للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَوْ سَبَقَ رَجُلٌ إلَى مَوْضِعٍ مِنْ رِبَاطٍ مُسَبَّلٍ أَوْ فَقِيهٌ إلَى مَدْرَسَةٍ، أَوْ صُوفِيٌّ إلَى خَانْقَاهْ لَمْ يُزْعَجْ، وَلَمْ يَبْطُلْ حَقُّهُ بِخُرُوجِهِ لِشِرَاءِ حَاجَةٍ وَنَحْوِهِ.

ــ

[مغني المحتاج]

الْأَحَقُّ مَوْضِعَهُ لِخَبَرِ «لِيَلِيَنِّي مِنْكُمْ أُولُو الْأَحْلَامِ وَالنُّهَى» مَمْنُوعٌ إذْ الصَّبِيُّ إذَا سَبَقَ إلَى الصَّفِّ الْأَوَّلِ لَا يُؤَخَّرُ.

مَسْأَلَةٌ: وَهِيَ كَثِيرَةُ الْوُقُوعِ: لَوْ بَسَطَ شَخْصٌ شَيْئًا فِي مَسْجِدٍ مَثَلًا وَمَضَى أَوْ بُسِطَ لَهُ كَانَ لِغَيْرِهِ تَنْحِيَتُهُ، كَمَا جَزَمَ بِهِ الرَّافِعِيُّ فِي بَابِ الْجُمُعَةِ، خِلَافًا لِلْمَرْوَزِيِّ، وَلَوْ نَوَى اعْتِكَافَ أَيَّامٍ فِي الْمَسْجِدِ فَخَرَجَ لِمَا يَجُوزُ الْخُرُوجُ لَهُ فِي الِاعْتِكَافِ، وَعَادَ كَانَ أَحَقَّ بِمَوْضِعِهِ، وَخُرُوجُهُ لِغَيْرِ ذَلِكَ نَاسِيًا، كَذَلِكَ كَمَا بَحَثَهُ شَيْخُنَا، وَإِنْ نَوَى اعْتِكَافًا مُطْلَقًا فَهُوَ أَحَقُّ بِمَوْضِعِهِ مَا لَمْ يَخْرُجْ مِنْ الْمَسْجِدِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ، وَيُنْدَبُ مَنْعُ مَنْ يَجْلِسُ فِي الْمَسْجِدِ لِمُبَايَعَةٍ وَحِرْفَةٍ؛ إذْ حُرْمَتُهُ تَأْبَى اتِّخَاذَهُ حَانُوتًا، وَتَقَدَّمَ فِي بَابِ الِاعْتِكَافِ أَنَّ تَعَاطِيَ ذَلِكَ فِيهِ مَكْرُوهٌ، وَلَا يَجُوزُ الِارْتِفَاقُ بِحَرِيمِ الْمَسْجِدِ إذَا أَضَرَّ بِأَهْلِهِ، وَلَا يَجُوزُ لِلْإِمَامِ الْإِذْنُ فِيهِ حِينَئِذٍ وَإِلَّا جَازَ، وَيُنْدَبُ مَنْعُ النَّاسِ مِنْ اسْتِطْرَاقِ حِلَقِ الْقُرَّاءِ وَالْفُقَهَاءِ فِي الْجَوَامِعِ وَغَيْرِهَا تَوْقِيرًا لَهُمْ.

(وَلَوْ سَبَقَ رَجُلٌ إلَى مَوْضِعٍ مِنْ رِبَاطٍ مُسَبَّلٍ) فِي طَرِيقٍ أَوْ طَرَفِ بَلَدٍ وَهُوَ مِمَّنْ يَسْكُنُهُ مِثْلُهُ (أَوْ) سَبَقَ (فَقِيهٌ إلَى مَدْرَسَةٍ أَوْ صُوفِيٌّ) وَهُوَ وَاحِدُ الصُّوفِيَّةِ (إلَى خَانْقَاهْ) وَهِيَ مَكَانُ الصُّوفِيَّةِ (لَمْ يُزْعَجْ) مِنْهُ سَوَاءٌ أَذِنَ لَهُ الْإِمَامُ أَمْ لَا (وَلَمْ يَبْطُل حَقُّهُ) مِنْهُ (بِخُرُوجِهِ لِشِرَاءِ حَاجَةٍ) كَشِرَاءِ طَعَامٍ (وَنَحْوِهِ) كَصَلَاةٍ وَحَمَّامٍ سَوَاءٌ أَخْلَفَ فِيهِ غَيْرَهُ أَمْ مَتَاعَهُ أَمْ لَا، وَسَوَاءٌ أَدْخَلَهُ بِإِذْنِ الْإِمَامِ أَمْ لَا، إلَّا إنْ شَرَطَ الْوَاقِفُ أَنْ لَا يَسْكُنَ أَحَدٌ إلَّا بِإِذْنِ الْإِمَامِ، بِخِلَافِ مَا إذَا خَرَجَ لِغَيْرِ حَاجَةٍ.

تَنْبِيهٌ ظَاهِرُ قَوْلِهِ: لَوْ سَبَقَ إلَخْ أَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ فِي الدُّخُولِ إلَى إذْنِ النَّاظِرِ وَلَيْسَ مُرَادًا لِلْعُرْفِ كَمَا أَفْتَى بِهِ ابْنُ الصَّلَاحِ وَالْمُصَنِّفُ وَإِنْ حَمَلَهُ ابْنُ الْعِمَادِ عَلَى مَا إذَا جَعَلَ الْوَاقِفُ لِلنَّاظِرِ أَنْ يُسْكِنَ مَنْ شَاءَ وَيَمْنَعَ مَنْ شَاءَ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ الِافْتِيَاتِ عَلَى النَّاظِرِ، وَإِنْ سَكَنَ بَيْتًا وَغَابَ وَلَمْ تَطُلْ غَيْبَتُهُ عُرْفًا ثُمَّ عَادَ فَهُوَ بَاقٍ عَلَى حَقِّهِ، وَإِنْ سَكَنَهُ غَيْرُهُ، لِأَنَّهُ أَلِفَهُ مَعَ سَبْقِهِ إلَيْهِ، وَلَا يَمْنَعُ غَيْرَهُ مِنْ سُكْنَاهُ مُدَّةَ غَيْبَتِهِ، عَلَى أَنْ يُفَارِقَهُ إذَا حَضَرَ، فَإِنْ طَالَتْ غَيْبَتُهُ بَطَلَ حَقُّهُ، وَلَوْ طَالَ مَقَامُ الْمُرْتَفِقِ فِي شَارِعٍ وَنَحْوِهِ - كَمَسْجِدٍ - لَمْ يُزْعَجْ إلَّا فِي الرُّبُطِ الْمَوْقُوفَةِ عَلَى الْمُسَافِرِينَ فَلَا يُزَادُونَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ بِلَيَالِيِهَا إلَّا لِخَوْفٍ أَوْ مَطَرٍ، وَلَوْ شَرَطَ الْوَاقِفُ مُدَّةً لَمْ يُزَدْ عَلَيْهَا، وَعِنْدَ الْإِطْلَاقِ يُعْمَلُ بِالْعُرْفِ فَيُقِيمُ الطَّالِبُ فِي الْمَدْرَسَةِ الْمَوْقُوفَةِ عَلَى طَلَبَةِ الْعِلْمِ حَتَّى يَقْضِيَ غَرَضَهُ أَوْ يَتْرُكَ التَّعَلُّمَ وَالتَّحْصِيلَ فَيُزْعَجَ، وَيُؤْخَذُ مِنْ هَذَا كَمَا قَالَ

<<  <  ج: ص:  >  >>