للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَكَذَا لَوْ اكْتَرَى لِحَمْلِ مِائَةِ رِطْلٍ مِنْ حِنْطَةٍ فَحَمَلَ مِائَةً شَعِيرًا أَوْ عَكَسَ أَوْ لِعَشَرَةِ أَقْفِزَةِ شَعِيرٍ فَحَمَلَ حِنْطَةً دُونَ عَكْسِهِ.

وَلَوْ اكْتَرَى لِمِائَةٍ

ــ

[مغني المحتاج]

وَالْقَرَارُ عَلَى الْمُسْتَعْمِلِ الثَّانِي إنْ عَلِمَ الْحَالَ، وَإِلَّا فَعَلَى الْأَوَّلِ إنْ كَانَتْ يَدُ الثَّانِي يَدَ أَمَانَةٍ كَالْمُسْتَأْجِرِ؛ فَإِنْ كَانَتْ يَدَ ضَمَانٍ كَالْمُسْتَعِيرِ فَالْقَرَارُ عَلَيْهِ كَمَا أَوْضَحُوهُ فِي الْغَصْبِ، نَبَّهَ عَلَيْهِ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ. فَإِنْ قِيلَ: مَا ذَكَرُوهُ فِي الْغَصْبِ فِيمَنْ تَرَتَّبَتْ يَدُهُ عَلَى يَدِ الْغَاصِبِ وَهُنَا تَرَتَّبَتْ يَدُهُ عَلَى يَدِ الْمُسْتَأْجِرِ، وَالْأَصَحُّ أَنَّ الْمُسْتَعِيرَ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ لَا يَضْمَنُ.

أُجِيبَ بِأَنَّهُ بِإِرْكَابِهِ مَنْ هُوَ أَثْقَلُ مِنْهُ صَارَ فِي حُكْمِ الْغَاصِبِ، وَلِهَذَا ضَمِنَ الْعَيْنَ، وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُمْ: إنَّهُ لَوْ أَرْكَبَ مِثْلَهُ فَجَاوَزَ الْعَادَةَ فِي الضَّرْبِ كَانَ الضَّمَانُ عَلَى الثَّانِي دُونَ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَعَدَّ. أَمَّا الضَّرْبُ الْمُعْتَادُ إذَا أَفْضَى إلَى تَلَفٍ، فَلَا يُوجِبُ ضَمَانًا. فَإِنْ قِيلَ: ضَرْبُ الزَّوْجِ زَوْجَتَهُ الضَّرْبَ الْمُعْتَادَ يُوجِبُ الضَّمَانَ.

أُجِيبَ بِأَنَّ تَأْدِيبَهَا مُمْكِنٌ بِاللَّفْظِ، وَعَلَى تَقْدِيرِ الظَّنِّ بِأَنَّهُ لَا يُفِيدُ إلَّا الضَّرْبُ فَهُوَ اجْتِهَادٌ فَاكْتَفَى بِهِ لِلْإِبَاحَةِ دُونَ سُقُوطِ الضَّمَانِ، وَلَوْ ارْتَدَفَ مَعَ مُكْتَرِيَيْ دَابَّةٍ رَكِبَاهَا ثَالِثٌ عُدْوَانًا ضَمِنَ الثُّلُثَ إنْ تَلِفَتْ تَوْزِيعًا عَلَى رُءُوسِهِمْ لَا عَلَى قَدْرِ أَوْزَانِهِمْ؛ لِأَنَّ النَّاسَ لَا يُوزَنُونَ غَالِبًا. وَلَوْ سَخَّرَ رَجُلًا وَبَهِيمَتَهُ فَمَاتَتْ فِي يَدِ صَاحِبِهَا قَبْلَ اسْتِعْمَالِهَا فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْمُسَخِّرِ؛ لِأَنَّهَا فِي يَدِ صَاحِبِهَا. أَمَّا بَعْدَ اسْتِعْمَالِهَا فَهِيَ مُعَارَةٌ.

تَنْبِيهٌ أَشَارَ الْمُصَنِّفُ بِالْأَمْثِلَةِ الْمَذْكُورَةِ إلَى أَنَّ التَّعَدِّيَ فِي رَقَبَةِ الْعَيْنِ الْمُسْتَأْجَرَةِ - لِيَخْرُجَ مَا لَوْ آجَرَ الْأَرْضَ لِزَرْعِ حِنْطَةٍ فَزَرَعَ الذُّرَةَ فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ ضَامِنًا لِلْأَرْضِ عَلَى الْأَصَحِّ فِي زِيَادَةِ الرَّوْضَةِ؛ لِأَنَّهُ تَعَدَّى فِي الْمَنْفَعَةِ لَا الرَّقَبَةِ، وَيَلْزَمُهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ لِلذُّرَةِ، (وَكَذَا) يَصِيرُ ضَامِنًا (لَوْ اكْتَرَى) دَابَّة (لِحَمْلِ مِائَةِ رِطْلٍ مِنْ حِنْطَةٍ فَحَمَلَ) عَلَيْهَا (مِائَةً شَعِيرًا أَوْ عَكَسَ) ، بِأَنْ اكْتَرَاهَا لِحَمْلِ مِائَةِ رِطْلٍ شَعِيرٍ فَحَمَلَ عَلَيْهَا مِائَةَ حِنْطَةٍ؛ لِأَنَّ الْحِنْطَةَ أَثْقَلُ فَيَجْتَمِعُ ثِقَلُهَا فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ وَالشَّعِيرُ أَخَفُّ؛ فَيَأْخُذُ مِنْ ظَهْرِ الدَّابَّةِ أَكْثَرَ، فَالضَّرَرُ مُخْتَلِفٌ، وَقِيسَ عَلَى الْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ كُلُّ مُخْتَلِفَيْنِ فِي الضَّرَرِ كَالْقُطْنِ وَالْحَدِيدِ. قَالَ الْقَاضِي الْحُسَيْنُ. وَسَوَاءٌ أُتْلِفَتْ بِذَلِكَ السَّبَبِ أَمْ بِغَيْرِهِ؛ لِأَنَّ يَدَهُ صَارَتْ يَدَ عُدْوَانٍ، وَيُبَدَّلُ بِالْقُطْنِ الصُّوفُ وَالْوَبَرُ؛ لِأَنَّهُمَا مِثْلُهُ فِي الْحَجْمِ لَا الْحَدِيدُ، وَيُبَدَّلُ بِالْحَدِيدِ الرَّصَاصُ وَالنُّحَاسُ؛ لِأَنَّهُمَا مِثْلُهُ فِي الْحَجْمِ لَا الْقُطْنُ، (أَوْ) اكْتَرَاهَا (لِعَشَرَةِ أَقْفِزَةِ شَعِيرٍ فَحَمَلَ) عَشَرَةً (حِنْطَةً) فَإِنَّهُ يَصِيرُ ضَامِنًا لِلدَّابَّةِ؛ لِأَنَّهَا أَثْقَلُ، وَالْأَقْفِزَةُ جَمْعُ قَفِيزٍ، وَهُوَ مِكْيَالٌ يَسَعُ اثْنَيْ عَشَرَ صَاعًا، (دُونَ عَكْسِهِ) لِخِفَّةِ الشَّعِيرِ مَعَ اسْتِوَائِهِمَا فِي الْحَجْمِ.

(وَلَوْ اكْتَرَى) دَابَّةً (لِمِائَةٍ) أَيْ لِحَمْلِ مِائَةِ رِطْلٍ حِنْطَةً

<<  <  ج: ص:  >  >>