للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَلَوْ أَتْلَفَ مَالًا فِي يَدِ مَالِكِهِ ضَمِنَهُ.

وَلَوْ فَتَحَ رَأْسَ زِقٍّ مَطْرُوحٍ عَلَى الْأَرْضِ فَخَرَجَ مَا فِيهِ بِالْفَتْحِ، أَوْ مَنْصُوبٍ فَسَقَطَ بِالْفَتْحِ وَخَرَجَ مَا فِيهِ ضَمِنَ، وَإِنْ سَقَطَ بِعَارِضِ رِيحٍ لَمْ يَضْمَنْ.

ــ

[مغني المحتاج]

فَتَلِفَ عِنْدَ الْمَالِكِ فَإِنَّ ضَمَانَهُ عَلَى الْغَاصِبِ، وَمَا لَوْ قُتِلَ بَعْدَ رُجُوعِهِ إلَى الْمَالِكِ بِرِدَّةٍ أَوْ جِنَايَةٍ فِي يَدِ الْغَاصِبِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُهُ.

ثُمَّ شَرَعَ الْمُصَنِّفُ فِي مَسَائِلَ ذَكَرَهَا الْأَصْحَابُ اسْتِطْرَادًا يَقَعُ فِيهَا الضَّمَانُ بِلَا غَصْبٍ بَلْ بِمُبَاشَرَةٍ كَإِتْلَافٍ أَوْ سَبَبٍ كَفَتْحِ الْقَفَصِ، وَقَدْ بَدَأَ بِالْأَوَّلِ، فَقَالَ (وَلَوْ أَتْلَفَ مَالًا فِي يَدِ مَالِكِهِ ضَمِنَهُ) بِالْإِجْمَاعِ، وَاسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ مَسَائِلَ. مِنْهَا كَسْرُ الْبَابِ وَنَقْبُ الْجِدَارِ فِي مَسْأَلَةِ الظُّفْرِ، وَمِنْهَا مَا إذَا لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ دَفْعِ الصَّائِلِ إلَّا بِعَقْرِ دَابَّتِهِ وَكَسْرِ سِلَاحِهِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَمِنْهَا مَا إذَا لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ إرَاقَةِ الْخَمْرِ إلَّا بِكَسْرِ آنِيَتِهِ وَمِنْهَا مَا يُتْلِفُهُ الْبَاغِي عَلَى الْعَادِلِ وَعَكْسُهُ حَالَةُ الْحَرْبِ، وَكَذَا مَا يُتْلِفُهُ الْحَرْبِيُّونَ عَلَيْنَا وَمَا يُتْلِفُهُ الْعَبْدُ عَلَى سَيِّدِهِ، وَمَا لَوْ أَتْلَفَ الْعَبْدَ الْمُرْتَدَّ وَالْمُحَارِبَ وَتَارِكَ الصَّلَاةِ وَالْحَيَوَانَ الصَّائِلَ بِقَتْلِهِ بِيَدِ مَالِكِهِ، وَلَوْ دَخَلَ دُكَّانَ حَدَّادٍ وَهُوَ يَطْرُقُ الْحَدِيدِ فَطَارَتْ شَرَارَةٌ، فَأَحْرَقَتْ ثَوْبَهُ كَانَ هَدَرًا، وَإِنْ دَخَلَ بِإِذْنِ الْحَدَّادِ، وَخَرَجَ بِالْإِتْلَافِ التَّلَفُ فَلَا يَضْمَنُهُ، كَمَا لَوْ سَخَّرَ دَابَّةً وَمَعَهَا مَالِكُهَا فَتَلِفَتْ لَا يَضْمَنُهَا كَمَا قَالَهُ فِي كِتَابِ الْإِجَارَةِ إلَّا إذَا كَانَ السَّبَبُ مِنْهُ، كَمَا لَوْ اكْتَرَى لِحَمْلِ مِائَةٍ فَحَمَلَتْ زِيَادَةً عَلَيْهَا وَتَلِفَتْ بِذَلِكَ وَصَاحِبُهَا مَعَهَا فَإِنَّهُ يَضْمَنُ قِسْطَ الزِّيَادَةِ، وَسَيَأْتِي بَسْطُ ذَلِكَ فِي بَابِ الْإِجَارَةِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى

ثُمَّ شَرَعَ فِي الثَّانِي: وَهُوَ السَّبَبُ، فَقَالَ: (وَلَوْ فَتَحَ رَأْسَ زِقٍّ) بِكَسْرِ الزَّايِ وَهُوَ السِّقَاءُ (مَطْرُوحٌ عَلَى الْأَرْضِ فَخَرَجَ مَا فِيهِ بِالْفَتْحِ) ، وَتَلِفَ (أَوْ) زِقٍّ (مَنْصُوبٍ فَسَقَطَ بِالْفَتْحِ) لِتَحْرِيكِهِ الْوِكَاءَ وَجَذْبِهِ (وَخَرَجَ مَا فِيهِ) ، وَتَلِفَ أَوْ بِتَقَاطُرِ مَاءٍ فِيهِ وَابْتِلَالِ أَسْفَلِهِ بِهِ، وَلَوْ كَانَ التَّقَاطُرُ بِإِذَابَةِ شَمْسٍ أَوْ حَرَارَةٍ أَوْ رِيحٍ مَعَ مُرُورِ الزَّمَانِ، فَسَالَ مَا فِيهِ وَتَلِفَ (ضَمِنَ) ؛ لِأَنَّهُ بَاشَرَ الْإِتْلَافَ فِي الْأَوَّلَيْنِ وَالْإِتْلَافُ نَاشِئٌ عَنْ فِعْلِهِ فِي الْبَاقِي سَوَاءٌ أَحَضَرَ الْمَالِكُ، وَأَمْكَنَهُ التَّدَارُكُ فَلَمْ يَفْعَلْ أَمْ لَا كَمَا لَوْ قَتَلَ عَبْدَهُ أَوْ حَرَقَ ثَوْبَهُ، وَأَمْكَنَ الدَّفْعُ فَلَمْ يَفْعَلْ كَمَا ذَكَرَهُ الْقَمُولِيُّ، وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ: فَخَرَجَ مَا فِيهِ بِالْفَتْحِ عَمَّا إذَا كَانَ جَامِدًا، فَخَرَجَ بِتَقْرِيبٍ نَارٍ إلَيْهِ، فَإِنَّ الْأَصَحَّ أَنَّ الضَّمَانَ عَلَى الْمُقَرِّبِ (وَإِنْ سَقَطَ) الزِّقُّ بَعْدَ فَتْحِهِ لَهُ (بِعَارِضِ رِيحٍ) أَوْ نَحْوِهَا كَزَلْزَلَةٍ وَوُقُوعِ طَائِرٍ أَوْ جُهِلَ الْحَالُ فَلَمْ يُعْلَمْ سَبَبُ سُقُوطِهِ كَمَا جَزَمَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ (لَمْ يَضْمَنْ) ؛ لِأَنَّ التَّلَفَ لَمْ يَحْصُلْ بِفِعْلِهِ، وَلَيْسَ فِعْلُهُ فِي الْأُولَى مِمَّا يُقْصَدُ بِهِ تَحْصِيلُ ذَلِكَ الْعَارِضِ، وَلِلشَّكِّ فِي الْمُوجِبِ فِي الثَّانِيَةِ، وَفَارَقَ حُكْمَ الْأُولَى إذَابَةُ الشَّمْسِ بِأَنَّ طُلُوعَ الشَّمْسِ مُحَقَّقٌ فَلِذَلِكَ قَدْ يَقْصِدُهُ الْفَاتِحُ بِخِلَافِ الرِّيحِ

<<  <  ج: ص:  >  >>