للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَالِامْتِنَاعُ الشَّرْعِيُّ كَالْحِسِّيِّ.

فَلَا يَصِحُّ اسْتِئْجَارٌ لِقَلْعِ سِنٍّ صَحِيحَةٍ.

ــ

[مغني المحتاج]

وَالثَّانِي: لَا يَجُوزُ لِعَدَمِ الْوُثُوقِ بِحُصُولِ مَا ذُكِرَ، وَيَجُوزُ اسْتِئْجَارُ أَرَاضِي مِصْرٍ لِلزِّرَاعَةِ بَعْدَ رَيِّهَا بِالزِّيَادَةِ، وَكَذَا قَبْلَهُ عَلَى الْأَصَحِّ إنْ كَانَتْ تُرْوَى مِنْ الزِّيَادَةِ الْغَالِبَةِ كَخَمْسَةَ عَشَرَ ذِرَاعًا فَمَا دُونَهَا كَمَا نَقَلَهُ فِي الْكِفَايَةِ عَنْ أَبِي الطَّيِّبِ وَابْنِ الصَّبَّاغِ وَاقْتَضَاهُ كَلَامُ الشَّيْخَيْنِ، وَقَالَ السُّبْكِيُّ: وَمَا يُرْوَى مِنْ خَمْسَةَ عَشَرَ كَالْمَوْثُوقِ بِهِ عَادَةً، وَمَا يُرْوَى مِنْ سِتَّةَ عَشَرَ وَسَبْعَةَ عَشَرَ غَالِبُ الْحُصُولِ، وَإِنْ كَانَ الِاحْتِمَالُ مُتَطَرِّقًا إلَى السِّتَّةَ عَشَرَ قَلِيلًا وَإِلَى السَّبْعَةَ عَشَرَ كَثِيرًا. اهـ.

بَلْ الْغَالِبُ فِي زَمَانِنَا وُصُولُ الزِّيَادَةِ إلَى السَّبْعَةَ عَشَرَ وَالثَّمَانِيَةَ عَشَرَ، وَيَصِحُّ اسْتِئْجَارُ الْأَرْضِ لِلزِّرَاعَةِ قَبْلَ انْحِسَارِ الْمَاءِ عَنْهَا وَإِنْ سَتَرَهَا عَنْ الرُّؤْيَةِ؛ لِأَنَّ الْمَاءَ مِنْ مَصْلَحَتِهَا كَاسْتِتَارِ الْجَوْزِ وَاللَّوْزِ بِالْقِشْرِ. فَإِنْ قِيلَ: يَنْبَغِي عَدَمُ الصِّحَّةِ؛ لِأَنَّ الِانْتِفَاعَ عَقِبَ الْعَقْدِ شَرْطٌ وَالْمَاءُ يَمْنَعْهُ.

أُجِيبَ بِأَنَّ الْمَاءَ مِنْ مَصَالِحِ الزَّرْعِ وَبِأَنَّ صَرْفَهُ مُمْكِنٌ فِي الْحَالِ بِفَتْحِ مَوْضِعٍ يَنْصَبُّ إلَيْهِ فَيَتَمَكَّنُ مِنْ الزَّرْعِ حَالًا، كَاسْتِئْجَارِ دَارٍ مَشْحُونَةٍ بِأَمْتِعَةٍ يُمْكِنُ نَقْلُهَا فِي زَمَنٍ لَا أُجْرَةَ لَهُ، هَذَا إنْ وُثِقَ بِانْحِسَارِهِ وَقْتَ الزِّرَاعَةِ وَإِلَّا فَلَا يَصِحُّ، وَإِنْ كَانَتْ الْأَرْضُ عَلَى شَطِّ نَهْرٍ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُغْرِقُهَا وَتَنْهَارُ فِي الْمَاءِ لَمْ يَصِحَّ اسْتِئْجَارُهَا لِعَدَمِ الْقُدْرَةِ عَلَى تَسْلِيمِهَا، وَإِنْ احْتَمَلَهُ وَلَمْ يَظْهَرْ جَازَ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ وَالْغَالِبَ السَّلَامَةُ، وَإِنْ اسْتَأْجَرَهَا أَرْضًا لِلزِّرَاعَةِ وَأَطْلَقَ دَخَلَ فِيهَا شِرْبُهَا إنْ اُعْتِيدَ دُخُولُهُ بِعُرْفٍ مُطَّرِدٍ، وَهُوَ بِكَسْرِ الشِّينِ: النَّصِيبُ مِنْ الْمَاءِ. بِخِلَافِ مَا لَوْ بَاعَهَا لَا يَدْخُلُ؛ لِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ هُنَا لَا تَحْصُلُ بِدُونِهِ أَوْ شَرَطَ فِي الْعَقْدِ، فَإِنْ اضْطَرَبَ الْعُرْفُ فِيهِ أَوْ اسْتَثْنَى الشِّرْبَ وَلَمْ يُوجَدْ شِرْبٌ غَيْرُهُ لَمْ يَصِحَّ الْعَقْدُ لِلِاضْطِرَابِ فِي الْأَوَّلِ، وَكَمَا لَوْ اسْتَثْنَى، مَمَرَّ الدَّارِ فِي بَيْعِهَا فِي الثَّانِي، فَإِنْ وُجِدَ شِرْبُ غَيْرِهِ صَحَّ لِزَوَالِ الْمَانِعِ بِالِاغْتِنَاءِ عَنْ شِرْبِهَا، (وَالِامْتِنَاعُ الشَّرْعِيُّ) لِتَسْلِيمِ الْمَنْفَعَةِ (كَالْحِسِّيِّ) فِي حُكْمِهِ.

تَنْبِيهٌ اُسْتُثْنِيَ مِنْ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ مَسَائِلُ: مِنْهَا مَا لَوْ رَأَى الْمُتَيَمِّمُ مَاءً فِي صَلَاتِهِ الَّتِي تُسْقِطُ الْقَضَاءَ، ثُمَّ تَلِفَ امْتَنَعَ عَلَيْهِ التَّنَفُّلُ بَعْدَ السَّلَامِ بِذَلِكَ التَّيَمُّمِ مَعَ أَنَّهُ رَآهُ، وَهُوَ مَمْنُوعٌ مِنْ اسْتِعْمَالِهِ شَرْعًا لِأَجْلِ الصَّلَاةِ، وَلَمْ يَجْعَلُوهُ كَمَا لَوْ رَآهُ وَثَمَّ مَانِعٌ مِنْهُ حِسِّيٌّ كَسَبُعٍ وَعَدُوٍّ. وَمِنْهَا مَا ذَكَرُوهُ فِي الْإِيلَاءِ أَنَّ الْمَانِعَ إذَا قَامَ بِالْمَرْأَةِ إنْ كَانَ حِسِّيًّا مَنَعَ مِنْ ضَرْبِ الْمُدَّةِ، أَوْ شَرْعِيًّا فَلَا فِي بَعْضِ الصُّوَرِ. وَمِنْهَا الْإِقَالَةُ فَإِنَّهَا تَجُوزُ بَعْدَ تَلَفِ الْمَبِيعِ وَلَا تَجُوزُ بَعْدَ بَيْعِ الْمَبِيعِ أَوْ إجَارَتِهِ. وَمِنْهَا مَا لَوْ فَقَدَ إحْدَى رِجْلَيْهِ وَلَبِسَ الْخُفَّ عَلَى الْأُخْرَى؛ فَإِنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَمْسَحَهُ، وَلَوْ كَانَتْ عَلِيلَةً بِحَيْثُ لَا تُغْسَلُ لَمْ يَمْسَحْ خُفَّ الْأُخْرَى عَلَى الصَّحِيحِ.

ثُمَّ فَرَّعَ عَلَى الْقَاعِدَةِ الْمَذْكُورَةِ قَوْلَهُ: (فَلَا يَصِحُّ اسْتِئْجَارٌ لِقَلْعِ سِنٍّ صَحِيحَةٍ) لِحُرْمَةِ قَلْعِهَا، وَفِي

<<  <  ج: ص:  >  >>