للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَإِنْ تَلِفَ عِنْدَهُ ضَمِنَهُ.

ــ

[مغني المحتاج]

رَدَّهَا لِمَالِكِهَا، فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ قِيمَتُهَا لِلْحَيْلُولَةِ؛ لِأَنَّ الْحَامِلَ بِحُرٍّ لَا تُبَاعُ، ذَكَرَهُ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ. قَالَ: وَعَلَى الْغَاصِبِ التَّعْزِيرُ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى وَاسْتِيفَاؤُهُ لِلْإِمَامِ، وَلَا يَسْقُطُ بِإِبْرَاءِ الْمَالِكِ، وَاسْتَثْنَى الْبُلْقِينِيُّ مِنْ وُجُوبِ الرَّدِّ صُوَرًا:

إحْدَاهَا إذَا مَلَكَهُ الْغَاصِبُ بِالْغَصْبِ وَذَلِكَ فِي حَرْبِيٍّ غَصَبَ مَالَ حَرْبِيٍّ وَلَا يَمْلِكُ الْغَاصِبُ بِالْغَصْبِ إلَّا فِي هَذِهِ الصُّورَةِ؛ لِأَنَّ مَالَ الْحَرْبِيِّ غَيْرُ مُحْتَرَمٍ الثَّانِيَةِ لَوْ غَصَبَ خَيْطًا وَخَاطَ بِهِ جُرْحَ حَيَوَانٍ مُحْتَرَمٍ فَلَا يَنْزِعُ مِنْهُ مَا دَامَ حَيًّا: أَيْ إذَا كَانَ يَتَأَلَّمُ بِهِ. الثَّالِثَةُ غَصَبَ عَصِيرًا عُصِرَ بِقَصْدِ الْخَمْرِيَّةِ فَتَخَمَّرَ عِنْدَهُ يُرِيقُهُ وَلَا يَرُدُّهُ. الرَّابِعَةُ كُلُّ عَيْنٍ غَرَّمْنَا الْغَاصِبَ بَدَلَهَا لِمَا حَدَثَ فِيهَا وَهِيَ بَاقِيَةٌ لَا يَجِبُ رَدُّهَا عَلَى الْمَالِكِ كَمَا فِي الْحِنْطَةِ تُبْتَلُ بِحَيْثُ يَسْرِي إلَى الْهَلَاكِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَيُسْتَثْنَى مِنْ وُجُوبِ الرَّدِّ عَلَى الْفَوْرِ مَسْأَلَتَانِ: الْأُولَى مَا لَوْ غَصَبَ لَوْحًا وَأَدْرَجَهُ فِي سَفِينَتِهِ وَكَانَتْ فِي لُجَّةٍ وَخِيفَ مِنْ نَزْعِهِ هَلَاكُ مُحْتَرَمٍ فِي السَّفِينَةِ وَلَوْ لِلْغَاصِبِ عَلَى الْأَصَحِّ فَلَا يَنْزِعُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ. ثَانِيهُمَا تَأْخِيرُهُ لِلْإِشْهَادِ وَإِنْ طَالَبَهُ الْمَالِكُ. فَإِنْ قِيلَ: هَذَا مُشْكِلٌ كَمَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ لِاسْتِمْرَارِ الْغَصْبِ.

أُجِيبَ بِأَنَّهُ زَمَنٌ يَسِيرٌ اُغْتُفِرَ لِلضَّرُورَةِ؛ لِأَنَّ الْمَالِكَ قَدْ يُنْكِرُهُ وَهُوَ لَا يَقْبَلُ قَوْلَهُ فِي الرَّدِّ.

(فَإِنْ تَلِفَ عِنْدَهُ) مُتَمَوَّلٌ بِآفَةٍ أَوْ إتْلَافِ كُلِّهِ أَوْ بَعْضِهِ (ضَمِنَهُ) بِالْإِجْمَاعِ. أَمَّا غَيْرُ الْمُتَمَوَّلِ كَحَبَّةِ بُرٍّ أَوْ كَلْبٍ يُقْتَنَى وَزِبْلٍ وَحَشَرَاتٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَلَا يَضْمَنُهُ، وَلَوْ كَانَ مُسْتَحِقُّ الزِّبْلِ قَدْ غَرِمَ عَلَى نَقْلِهِ أُجْرَةً لَمْ نُوجِبْهَا عَلَى الْغَاصِبِ.

تَنْبِيهٌ يُسْتَثْنَى مِنْ ضَمَانِ الْمُتَمَوَّلِ إذَا تَلِفَ مَسَائِلُ. مِنْهَا مَا لَوْ غَصَبَ الْحَرْبِيُّ مَالَ مُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ ثُمَّ أَسْلَمَ أَوْ عُقِدَتْ لَهُ ذِمَّةٌ بَعْدَ التَّلَفِ فَإِنَّهُ لَا ضَمَانَ وَلَوْ كَانَ بَاقِيًا وَجَبَ رَدُّهُ. وَمِنْهَا لَوْ غَصَبَ عَبْدًا وَجَبَ قَتْلُهُ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى بِرِدَّةٍ وَنَحْوِهَا فَقَتَلَهُ فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْأَصَحِّ. وَمِنْهَا الرَّقِيقُ غَيْرُ الْمُكَاتَبِ إذَا غَصَبَ مَالَ سَيِّدِهِ وَأَتْلَفَهُ لَمْ يَضْمَنْهُ، وَمِنْهَا لَوْ قُتِلَ الْمَغْصُوبُ فِي يَدِ الْغَاصِبِ وَاقْتَصَّ الْمَالِكُ مِنْ الْقَاتِلِ فَإِنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَى الْغَاصِبِ؛ لِأَنَّ الْمَالِكَ أَخَذَ بَدَلَهُ قَالَهُ فِي الْبَحْرِ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَقَوْلُهُ: تَلِفَ لَا يَتَنَاوَلُ مَا إذَا أَتْلَفَهُ هُوَ أَوْ أَجْنَبِيٌّ لَكِنَّهُ مَأْخُوذٌ مِنْ بَابِ أَوْلَى، وَلِذَا قُلْتُ أَوْ إتْلَافٌ لَكِنْ لَوْ أَتْلَفَهُ الْمَالِكُ فِي يَدِ الْغَاصِبِ أَوْ أَتْلَفَهُ مَنْ لَا يَعْقِلُ أَوْ مَنْ يَرَى طَاعَةَ الْآمِرِ بِأَمْرِ الْمَالِكِ بَرِئَ مِنْ الضَّمَانِ. نَعَمْ لَوْ صَالَ الْمَغْصُوبُ عَلَى الْمَالِكِ فَقَتَلَهُ دَفْعًا لَمْ يَبْرَأْ الْغَاصِبُ سَوَاءٌ أَعَلِمَ أَنَّهُ عَبْدُهُ أَمْ لَا؛ لِأَنَّ الْإِتْلَافَ بِهَذِهِ الْجِهَةِ كَتَلَفِ الْعَبْدِ نَفْسِهِ، وَخَرَجَ بِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ عِنْدَهُ مَا لَوْ تَلِفَ بَعْدَ الرَّدِّ إلَى الْمَالِكِ، فَإِنَّهُ لَا ضَمَانَ، وَاسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ مَا لَوْ رَدَّهُ عَلَى الْمَالِكِ بِإِجَارَةٍ أَوْ رَهْنٍ أَوْ وَدِيعَةٍ وَلَمْ يَعْلَمْ الْمَالِكُ

<<  <  ج: ص:  >  >>