فَإِنْ فَقَدَ الْمِثْلَ غَرَّمَهُ قِيمَةَ أَكْثَرِ الْبَلَدَيْنِ قِيمَةً.
وَلَوْ ظَفِرَ بِالْغَاصِبِ فِي غَيْرِ بَلَدِ التَّلَفِ فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ إنْ كَانَ لَا مُؤْنَةَ لِنَقْلِهِ كَالنَّقْدِ فَلَهُ مُطَالَبَتُهُ بِالْمِثْلِ وَإِلَّا فَلَا مُطَالَبَةَ بِالْمِثْلِ بَلْ يُغَرِّمُهُ قِيمَةَ بَلَدِ التَّلَفِ، وَأَمَّا الْمُتَقَوِّمُ فَيُضْمَنُ بِأَقْصَى قِيَمِهِ مِنْ الْغَصْبِ، إلَى التَّلَفِ،
ــ
[مغني المحتاج]
الْغَصْبِ فَتَلِفَ فِيهِ لَمْ يَسْقُطْ التَّخْيِيرُ (فَإِنْ فَقَدَ الْمِثْلَ) حِسًّا بِأَنَّ لَمْ يُوجَدْ، أَوْ شَرْعًا بِأَنْ مَنَعَ مِنْ الْوُصُولِ إلَيْهِ مَانِعٌ، أَوْ وُجِدَ بِزِيَادَةٍ عَلَى ثَمَنِ مِثْلِهِ (غَرَّمَهُ) الْمَالِكُ (قِيمَةَ أَكْثَرِ الْبَلَدَيْنِ قِيمَةً) ؛ لِأَنَّهُ كَانَ يَجُوزُ لَهُ الْمُطَالَبَةُ بِالْمِثْلِ فِيهِمَا بَلْ يُطَالِبُهُ بِأَكْثَرِ قِيَمِ الْبِقَاعِ الَّتِي وَصَلَ إلَيْهَا الْمَغْصُوبُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الرُّويَانِيُّ لِمَا ذُكِرَ.
(وَلَوْ ظَفِرَ) الْمَالِكُ (بِالْغَاصِبِ) لِلْمِثْلِيِّ أَوْ الْمُتْلِفِ بِغَيْرِ غَصْبٍ، بِأَنْ وَجَدَهُ (فِي غَيْرِ بَلَدِ التَّلَفِ) ، وَالْمِثْلُ مَوْجُودٌ (فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ إنْ كَانَ لَا مُؤْنَةَ لِنَقْلِهِ كَالنَّقْدِ) الْيَسِيرِ (فَلَهُ مُطَالَبَتُهُ بِالْمِثْلِ) إذْ لَا ضَرَرَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي ذَلِكَ (وَإِلَّا) بِأَنْ كَانَ لِنَقْلِهِ مُؤْنَةٌ (فَلَا مُطَالَبَةَ) لَهُ (بِالْمِثْلِ) وَلَا لِلْغَاصِبِ أَوْ الْمُتْلِفِ، أَيْضًا تَكْلِيفُهُ قَبُولَهُ بِمَا فِيهِ مِنْ الْمُؤْنَةِ وَالضَّرَرِ (بَلْ يُغَرِّمُهُ قِيمَةَ بَلَدِ التَّلَفِ) ؛ لِأَنَّ تَعَذُّرَ الرُّجُوعِ إلَى الْمِثْلِ كَالِانْقِطَاعِ. وَالثَّانِي لَهُ الْمُطَالَبَةُ بِالْمِثْلِ مُطْلَقًا، كَمَا لَوْ أَتْلَفَ مِثْلِيًّا فِي وَقْتِ الرُّخْصِ لَهُ طَلَبُهُ فِي وَقْتِ الْغَلَاءِ.
وَالثَّالِثُ إنْ كَانَتْ قِيمَةُ ذَلِكَ الْبَلَدِ مِثْلَ قِيمَةِ بَلَدِ التَّالِفِ أَوْ أَقَلَّ طَالَبَهُ بِالْمِثْلِ وَإِلَّا فَلَا، وَنَقَلَهُ الْإِسْنَوِيُّ عَنْ جَمْعٍ كَثِيرٍ.
تَنْبِيهٌ اقْتِصَارُ الْمُصَنِّفِ عَلَى قِيمَةِ بَلَدِ التَّلَفِ مَحِلُّهُ إذَا لَمْ يُنْقَلْ الْمَغْصُوبُ عَنْ مَوْضِعِهِ، فَإِنْ نُقِلَ فَقَدْ مَرَّ أَنَّهُ يَجِبُ أَكْثَرُ الْبِقَاعِ قِيمَةً وَلَوْ تَرَاضَيَا عَلَى الْمِثْلِ. قَالَ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ: لَمْ يَكُنْ لَهُ تَكْلِيفُهُ مُؤْنَةَ النَّقْلِ، وَلَوْ أَخَذَ الْمِثْلَ عَلَى أَنْ يَغْرَمَ لَهُ مُؤْنَةَ النَّقْلِ لَمْ يَجُزْ كَمَا قَالَهُ الْبَغَوِيّ، وَلَوْ ظَفِرَ بِالْمُتْلِفِ الَّذِي لَيْسَ بِغَاصِبٍ فِي غَيْرِ مَكَانِ التَّلَفِ فَحُكْمُهُ حُكْمُ الْغَاصِبِ فِيمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ.
ثُمَّ لَمَّا فَرَغَ مِنْ ذِكْرِ الْمِثْلِيِّ شَرَعَ فِي، ذِكْرِ الْمُتَقَوِّمِ فَقَالَ: (وَأَمَّا) الْمَغْصُوبُ (الْمُتَقَوِّمُ فَيُضْمَنُ بِأَقْصَى قِيَمِهِ مِنْ) وَقْتِ (الْغَصْبِ إلَى) وَقْتِ (التَّلَفِ) ؛ لِأَنَّهُ فِي حَالِ زِيَادَةِ الْقِيمَةِ غَاصِبٌ مُطَالَبٌ بِالرَّدِّ، فَإِذَا لَمْ يَرُدَّ ضَمِنَ بَدَلَهُ، بِخِلَافِ مَا لَوْ رَدَّهُ بَعْدَ الرُّخْصِ فَإِنَّهُ لَا يَضْمَنُ شَيْئًا؛ لِأَنَّهُ مَعَ بَقَاءِ الْعَيْنِ يُمْكِنُ تَوَقُّعُ الزِّيَادَةِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ، فَلَمْ تَفُتْ بِالْكُلِّيَّةِ وَلَا فَرْقَ فِي اخْتِلَافِ الْقِيمَةِ بَيْنَ تَغَيُّرِ السِّعْرِ أَوْ تَغَيُّرِ الْمَغْصُوبِ فِي نَفْسِهِ، وَلَا عِبْرَةَ بِالزِّيَادَةِ بَعْدَ التَّلَفِ، وَإِنَّمَا تَجِبُ الْقِيمَةُ مِنْ نَقْدِ بَلَدِ التَّلَفِ، قَالَاهُ، وَهُوَ مَحْمُولٌ كَمَا قَالَ الْإِسْنَوِيُّ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَنْقُلْهُ وَإِلَّا فَيَتَّجِهُ كَمَا فِي الْكِفَايَةِ اعْتِبَارُ الْبَلَدِ الَّذِي تُعْتَبَرُ الْقِيمَةُ فِيهِ، وَهُوَ أَكْثَرُ الْبَلَدَيْنِ قِيمَةً كَمَا مَرَّ فِي الْمِثْلِيِّ، وَفِي الْبَحْرِ عَنْ وَالِدِهِ مَا يُقَارِبُهُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute