للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَرَوْثٍ، وَبَوْلٍ، وَمَذْيٍ، وَوَدْيٍ، وَكَذَا مَنِيُّ غَيْرِ الْآدَمِيِّ فِي الْأَصَحِّ.

ــ

[مغني المحتاج]

بِهَذَا، لَكِنْ يَغْلِبُ اخْتِلَاطُهُ بِمَا يَتَسَاقَطُ مِنْ شَعْرِهِ فَلْيُحْتَرَزْ عَمَّا وُجِدَ فِيهِ، فَإِنَّ الْأَصَحَّ مَنْعُ أَكْلِ الْبَرِّيِّ، وَيَنْبَغِي الْعَفْوُ عَنْ قَلِيلِ شَعْرِهِ كَمَا بَحَثَهُ صَاحِبُ الْعُبَابِ وَلْيُحْتَرَزْ أَيْضًا أَنْ يُصِيبَ النَّجَاسَةَ الَّتِي عَلَى دُبُرِهِ فَإِنَّ الْعِرْقَ الْمَذْكُورَ مِنْ نَقْرَتَيْنِ عِنْدَ دُبُرِهِ لَا مِنْ سَائِرِ جَسَدِهِ كَمَا أَخْبَرَنِي بِذَلِكَ مَنْ أَثِقُ بِهِ. وَأَمَّا الْمِسْكُ فَهُوَ أَطْيَبُ الطِّيبِ كَمَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَفَأْرَتُهُ طَاهِرَةٌ، وَهِيَ خُرَّاجٌ بِجَانِبِ سُرَّةِ الظَّبْيَةِ كَالسِّلْعَةِ فَتَحْتَكُّ حَتَّى تُلْقِيَهَا. وَقِيلَ إنَّهَا فِي جَوْفِهَا كَالْإِنْفَحَةِ تُلْقِيهَا كَالْمَشِيمَةِ، وَلَوْ انْفَصَلَ كُلٌّ مِنْ الْمِسْكِ وَالْفَأْرَةِ بَعْدَ الْمَوْتِ فَنَجِسٌ كَاللَّبَنِ وَالشَّعْرِ، وَاخْتَلَفُوا فِي الْعَنْبَرِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: إنَّهُ نَجِسٌ؛ لِأَنَّهُ مُسْتَخْرَجٌ مِنْ بَطْنِ دُوَيْبَّةٍ لَا يُؤْكَلُ لَحْمُهَا، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: إنَّهُ طَاهِرٌ؛ لِأَنَّهُ يَنْبُتُ فِي الْبَحْرِ وَيَلْفِظُهُ وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ (وَرَوْثٍ) بِالْمُثَلَّثَةِ وَلَوْ مِنْ سَمَكٍ وَجَرَادٍ لِمَا رَوَى الْبُخَارِيُّ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا جِيءَ لَهُ بِحَجَرَيْنِ وَرَوْثَةٍ لِيَسْتَنْجِيَ بِهَا أَخَذَ الْحَجَرَيْنِ وَرَدَّ الرَّوْثَةَ، وَقَالَ: هَذَا رِكْسٌ» وَالرِّكْسُ النَّجَسُ، وَالْعَذِرَةُ وَالرَّوْثُ: قِيلَ مُتَرَادِفَانِ.

وَقَالَ الْمُصَنِّفُ فِي دَقَائِقِهِ الْعَذِرَةُ مُخْتَصَّةٌ بِفَضْلَةِ الْآدَمِيِّ، وَالرَّوْثُ أَعَمُّ.

قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَقَدْ يُمْنَعُ بَلْ هُوَ مُخْتَصٌّ بِغَيْرِ الْآدَمِيِّ، ثُمَّ نَقَلَ عَنْ صَاحِبِ الْمُحْكَمِ وَابْنِ الْأَثِيرِ مَا يَقْتَضِي أَنَّهُ مُخْتَصٌّ بِذِي الْحَافِرِ.

قَالَ: وَعَلَيْهِ فَاسْتِعْمَالُ الْفُقَهَاءِ لَهُ فِي سَائِرِ الْبَهَائِمِ تَوَسُّعٌ (وَبَوْلٍ) لِلْأَمْرِ بِصَبِّ الْمَاءِ عَلَيْهِ فِي بَوْلِ الْأَعْرَابِيِّ فِي الْمَسْجِدِ.

رَوَاهُ الشَّيْخَانِ.

وَقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي حَدِيثِ الْقَبْرَيْنِ «أَمَّا أَحَدُهُمَا فَكَانَ لَا يَسْتَنْزِهُ مِنْ الْبَوْلِ» (١) رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

وَقِيسَ بِهِ سَائِرُ الْأَبْوَالِ. وَأَمَّا أَمْرُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْعُرَنِيِّينَ بِشُرْبِ أَبْوَالِ الْإِبِلِ (٢) فَكَانَ لِلتَّدَاوِي، وَالتَّدَاوِي بِالنَّجِسِ جَائِزٌ عِنْدَ فَقْدِ الطَّاهِرِ الَّذِي يَقُومُ مَقَامَهُ. وَأَمَّا «قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: لَمْ يَجْعَلْ اللَّهُ شِفَاءَ أُمَّتِي فِيمَا حَرَّمَ عَلَيْهَا» فَمَحْمُولٌ عَلَى الْخَمْرِ (وَمَذْيٍ) وَهُوَ بِالْمُعْجَمَةِ مَاءٌ أَبْيَضُ رَقِيقٌ يَخْرُجُ بِلَا شَهْوَةٍ قَوِيَّةٍ عِنْدَ ثَوَرَانِهَا لِلْأَمْرِ بِغَسْلِ الذَّكَرِ مِنْهُ فِي خَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ فِي قِصَّةِ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - (وَوَدْيٍ) وَهُوَ بِالْمُهْمَلَةِ مَاءٌ أَبْيَضُ كَدِرٌ ثَخِينٌ يَخْرُجُ عَقِبَ الْبَوْلِ أَوْ عِنْدَ حَمْلِ شَيْءٍ ثَقِيلٍ قِيَاسًا عَلَى مَا قَبْلَهُ وَإِجْمَاعًا، وَهَذِهِ الْفَضَلَاتُ - مِنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - طَاهِرَةٌ كَمَا جَزَمَ بِهِ الْبَغَوِيّ وَغَيْرُهُ وَصَحَّحَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ، وَأَفْتَى بِهِ شَيْخِي خِلَافًا لِمَا فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ وَالتَّحْقِيقِ مِنْ النَّجَاسَةِ؛ «؛ لِأَنَّ بَرَكَةَ الْحَبَشِيَّةَ شَرِبَتْ بَوْلَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: لَنْ تَلِجَ النَّارَ بَطْنُكِ» صَحَّحَهُ الدَّارَقُطْنِيّ.

وَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ التِّرْمِذِيُّ: دَمُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - طَاهِرٌ؛ لِأَنَّ أَبَا طَيْبَةَ شَرِبَهُ وَفَعَلَ مِثْلَ ذَلِكَ ابْنُ الزُّبَيْرِ وَهُوَ غُلَامٌ حِينَ أَعْطَاهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دَمَ حِجَامَتِهِ لِيَدْفِنَهُ فَشَرِبَهُ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ خَالَطَ دَمُهُ دَمِي لَمْ تَمَسَّهُ النَّارُ» . وَاخْتَلَفَ الْمُتَأَخِّرُونَ فِي حَصَاةٍ تَخْرُجُ عَقِبَ الْبَوْلِ فِي بَعْضِ الْأَحْيَانِ، وَتُسَمَّى عِنْدَ الْعَامَّةِ بِالْحَصِيَّةِ هَلْ هِيَ نَجِسَةٌ أَوْ مُتَنَجِّسَةٌ تَطْهُرُ بِالْغَسْلِ؟ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ فِيهَا مَا قَالَ بَعْضُهُمْ: وَهُوَ إنْ أَخْبَرَ طَبِيبٌ عَدْلٌ بِأَنَّهَا مُنْعَقِدَةٌ مِنْ الْبَوْلِ فَهِيَ نَجِسَةٌ وَإِلَّا فَمُتَنَجِّسَةٌ (وَكَذَا مَنِيُّ غَيْرِ الْآدَمِيِّ) وَنَحْوِ الْكَلْبِ (فِي الْأَصَحِّ) كَسَائِرِ الْمُسْتَحِيلَاتِ. أَمَّا مَنِيُّ نَحْوِ الْكَلْبِ

<<  <  ج: ص:  >  >>