وَتُرَدُّ عَلَيْهِ إنْ بَقِيَتْ الْعَيْنُ وَكَذَا الْمُحْتَرَمَةُ إذَا غُصِبَتْ مِنْ مُسْلِمٍ.
وَالْأَصْنَامُ وَآلَاتُ الْمَلَاهِي لَا يَجِبُ فِي إبْطَالِهَا شَيْءٌ، وَالْأَصَحُّ أَنَّهَا لَا تُكْسَرُ الْكَسْرَ الْفَاحِشَ، بَلْ تُفْصَلُ لِتَعُودَ كَمَا قَبْلَ التَّأْلِيفِ،
ــ
[مغني المحتاج]
غَيْرَهُمَا كَهِبَتِهَا وَلَوْ مِنْ مِثْلِهِ فَتُرَاقُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ فِي إظْهَارِ ذَلِكَ اسْتِهَانَةً بِالْإِسْلَامِ كَإِظْهَارِهِمْ كُفْرَهُمْ وَالْإِظْهَارُ هُوَ الِاطِّلَاعُ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ تَجَسُّسٍ، وَالْخِنْزِيرُ كَالْخَمْرِ فِي ذَلِكَ، هَذَا إذَا كَانُوا بَيْنَ أَظْهُرِنَا، فَإِنْ انْفَرَدُوا بِقَرْيَةٍ مَثَلًا فَلَا يُعْتَرَضُ عَلَيْهِمْ إذَا تَظَاهَرُوا بِالْخَمْرِ وَنَحْوِهَا كَمَا سَيَأْتِي بَسْطُ ذَلِكَ، إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فِي كِتَابِ الْجِزْيَةِ (وَتُرَدُّ عَلَيْهِ) إذَا لَمْ يُظْهِرْهَا وُجُوبًا (إنْ بَقِيَتْ الْعَيْنُ) لِمَا سَبَقَ مِنْ تَقْرِيرِهِمْ عَلَيْهَا، وَالْمُؤْنَةُ عَلَى الْآخِذِ فِي الْأَصَحِّ، فِي الشَّرْحِ وَالرَّوْضَةِ فِي بَابِ الْجِزْيَةِ، فَهُوَ مُسْتَثْنًى مِنْ قَاعِدَةِ مَنْ لَا يَضْمَنُ الْعَيْنَ لَا يَضْمَنُ رَدَّهَا. قَالَ فِي الْأُمِّ: وَمَنْ تَعَرَّضَ لَهُمْ زُجِرَ، فَإِنْ عَادَ أُدِّبَ (وَكَذَا) تُرَدُّ الْخَمْرَةُ (الْمُحْتَرَمَةُ) إنْ بَقِيَتْ وَمَا أُلْحِقَ بِهَا (إذَا غُصِبَتْ مِنْ مُسْلِمٍ) عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ لَهُ إمْسَاكَهَا لِتَصِيرَ خَلًّا. أَمَّا غَيْرُ الْمُحْتَرَمَةِ، فَلَا تُرَدُّ عَلَيْهِ بَلْ تُرَاقُ، وَالْمُحْتَرَمَةُ كَمَا قَالَ الرَّافِعِيُّ هُنَا: هِيَ الَّتِي عُصِرَتْ مِنْ غَيْرِ قَصْدِ الْخَمْرِيَّةِ، وَهُوَ أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ فِي الرَّهْنِ: هِيَ الَّتِي عُصِرَتْ بِقَصْدِ الْخَلِّيَّةِ، فَالَّتِي عُصِرَتْ بِغَيْرِ قَصْدِ شَيْءٍ مُحْتَرَمَةٌ عَلَى الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي، وَمَنْ أَظْهَرَ خَمْرًا وَزَعَمَ أَنَّهَا خَمْرُ خَلٍّ قَالَ الْإِمَامُ: لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: إلَّا أَنْ يَكُونَ مَعْلُومَ الْوَرَعِ مَشْهُورَ التَّقْوَى وَإِلَّا لَاتَّخَذَ الْفُسَّاقُ ذَلِكَ ذَرِيعَةً إلَى اقْتِنَاءِ الْخَمْرِ بِإِظْهَارِهَا، وَأَنَّهُمْ عَصَرُوهَا لِلْخَلِيَّةِ اهـ.
وَهُوَ تَفْصِيلٌ حَسَنٌ، وَهُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ قَوْلِ الْإِمَامِ، وَلَوْ اطَّلَعْنَا عَلَى خَمْرٍ وَمَعَهَا مَخَايِلُ تَشْهَدُ بِأَنَّهَا خَمْرُ خَلٍّ، فَالْمَذْهَبُ أَنَّا لَا نَتَعَرَّضُ لَهَا.
(وَالْأَصْنَامُ) وَالصُّلْبَانُ (وَآلَاتُ الْمَلَاهِي) كَالطُّنْبُورِ (لَا يَجِبُ فِي إبْطَالِهَا شَيْءٌ) ؛ لِأَنَّ مَنْفَعَتَهَا مُحَرَّمَةٌ لَا تُقَابَلُ بِشَيْءٍ، وَقَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ كَمَا قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: إنَّ مَا جَازَ مِنْ آلَاتِ اللَّهْوِ كَالدُّفِّ يَجِبُ الْأَرْشُ عَلَى كَاسِرِهِ وَفِي أَوَانِي الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ خِلَافٌ مَبْنِيٌّ عَلَى حِلِّ الِاتِّخَاذِ، (وَالْأَصَحُّ أَنَّهَا لَا تُكْسَرُ الْكَسْرَ الْفَاحِشَ) ، لِإِمْكَانِ إزَالَةِ الْهَيْئَةِ الْمُحَرَّمَةِ مَعَ بَقَاءِ بَعْضِ الْمَالِيَّةِ. نَعَمْ لِلْإِمَامِ ذَلِكَ زَجْرًا وَتَأْدِيبًا عَلَى مَا قَالَهُ الْغَزَالِيُّ فِي إنَاءِ الْخَمْرِ بَلْ أَوْلَى (بَلْ تُفْصَلُ لِتَعُودَ كَمَا قَبْلَ التَّأْلِيفِ) لِزَوَالِ الِاسْمِ بِذَلِكَ، وَالثَّانِي: لَا يَجِبُ تَفْصِيلُ الْجَمِيعِ بَلْ بِقَدْرِ مَا لَا يَصْلُحُ لِلِاسْتِعْمَالِ، وَلَا يَكْفِي إزَالَةُ الْأَوْتَارِ فَقَطْ جَزْمًا؛ لِأَنَّهَا مُنْفَصِلَةٌ عَنْهَا، وَالثَّالِثُ: تُكْسَرُ حَتَّى تَنْتَهِيَ إلَى حَدٍّ لَا يُمْكِنُ اتِّخَاذُ آلَةٍ مُحَرَّمَةٍ لَا الْأُولَى وَلَا غَيْرِهَا، وَلَوْ زَادَ فِي الْكَسْرِ عَلَى الْمَشْرُوعِ غَرِمَ التَّفَاوُتَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute