ثُمَّ إنْ عَلِمَ فَكَغَاصِبٍ مِنْ غَاصِبٍ فَيَسْتَقِرُّ عَلَيْهِ ضَمَانُ مَا تَلِفَ عِنْدَهُ، وَكَذَا إنْ جَهِلَ وَكَانَتْ يَدُهُ فِي أَصْلِهَا يَدَ ضَمَانٍ كَالْعَارِيَّةِ، وَإِنْ كَانَتْ يَدَ أَمَانَةٍ كَوَدِيعَةٍ فَالْقَرَارُ عَلَى الْغَاصِبِ، وَمَتَى أَتْلَفَ الْآخِذُ مِنْ الْغَاصِبِ مُسْتَقِلًّا بِهِ فَالْقَرَارُ عَلَيْهِ مُطْلَقًا.
وَإِنْ حَمَلَهُ الْغَاصِبُ
ــ
[مغني المحتاج]
قَالَهُ الرَّافِعِيُّ فِي الرَّهْنِ (ثُمَّ إنْ عَلِمَ) مَنْ تَرَتَّبَتْ يَدُهُ عَلَى يَدِ الْغَاصِبِ الْغَصْبَ (فَكَغَاصِبٍ مِنْ غَاصِبٍ) حُكْمُهُ (فَيَسْتَقِرُّ عَلَيْهِ ضَمَانُ مَا تَلِفَ عِنْدَهُ) ؛ لِأَنَّ حَدَّ الْغَصْبِ صَادِقٌ عَلَيْهِ، وَيُطَالَبُ بِكُلِّ مَا يُطَالَبُ بِهِ الْغَاصِبُ، وَلَا يَرْجِعُ عَلَى الْأَوَّلِ إنْ غَرِمَ، وَيَرْجِعُ عَلَيْهِ الْأَوَّلُ إنْ غَرِمَ. نَعَمْ إنْ كَانَتْ الْقِيمَةُ فِي يَدِ الْأَوَّلِ أَكْثَرَ فَالْمُطَالَبُ بِالزِّيَادَةِ هُوَ الْأَوَّلُ خَاصَّةً، وَإِلَيْهِ أَشَارَ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ: فَيَسْتَقِرُّ عَلَيْهِ ضَمَانُ مَا تَلِفَ عِنْدَهُ.
تَنْبِيهٌ لَوْ أَبْرَأَ الْمَالِكُ الْغَاصِبَ الْأَوَّلَ لَا يَبْرَأُ الثَّانِي، وَإِنْ أَبْرَأَ الثَّانِي بَرِئَ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّ الثَّانِيَ هُوَ الَّذِي يَتَقَرَّرُ عَلَيْهِ الضَّمَانُ، وَالْأَوَّلُ كَالضَّامِنِ عَنْهُ قَالَهُ الْقَفَّالُ فِي فَتَاوِيهِ (وَكَذَا) يَسْتَقِرُّ عَلَى مَنْ تَرَتَّبَتْ يَدُهُ عَلَى يَدِ الْغَاصِبِ (إنْ جَهِلَ) الْغَصْبَ (وَكَانَتْ يَدُهُ فِي أَصْلِهَا يَدَ ضَمَانٍ كَالْعَارِيَّةِ) ، وَالْبَيْعِ وَالْقَرْضِ وَالسَّوْمِ؛ لِأَنَّهُ دَخَلَ عَلَى، الضَّمَانِ، فَلَمْ يَغُرَّهُ الْغَاصِبُ (وَإِنْ) جَهِلَ وَ (كَانَتْ) يَدُهُ (يَدَ أَمَانَةٍ) بِلَا اتِّهَابٍ (كَوَدِيعَةٍ) وَقِرَاضٍ (فَالْقَرَارُ عَلَى الْغَاصِبِ) دُونَهُ؛ لِأَنَّهُ دَخَلَ عَلَى أَنَّ يَدَهُ نَائِبَةٌ عَنْ يَدِ الْغَاصِبِ لَكِنَّهُ طَرِيقٌ فِي الضَّمَانِ، فَإِنْ غَرِمَ الْغَاصِبُ لَمْ يَرْجِعْ عَلَى الْأَمِينِ وَإِنْ غَرِمَ هُوَ رَجَعَ عَلَى الْغَاصِبِ، وَمِثْلُهُ مَا لَوْ صَالَ الْمَغْصُوبُ عَلَى شَخْصٍ فَأَتْلَفَهُ، فَلَوْ كَانَ هُوَ الْمَالِكَ لَمْ يَبْرَأْ الْغَاصِبُ. أَمَّا لَوْ وَهَبَ الْغَاصِبُ الْمَغْصُوبَ مِنْ شَخْصٍ فَقَرَارُ الضَّمَانِ عَلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ عَلَى الْأَظْهَرِ؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَتْ يَدُهُ لَيْسَتْ يَدَ ضَمَانٍ إلَّا إنْ أَخَذَهُ لِلتَّمَلُّكِ، وَلَوْ ضَاعَ الْمَغْصُوبُ مِنْ الْغَاصِبِ فَالْتَقَطَهُ إنْسَانٌ جَاهِلٌ بِحَالِهِ، فَإِنْ أَخَذَهُ لِلْحِفْظِ أَوْ مُطْلَقًا فَهُوَ أَمَانَةٌ، وَكَذَا إنْ أَخَذَهُ لِلتَّمَلُّكِ وَلَمْ يَتَمَلَّكْ، فَإِنْ تَمَلَّكَهُ صَارَتْ يَدُهُ يَدَ ضَمَانٍ (وَمَتَى أَتْلَفَ الْآخِذُ مِنْ الْغَاصِبِ مُسْتَقِلًّا بِهِ) أَيْ الْإِتْلَافِ، وَهُوَ مِنْ أَهْلِ الضَّمَانِ (فَالْقَرَارُ عَلَيْهِ مُطْلَقًا) ، أَيْ: سَوَاءٌ كَانَتْ يَدُهُ يَدَ ضَمَانٍ أَوْ أَمَانَةٍ؛ لِأَنَّ الْإِتْلَافَ أَقْوَى مِنْ إثْبَاتِ الْيَدِ الْعَادِيَةِ.
تَنْبِيهٌ احْتَرَزَ بِقَوْلِهِ: مُسْتَقِلًّا عَمَّا إذَا حَمَلَهُ الْغَاصِبُ عَلَيْهِ، وَبِهِ تَفْصِيلٌ، وَهُوَ إنْ كَانَ لِغَرَضِ الْغَاصِبِ كَذَبْحِ الشَّاةِ وَطَحْنِ الْحِنْطَةِ، فَالْقَرَارُ عَلَى الْغَاصِبِ. أَوَّلًا لِغَرَضٍ كَإِتْلَافِ الْمَالِ فَعَلَى الْمُتْلِفِ؛ لِأَنَّهُ حَرَامٌ،.
أَوْ لِغَرَضِ الْمُتْلِفِ فَقَدْ ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ (وَإِنْ حَمَلَهُ الْغَاصِبُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute