبِ وَالْبَحْرِ إنْ ضَمَّنَّاهُ الْمُتَقَوِّمَ بِالْأَقْصَى أَوْجَبْنَا الْمِثْلَ فِي الْمِثْلِيِّ وَإِنْ ضَمَّنَّاهُ بِقِيمَةِ يَوْمِ التَّلَفِ، وَهُوَ الْأَصَحُّ فَفِي الْمِثْلِيِّ الْقِيمَةُ أَيْضًا، فَمَا فِي كُتُبِ الشَّيْخَيْنِ مَاشٍ عَلَى الصَّحِيحِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْأَنْوَارِ وَاقْتَضَاهُ كَلَامُ جَمْعٍ وَحِينَئِذٍ يَصِيرُ مُسْتَثْنًى مِنْ قَاعِدَةِ أَنَّ الْمِثْلِيَّ يُضْمَنُ بِالْمِثْلِ. وَقَالَ ابْنُ أَبِي عَصْرُونٍ. يُضْمَنُ الْمِثْلِيُّ بِالْمِثْلِ وَجَرَى عَلَيْهِ السُّبْكِيُّ. وَقَالَ شَيْخُنَا: وَهُوَ الْأَوْجَهُ، وَقَوْلُ الْمُصَنِّف: لَكِنَّ. . إلَخْ مَسْأَلَةٌ مُسْتَقِلَّةٌ، وَهِيَ أَنَّ الْعَارِيَّةَ هَلْ تُضْمَنُ بِقِيمَةِ يَوْمِ التَّلَفِ بِغَيْرِ الِاسْتِعْمَالِ الْمَأْذُونِ فِيهِ أَوْ بِالْأَقْصَى أَوْ بِيَوْمِ الْقَبْضِ، وَفِيهِ أَوْجُهٌ أَصَحُّهَا بِقِيمَةِ يَوْمِ التَّلَفِ فَلَا وَجْهَ لِلِاسْتِدْرَاكِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute