وَلَوْ جَلَسَ فِيهِ لِصَلَاةٍ لَمْ يَصِرْ أَحَقَّ بِهِ فِي غَيْرِهَا، فَلَوْ فَارَقَهُ لِحَاجَةٍ لِيَعُودَ لَمْ يَبْطُلْ اخْتِصَاصُهُ، فِي تِلْكَ الصَّلَاةِ فِي الْأَصَحِّ وَإِنْ لَمْ يَتْرُكْ إزَارَهُ.
ــ
[مغني المحتاج]
تَنْبِيهٌ فُهِمَ مِنْ إلْحَاقِ الْمُصَنِّفِ الْمَسْجِدَ بِالشَّارِعِ، أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ إذْنُ الْإِمَامِ وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا قَالَهُ الْإِمَامُ؛ إذْ الْمَسَاجِدُ لِلَّهِ تَعَالَى وَإِنْ قَيَّدَهُ الْمَاوَرْدِيُّ بِصِغَارِ الْمَسَاجِدِ. قَالَ: وَأَمَّا كِبَارُهَا وَالْجَوَامِعُ فَيُعْتَبَرُ فِيهِ إذْنُ الْإِمَامِ إنْ كَانَتْ عَادَةُ الْبَلَدِ الِاسْتِئْذَانَ فِيهِ، وَقَدْ يَخْرُجُ بِقَوْلِهِ يُفْتِي وَيُقْرِئُ جُلُوسُ الطَّالِبِ، لَكِنْ فِي زِيَادَةِ الرَّوْضَةِ أَنَّ مَجْلِسَ الْفَقِيهِ حَالَ تَدْرِيسِ الْمُدَرِّسِ فِي مَجْلِسٍ أَوْ مَدْرَسَةٍ، الظَّاهِرُ فِيهِ دَوَامُ الِاخْتِصَاصِ اهـ.
وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ إذَا كَانَ أَهْلًا لِلْجُلُوسِ فِيهِ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ أَمَّا إذَا كَانَ لَا يُفِيدُ وَلَا يَسْتَفِيدُ فَلَا مَعْنَى لَهُ (وَلَوْ جَلَسَ فِيهِ) أَيْ الْمَسْجِدِ (لِصَلَاةٍ لَمْ يَصِرْ أَحَقَّ بِهِ فِي) صَلَاةٍ (غَيْرِهَا) ؛ لِأَنَّ لُزُومَ بُقْعَةٍ مُعَيَّنَةٍ لِلصَّلَاةِ غَيْرُ مَطْلُوبٍ بَلْ وَرَدَ فِيهِ نَهْيٌ، وَبِقَاعُ الْمَسْجِدِ لَا تَخْتَلِفُ بِخِلَافِ مَقَاعِدِ الْأَسْوَاقِ. فَإِنْ قِيلَ: هَذَا مَمْنُوعٌ؛ لِأَنَّ ثَوَابَ الصَّلَاةِ فِي الصَّفِّ الْأَوَّلِ أَفْضَلُ مِنْ غَيْرِهِ.
أُجِيبَ بِأَنَّ الصَّفَّ الْأَوَّلَ لَا يَنْحَصِرُ فِي بُقْعَةٍ بِعَيْنِهَا فَإِنْ قِيلَ: قَدْ تَفُوتُهُ فَضِيلَةُ الْقُرْبِ مِنْ الْإِمَامِ.
أُجِيبَ بِأَنَّ لَهُ طَرِيقًا إلَى تَحْصِيلِهِ بِالسَّبْقِ الَّذِي طَلَبَهُ الشَّارِعُ.
تَنْبِيهٌ أَفْهَمَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ الْأَحَقِّيَّةَ فِي تِلْكَ الصَّلَاةِ حَتَّى لَوْ اسْتَمَرَّ إلَى وَقْتِ صَلَاةٍ أُخْرَى فَحَقُّهُ بَاقٍ وَهُوَ كَذَلِكَ وَشَمِلَ مَا لَوْ كَانَ الْجَالِسُ صَبِيًّا وَهُوَ الْأَصَحُّ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ، وَيَلْحَقُ بِالصَّلَاةِ الْجُلُوسُ فِي الْمَسْجِدِ لِسَمَاعِ وَعْظٍ أَوْ حَدِيثٍ: أَيْ أَوْ قِرَاءَةٍ فِي لَوْحٍ مَثَلًا، وَكَذَا مَنْ يُطَالِعُ مُنْفَرِدًا بِخِلَافِ مَنْ يُطَالِعُ لِغَيْرِهِ، وَلَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لِذَلِكَ، وَهُوَ ظَاهِرٌ (فَلَوْ فَارَقَهُ) قَبْلَ الصَّلَاةِ (لِحَاجَةٍ) كَإِجَابَةِ دَاعٍ وَرُعَافٍ وَقَضَاءِ حَاجَةٍ (لِيَعُودَ) بَعْد فَرَاغِ حَاجَتِهِ (لَمْ يَبْطُلْ اخْتِصَاصُهُ) بِهِ (فِي تِلْكَ الصَّلَاةِ فِي الْأَصَحِّ) وَعَبَّرَ فِي الرَّوْضَةِ بِالصَّحِيحِ (وَإِنْ لَمْ يَتْرُكْ) فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ (إزَارَهُ) أَوْ نَحْوَهُ كَسَجَّادَةٍ لِحَدِيثِ مُسْلِمٍ الْمَارِّ. وَالثَّانِي: يَبْطُلُ كَغَيْرِهِ مِنْ الصَّلَاةِ.
تَنْبِيهٌ مَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا لَمْ تَقُمْ الصَّلَاةُ فِي غَيْبَتِهِ. أَمَّا لَوْ أُقِيمَتْ وَاتَّصَلَتْ الصُّفُوفُ فَالْوَجْهُ كَمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ سَدُّ الصَّفِّ مَكَانَهُ، وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ طَرْدُ الْخِلَافِ فِيمَا لَوْ كَانَ دَخَلَ لِانْتِظَارِ الصَّلَاةِ قَبْلَ دُخُولِ وَقْتِهَا وَخَرَجَ قَبْلَ دُخُولِ وَقْتِهَا لِيَعُودَ وَهُوَ كَذَلِكَ، وَإِنْ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ لَمْ أَرَ فِيهِ تَصْرِيحًا اهـ.
وَقَوْلُ الزَّرْكَشِيّ: يَنْبَغِي أَنْ يُسْتَثْنَى مِنْ حَقِّ السَّبْقِ مَا لَوْ قَعَدَ خَلْفَ الْإِمَامِ وَلَيْسَ أَهْلًا لِلِاسْتِخْلَافِ، أَوْ كَانَ ثَمَّ مَنْ هُوَ أَحَقُّ مِنْهُ بِالْإِمَامَةِ فَيُؤَخَّرُ وَيُقَدَّمُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute