للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَلَا يَصِحُّ اسْتِئْجَارُ آبِقٍ وَمَغْصُوبٍ وَأَعْمَى لِلْحِفْظِ، وَأَرْضٍ لِلزِّرَاعَةِ لَا مَاءَ لَهَا دَائِمٌ، وَلَا يَكْفِيهَا الْمَطَرُ الْمُعْتَادُ، وَيَجُوزُ إنْ كَانَ لَهَا مَاءٌ دَائِمٌ، وَكَذَا إنْ كَفَاهَا الْمَطَرُ الْمُعْتَادُ أَوْ مَاءُ الثُّلُوجِ الْمُجْتَمِعَةِ، وَالْغَالِبُ حُصُولُهَا فِي الْأَصَحِّ،

ــ

[مغني المحتاج]

الْمَنْفَعَةِ أَيْضًا (كَوْنُ الْمُؤَجِّرِ قَادِرًا عَلَى تَسْلِيمِهَا) حِسًّا أَوْ شَرْعًا لِيَتَمَكَّنَ الْمُسْتَأْجِرُ مِنْهَا، وَالْقُدْرَةُ عَلَى التَّسْلِيمِ تَشْمَلُ مِلْكَ الْأَصْلِ وَمِلْكَ الْمَنْفَعَةِ فَيَدْخُلُ الْمُسْتَأْجِرُ، فَلَهُ إيجَارُ مَا اسْتَأْجَرَهُ، وَكَذَا لِلْمُقْطَعِ أَيْضًا إجَارَةُ مَا أَقْطَعَهُ لَهُ الْإِمَامُ كَمَا فِي فَتَاوَى الْمُصَنِّفِ، قَالَ: لِأَنَّهُ مُسْتَحِقٌّ لِمَنْفَعَتِهِ، وَخَالَفَ فِي ذَلِكَ الشَّيْخُ تَاجُ الدِّينِ الْفَزَارِيّ وَجَمَاعَةٌ مِنْ عُلَمَاءِ عَصْرِهِ فَأَفْتَوْا بِالْبُطْلَانِ، فَإِنَّ الْمُقْطَعَ لَمْ يَمْلِكْ الْمَنْفَعَةَ، وَإِنَّمَا أُبِيحَ لَهُ الِانْتِفَاعُ بِهَا كَالْمُسْتَعِيرِ، وَالْأَوْلَى كَمَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ التَّفْصِيلُ بَيْنَ أَنْ يَأْذَنَ لَهُ الْإِمَامُ فِي الْإِيجَارِ أَوْ يَجْرِيَ عُرْفٌ عَامٌّ كَدِيَارِ مِصْرَ فَيَصِحُّ وَإِلَّا فَيُمْتَنَعُ، وَعَلَى اشْتِرَاطِ الْقُدْرَةِ (فَلَا يَصِحُّ اسْتِئْجَارُ آبِقٍ وَمَغْصُوبٍ) لِغَيْرِ مَنْ هُمَا فِي يَدِهِ وَلَا يَقْدِرُ عَلَى انْتِزَاعِ الْمَغْصُوبِ عَقِبَ الْعَقْدِ. أَمَّا الْغَاصِبُ أَوْ الْقَادِرُ عَلَى انْتِزَاعِ الْمَغْصُوبِ عَقِبَ الْعَقْدِ أَوْ مَنْ وَقَعَ الْآبِقُ فِي يَدِهِ فَيَصِحُّ الِاسْتِئْجَارُ مِنْهُ.

تَنْبِيهٌ يُؤْخَذُ مِنْ اشْتِرَاطِ الْقُدْرَةِ عَلَى تَسْلِيمِ الْمَنْفَعَةِ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ اسْتِئْجَارُ الْعَبْدِ الْمَنْذُورِ عِتْقُهُ أَوْ الْمَشْرُوطِ عِتْقُهُ عَلَى الْمُشْتَرِي، وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْمَجْمُوعِ، (وَ) لَا يَصِحُّ اسْتِئْجَارُ (أَعْمَى) إجَارَةَ عَيْنٍ (لِلْحِفْظِ) فِيمَا يَحْتَاجُ لِلنَّظَرِ وَلَا أَخْرَسَ لِلتَّعْلِيمِ. أَمَّا لَوْ اسْتَأْجَرَ وَاحِدًا مِنْهُمَا لِحِفْظِ شَيْءٍ بِيَدِهِ أَوْ جُلُوسِهِ خَلْفَ بَابٍ لِلْحِرَاسَةِ لَيْلًا فَإِنَّهُ يَصِحُّ. وَخَرَجَ بِإِجَارَةِ الْعَيْنِ إجَارَةُ الذِّمَّةِ فَيَصِحُّ مِنْهُمَا مُطْلَقًا؛ لِأَنَّهَا سَلَمٌ، وَعَلَى الْمُسَلَّمِ إلَيْهِ تَحْصِيلُ الْمُسَلَّمِ فِيهِ بِأَيِّ طَرِيقٍ كَانَ، وَلَا اسْتِئْجَارُ غَيْرِ الْقَارِئِ لِتَعْلِيمِ الْقُرْآنِ فِي إجَارَةِ الْعَيْنِ، وَلَوْ اتَّسَعَتْ الْمُدَّةُ لِيُعَلِّمَهُ قَبْلَ تَعْلِيمِهِ؛ لِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ مُسْتَحَقَّةٌ مِنْ عَيْنِهِ وَالْعَيْنُ لَا تَقْبَلُ التَّأْجِيلَ بِخِلَافِهَا فِي إجَارَةِ الذِّمَّةِ؛ لِأَنَّهَا سَلَمٌ فِي الْمَنَافِعِ كَمَا مَرَّ، (وَ) لَا اسْتِئْجَارُ (أَرْضٍ لِلزِّرَاعَةِ لَا مَاءَ لَهَا دَائِمٌ) أَيْ مُسْتَمِرٌّ (وَلَا يَكْفِيهَا الْمَطَرُ الْمُعْتَادُ) وَلَا مَا فِي مَعْنَاهُ كَثَلْجٍ وَنَدَاوَةٍ، وَلَا تُسْقَى بِمَاءٍ غَالِبِ الْحُصُولِ لِعَدَمِ الْقُدْرَةِ عَلَى التَّسْلِيمِ، وَمُجَرَّدُ الْإِمْكَانِ لَا يَكْفِي كَإِمْكَانِ عَوْدِ الْآبِقِ وَالْمَغْصُوبِ. نَعَمْ لَوْ قَالَ الْمُكْرَى: أَنَا أَحْفِرُ لَك بِئْرًا وَأَسْقِي أَرْضَك مِنْهَا، أَوْ أَسُوقُ الْمَاءَ إلَيْهَا مِنْ مَوْضِعٍ آخَرَ صَحَّتْ الْإِجَارَةُ كَمَا قَالَهُ الرُّويَانِيُّ. أَمَّا لَوْ اسْتَأْجَرَهَا لِلسُّكْنَى فَإِنَّهُ يَصِحُّ، وَإِنْ كَانَتْ بِمَحَلٍّ لَا يَصْلُحُ لَهَا كَالْمَفَازَةِ، (وَيَجُوزُ) اسْتِئْجَارُهَا لِلزِّرَاعَةِ (إنْ كَانَ لَهَا مَاءٌ دَائِمٌ) مِنْ عَيْنٍ أَوْ بِئْرٍ أَوْ نَهْرٍ وَلَوْ صَغِيرًا، (وَكَذَا) يَجُوزُ (إنْ كَفَاهَا الْمَطَرُ الْمُعْتَادُ أَوْ مَاءُ الثُّلُوجِ الْمُجْتَمِعَةِ) فِي نَحْوِ جَبَلٍ، (وَالْغَالِبُ حُصُولُهَا فِي الْأَصَحِّ) ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ حُصُولُ الْغَالِبِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>