للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أُقْرِعَ، وَقِيلَ يُقَدِّمُ الْإِمَامُ بِرَأْيِهِ.

وَلَوْ جَلَسَ فِيهِ لِلْمُعَامَلَةِ ثُمَّ فَارَقَهُ تَارِكًا لِلْحِرْفَةِ أَوْ مُنْتَقِلًا إلَى غَيْرِهِ بَطَلَ حَقُّهُ، وَإِنْ فَارَقَهُ لِيَعُودَ لَمْ يَبْطُلْ إلَّا أَنْ تَطُولَ مُفَارَقَتُهُ بِحَيْثُ يَنْقَطِعُ مُعَامِلُوهُ عَنْهُ وَيَأْلَفُونَ غَيْرَهُ.

وَمَنْ أَلِفَ مِنْ الْمَسْجِدِ مَوْضِعًا يُفْتِي فِيهِ وَيُقْرِئُ كَالْجَالِسِ فِي شَارِعٍ لِمُعَامَلَةٍ،

ــ

[مغني المحتاج]

مَوْضِعٍ مِنْهُ (أُقْرِعَ) بَيْنَهُمَا لِعَدَمِ الْمَزِيَّةِ (وَقِيلَ: يُقَدِّمُ الْإِمَامُ) أَحَدَهُمَا (بِرَأْيِهِ) كَمَالِ بَيْتِ الْمَالِ، وَهَذَا كَمَا قَالَ الدَّارِمِيُّ إذَا كَانَا مُسْلِمَيْنِ. أَمَّا إذَا كَانَ أَحَدُهُمَا مُسْلِمًا وَالْآخَرُ ذِمِّيًّا، فَالْمُسْلِمُ مُقَدَّمٌ مُطْلَقًا.

(وَلَوْ جَلَسَ فِيهِ لِلْمُعَامَلَةِ) أَوْ لِلْحِرْفَةِ كَالْخِيَاطَةِ (ثُمَّ فَارَقَهُ) أَيْ مَوْضِعَ جُلُوسِهِ (تَارِكًا) لِلْمُعَامَلَةِ أَوْ (لِلْحِرْفَةِ أَوْ مُنْتَقِلًا إلَى غَيْرِهِ؛ بَطَلَ حَقُّهُ) بِمُفَارَقَتِهِ؛ لِإِعْرَاضِهِ عَنْهُ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَسَوَاءٌ فِيهِ الْمُقْطَعُ وَغَيْرُهُ فِيمَا أَرَاهُ (وَإِنْ فَارَقَهُ) وَلَوْ بِلَا عُذْرٍ (لِيَعُودَ) إلَيْهِ (لَمْ يَبْطُلْ) حَقُّهُ مِنْهُ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «إذَا قَامَ أَحَدُكُمْ مِنْ مَجْلِسِهِ ثُمَّ رَجَعَ إلَيْهِ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ» وَإِذَا فَارَقَهُ بِاللَّيْلِ فَلَيْسَ لِغَيْرِهِ مُزَاحَمَتُهُ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي، وَكَذَا الْأَسْوَاقُ الَّتِي تُقَامُ فِي كُلِّ أُسْبُوعٍ أَوْ فِي كُلِّ شَهْرٍ مَرَّةً إذَا اتَّخَذَ فِيهَا مَقْعَدًا كَانَ أَحَقَّ بِهِ فِي النَّوْبَةِ الثَّانِيَةِ، وَلَوْ أَرَادَ غَيْرُهُ الْجُلُوسَ فِيهِ مُدَّةَ غَيْبَتِهِ إلَى أَنْ يَعُودَ؛ جَازَ إنْ كَانَ لِغَيْرِ مُعَامَلَةٍ وَكَذَا لِمُعَامَلَةٍ عَلَى الْأَصَحِّ، (إلَّا أَنْ تَطُولَ مُفَارَقَتُهُ) لَهُ بِعُذْرٍ أَوْ بِغَيْرِهِ (بِحَيْثُ يَنْقَطِعُ مُعَامِلُوهُ عَنْهُ وَيَأْلَفُونَ) فِي مُعَامَلَتِهِمْ (غَيْرَهُ) فَيَبْطُلُ حَقُّهُ وَإِنْ تَرَكَ فِيهَا شَيْئًا مِنْ مَتَاعِهِ؛ لِأَنَّ الْغَرَضَ مِنْ الْمَوْضِعِ الْمُعَيَّنِ أَنْ يُعْرَفَ فَيُعَامَلَ.

تَنْبِيهٌ قَضِيَّةُ إطْلَاقِهِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَجْلِسَ بِإِقْطَاعِ الْإِمَامِ أَوْ لَا، وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا صَحَّحَهُ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ، وَقِيلَ: لَا يَبْطُلُ فِيمَا إذَا جَلَسَ بِإِقْطَاعِ الْإِمَامِ وَجَزَمَ بِهِ فِي التَّنْبِيهِ وَأَقَرَّهُ الْمُصَنِّفُ فِي تَصْحِيحِهِ وَجَزَمَ بِهِ فِي نُكَتِهِ، وَخَرَجَ بِجَلَسَ لِمُعَامَلَةٍ، مَا لَوْ جَلَسَ لِاسْتِرَاحَةٍ أَوْ نَحْوِهَا فَإِنَّهُ يَبْطُلُ حَقُّهُ بِمُفَارَقَتِهِ. وَكَذَا لَوْ كَانَ جَوَّالًا، وَهُوَ مَنْ يَقْعُدُ كُلَّ يَوْمٍ فِي مَوْضِعٍ مِنْ السُّوقِ فَإِنَّ حَقَّهُ يَبْطُلُ بِمُفَارَقَتِهِ.

وَيُكْرَهُ الْجُلُوسُ فِي الشَّارِعِ لِلْحَدِيثِ وَنَحْوِهِ إلَّا أَنْ يُعْطِيَ الطَّرِيقَ حَقَّهُ مِنْ غَضِّ الْبَصَرِ وَكَفِّ الْأَذَى وَرَدِّ السَّلَامِ وَالْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنْ الْمُنْكَرِ كَمَا وَرَدَ تَفْسِيرُهُ بِذَلِكَ فِي الْخَبَرِ.

(وَمَنْ أَلِفَ مِنْ الْمَسْجِدِ مَوْضِعًا يُفْتِي فِيهِ) النَّاسَ (وَيُقْرِئُ) الْقُرْآنَ أَوْ الْحَدِيثَ أَوْ الْفِقْهَ أَوْ غَيْرَهَا مِنْ الْعُلُومِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِعُلُومِ الشَّرْعِ كَنَحْوٍ وَصَرْفٍ وَلُغَةٍ فَحُكْمُهُ (كَالْجَالِسِ فِي) مَقْعَدٍ فِي (شَارِعٍ لِمُعَامَلَةٍ) فِي التَّفْصِيلِ السَّابِقِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>