وَأَنَّهُ لَوْ أَحْيَاهُ آخَرُ مَلَكَهُ.
وَلَوْ طَالَتْ مُدَّةُ التَّحَجُّرِ قَالَ لَهُ السُّلْطَانُ أَحْيِ أَوْ اُتْرُكْ، فَإِنْ اسْتَمْهَلَ أُمْهِلَ مُدَّةً قَرِيبَةً.
وَلَوْ أَقْطَعَهُ الْإِمَامُ مَوَاتًا صَارَ أَحَقَّ بِإِحْيَائِهِ كَالْمُتَحَجِّرِ.
ــ
[مغني المحتاج]
أَبَا إِسْحَاقَ يُخَالِفُ فِيهِ أَيْضًا، وَكَذَلِكَ فِي مَقَاعِدِ الْأَسْوَاقِ، وَهَلْ يَجْرِي خِلَافُهُ فِي الْمَسَاجِدِ وَالرُّبُطِ وَنَحْوِهَا؟ الظَّاهِرُ الْمَنْعُ فَيَمْتَنِعُ الِاعْتِيَاضُ عَنْهَا قَطْعًا؛ لِأَنَّهَا عَيْنٌ وَلَا مَنْفَعَةَ كَمَا قَطَعُوا بِهِ فِي امْتِنَاعِ الْعِوَضِ عَلَى حَقِّ الْقَسَمِ، وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ النُّزُولُ عَنْ الْوَظَائِفِ مِثْلَهُ؛ لِأَنَّهُ مَلَكَ أَنْ يَنْتَفِعَ بِهَا لَا الْمَنْفَعَةَ اهـ.
(وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّهُ لَوْ أَحْيَاهُ) شَخْصٌ (آخَرُ مَلَكَهُ) وَإِنْ عَصَى بِذَلِكَ كَمَا لَوْ دَخَلَ فِي سَوْمِ أَخِيهِ وَاشْتَرَى. وَالثَّانِي: لَا يَمْلِكُهُ لِئَلَّا يُبْطِلَ حَقَّ غَيْرِهِ.
تَنْبِيهٌ مَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا لَمْ يُعْرِضْ عَنْ الْعِمَارَةِ، فَإِنْ أَعْرَضَ عَنْهَا مَلَكَهُ الْمُحْيِي قَطْعًا. قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَالْخِلَافُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ شَبِيهٌ بِمَا إذَا عَشَّشَ الطَّائِرُ فِي مِلْكِهِ وَأَخَذَ الْفَرْخَ غَيْرُهُ هَلْ يَمْلِكُهُ، وَكَذَا لَوْ تَوَحَّلَ طَيْرٌ فِي أَرْضِهِ أَوْ وَقَعَ الثَّلْجُ فِيهَا وَنَحْوُ ذَلِكَ اهـ وَقَدْ وَقَعَ فِي ذَلِكَ اضْطِرَابٌ، وَسَيَأْتِي تَحْرِيرُهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فِي آخِرِ الْوَلِيمَةِ.
(وَلَوْ طَالَتْ مُدَّةُ التَّحَجُّرِ) وَلَمْ يُحْيِ، وَيُرْجَعُ فِي طُولِهَا لِلْعُرْفِ (قَالَ لَهُ السُّلْطَانُ) أَوْ نَائِبُهُ: (أَحْيِ أَوْ اُتْرُكْ) مَا تَحَجَّرْتَهُ؛ لِأَنَّهُ ضَيَّقَ عَلَى النَّاسِ فِي حَقٍّ مُشْتَرَكٍ؛ فَمُنِعَ مِنْهُ، كَمَا لَوْ وَقَفَ فِي شَارِعٍ (فَإِنْ اسْتَمْهَلَ) الْمُتَحَجِّرُ (أُمْهِلَ مُدَّةً قَرِيبَةً) يَسْتَعِدُّ فِيهَا لِلْعِمَارَةِ، وَتَقْدِيرُهَا إلَى رَأْيِ الْإِمَامِ، وَقِيلَ تُقَدَّرُ بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، وَقِيلَ بِعَشَرَةِ أَيَّامٍ، فَإِذَا مَضَتْ الْمُدَّةُ وَلَمْ يُعَمِّرْ بَطَلَ حَقُّهُ مِنْ غَيْرِ رَفْعٍ إلَى سُلْطَانٍ، وَقَضِيَّةُ هَذَا أَنَّهُ لَا يَبْطُلُ حَقُّهُ بِمُضِيِّ الْمُدَّةِ بِلَا مُهْلَةٍ، وَهُوَ مَا بَحَثَهُ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ، لَكِنَّهُ خِلَافُ مَنْقُولِهِ الَّذِي جَزَمَ بِهِ الْإِمَامُ مِنْ أَنَّهُ يَبْطُلُ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ التَّحَجُّرَ ذَرِيعَةٌ إلَى الْعِمَارَةِ، وَهِيَ لَا تُؤَخَّرُ عَنْهُ إلَّا بِقَدْرِ أَسْبَابِهَا، وَلِهَذَا لَا يَصِحُّ تَحَجُّرُ مَنْ لَا يَقْدِرُ عَلَى تَهْيِئَةِ الْأَسْبَابِ كَمَنْ تَحَجَّرَ لِيَعْمُرَ فِي قَابِلٍ، وَكَفَقِيرٍ تَحَجَّرَ إذَا قَدَرَ، فَوَجَبَ إذَا أَخَّرَ وَطَالَ الزَّمَانُ أَنْ يَعُودَ مَوَاتًا كَمَا كَانَ.
وَقَالَ السُّبْكِيُّ: يَنْبَغِي إذَا عَرَفَ الْإِمَامُ أَنَّهُ لَا عُذْرَ لَهُ فِي تَطْوِيلِ الْمُدَّةِ انْتَزَعَهَا مِنْهُ فِي الْحَالِ، وَكَذَا إنْ لَمْ تَطُلْ الْمُدَّةُ، وَعُلِمَ أَنَّهُ مُعْرِضٌ عَنْ الْعِمَارَةِ.
تَنْبِيهٌ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي طَلَبِ الْإِمْهَالِ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ بِعُذْرٍ أَوْ بِغَيْرِهِ، وَبِهِ صَرَّحَ الرُّويَانِيُّ، وَهُوَ خِلَافُ قَضِيَّةِ كَلَامِ الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا، فَإِنَّهُمَا قَالَا: فَإِنْ ذَكَرَ عُذْرًا وَاسْتَمْهَلَ؛ أُمْهِلَ مُدَّةً قَرِيبَةً اهـ وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ السُّبْكِيّ السَّابِقِ.
(وَلَوْ أَقْطَعَهُ الْإِمَامُ مَوَاتًا) لَا لِتَمْلِيكِ رَقَبَتِهِ (صَارَ) بِمُجَرَّدِ الْإِقْطَاعِ (أَحَقَّ بِإِحْيَائِهِ) مِنْ غَيْرِهِ، يَعْنِي مُسْتَحِقًّا لَهُ دُونَ غَيْرِهِ (كَالْمُتَحَجِّرِ) لِتَظْهَرَ فَائِدَةُ الْإِقْطَاعِ، وَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ: صَارَ كَالْمُتَحَجِّرِ