للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَيْهِ بِأَنْ قَدَّمَ لَهُ طَعَامًا مَغْصُوبًا ضِيَافَةً فَأَكَلَهُ فَكَذَا فِي الْأَظْهَرِ، وَعَلَى هَذَا لَوْ قَدَّمَهُ لِمَالِكِهِ فَأَكَلَهُ بَرِئَ الْغَاصِبُ.

ــ

[مغني المحتاج]

عَلَيْهِ بِأَنْ قَدَّمَ لَهُ طَعَامًا مَغْصُوبًا ضِيَافَةً، فَأَكَلَهُ فَكَذَا) الْقَرَارُ عَلَى الْآكِلِ (فِي الْأَظْهَرِ) ؛ لِأَنَّهُ الْمُتْلِفُ وَإِلَيْهِ عَادَتْ الْمَنْفَعَةُ. وَالثَّانِي أَنَّ الْقَرَارَ عَلَى الْغَاصِبِ؛ لِأَنَّهُ غَرَّ الْآكِلَ، وَعَلَى الْأَوَّلِ لَوْ قَالَ: هُوَ مِلْكِي فَالْقَرَارُ عَلَى الْآكِلِ أَيْضًا فَلَا يَرْجِعُ بِمَا غَرِمَهُ عَلَى الْغَاصِبِ، لَكِنْ بِهَذِهِ الْمَقَالَةِ إنْ غَرِمَ الْغَاصِبُ لَمْ يَرْجِعْ عَلَى الْآكِلِ؛ لِأَنَّ دَعْوَاهُ الْمِلْكَ اعْتِرَافٌ مِنْهُ، بِأَنَّ الْمَالِكَ ظَلَمَهُ بِتَغْرِيمِهِ، وَلَا يَرْجِعُ عَلَى غَيْرِ مَنْ ظَلَمَهُ، وَإِذَا قَدَّمَهُ لِعَبْدٍ وَلَوْ بِإِذْنِ مَالِكِهِ فَالْأَكْلُ جِنَايَةٌ مِنْهُ يُبَاعُ فِيهَا لِتَعَلُّقِ مُوجِبِهَا بِرَقَبَتِهِ، فَلَوْ غَرِمَ الْغَاصِبُ رَجَعَ عَلَى قِيمَةِ الْعَبْدِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ قَدَّمَهُ لِبَهِيمَةٍ، فَأَكَلَتْهُ وَغَرِمَ الْغَاصِبُ فَإِنَّهُ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْمَالِكِ إنْ لَمْ يَأْذَنْ وَإِلَّا رَجَعَ عَلَيْهِ (وَعَلَى هَذَا) أَيْ الْأَظْهَرِ. فِي أَكْلِ الضَّيْفِ (لَوْ قَدَّمَهُ) أَيْ الْغَاصِبُ (لِمَالِكِهِ) أَوْ لَمْ يُقَدِّمْهُ لَهُ (فَأَكَلَهُ) جَاهِلًا بِأَنَّهُ لَهُ (بَرِئَ الْغَاصِبُ) ؛ لِأَنَّهُ بَاشَرَ إتْلَافَ مَالِهِ بِاخْتِيَارِهِ، وَعَلَى الثَّانِي: لَا يَبْرَأُ لِجَهْلِ الْمَالِكِ بِهِ. أَمَّا إذَا كَانَ عَالِمًا بِأَنَّهُ لَهُ، فَإِنَّ الْغَاصِبَ يَبْرَأُ قَطْعًا.

تَنْبِيهٌ إنَّمَا يَبْرَأُ الْغَاصِبُ بِذَلِكَ إذَا لَمْ يَعُدْ الْمَغْصُوبُ هَالِكًا كَالْهَرِيسَةِ، وَإِلَّا فَلَا يَبْرَأُ؛ لِأَنَّ الْغَاصِبَ يَمْلِكُهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ، فَهُوَ إنَّمَا أَكَلَ مَالَ الْغَاصِبِ فَيَلْزَمُ الْغَاصِبَ الْبَدَلُ لِلْمَالِكِ، وَلِهَذَا قَالَ الزُّبَيْرِيُّ: لَوْ غَصَبَ سَمْنًا وَعَسَلًا وَدَقِيقًا وَصَنَعَهُ حَلْوَى وَقَدَّمَهُ لِمَالِكِهِ فَأَكَلَهُ لَمْ يَبْرَأْ قَطْعًا؛ لِأَنَّهُ بِالْخَلْطِ صَارَ كَالتَّالِفِ، وَانْتَقَلَ الْحَقُّ إلَى الْقِيمَةِ، وَلَا تَسْقُطُ عِنْدَنَا بِبَذْلِ غَيْرِهَا إلَّا بِرِضَا مُسْتَحِقِّهَا، وَلَوْ مَعَ الْعِلْمِ بِذَلِكَ اهـ.

وَيَبْرَأُ الْغَاصِبُ أَيْضًا بِإِعَارَتِهِ أَوْ بَيْعِهِ أَوْ إقْرَاضِهِ لِلْمَالِكِ وَلَوْ جَاهِلًا بِأَنَّهُ لَهُ؛ لِأَنَّهُ بَاشَرَ أَخْذَ مَالِهِ بِاخْتِيَارِهِ بِإِيدَاعِهِ وَرَهْنِهِ، وَإِجَارَتِهِ وَتَزْوِيجِهِ مِنْهُ وَالْقِرَاضِ مَعَهُ فِيهِ جَاهِلًا بِأَنَّهُ لَهُ؛ لِأَنَّ التَّسَلُّطَ فِيهَا غَيْرُ تَامٍّ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ عَالِمًا، وَالتَّزْوِيجُ شَامِلٌ لِلذَّكَرِ وَالْأُنْثَى. وَمَحِلُّهُ فِي الْأُنْثَى مَا لَمْ يَسْتَوْلِدْهَا، فَإِنْ اسْتَوْلَدَهَا: أَيْ وَتَسَلَّمَهَا بَرِئَ الْغَاصِبُ، لَوْ قَالَ الْغَاصِبُ لِمَالِكٍ: أَعْتِقْهُ أَوْ أَعْتِقْهُ عَنْكَ فَأَعْتَقَهُ، وَلَوْ جَاهِلًا بِأَنَّهُ لَهُ عَتَقَ وَبَرِئَ الْغَاصِبُ كَمَا رَجَّحَهُ ابْنُ الْمُقْرِي، وَصَرَّحَ بِهِ السُّبْكِيُّ، وَيَقَعُ الْعِتْقُ عَنْ الْمَالِكِ، لَا عَنْ الْغَاصِبِ عَلَى الصَّحِيحِ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ.

وَالْأَوْجَهُ مَعْنًى كَمَا قَالَ شَيْخُنَا: إنَّهُ يَقَعُ عَنْ الْغَاصِبِ، وَيَكُونُ ذَلِكَ بَيْعًا ضِمْنًا إنْ ذَكَرَ عِوَضًا وَإِلَّا فَهِبَةً بِنَاءً عَلَى صِحَّةِ الْبَيْعِ فِيمَا لَوْ بَاعَ مَالَ أَبِيهِ ظَانًّا حَيَاتَهُ فَبَانَ مَيِّتًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>