وَيَصِحُّ وَقْفُ عَقَارٍ وَمَنْقُولٍ
وَمُشَاعٌ لَا عَبْدٌ وَثَوْبٌ فِي الذِّمَّةِ.
وَلَا
ــ
[مغني المحتاج]
التَّنَزُّهُ، وَقَالَ الْخُوَارِزْمِيُّ وَابْنُ الصَّلَاحِ: يَصِحُّ وَقْفُ الْمَشْمُومِ الدَّائِمِ نَفْعُهُ كَالْمِسْكِ وَالْعَنْبَرِ وَالْعُودِ، وَيُطْلَقُ الرَّيْحَانُ عَلَى كُلِّ نَبْتٍ رَطْبٍ غَضٍّ طَيِّبِ الرِّيحِ، فَيَدْخُلُ الْوَرْدُ لِرِيحِهِ.
(وَيَصِحُّ وَقْفُ عَقَارٍ) مِنْ أَرْضٍ أَوْ دَار بِالْإِجْمَاعِ (وَ) وَقْفُ (مَنْقُولٍ) كَعَبْدٍ وَثَوْبٍ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «وَأَمَّا خَالِدٌ فَإِنَّكُمْ تَظْلِمُونَ خَالِدًا فَإِنَّهُ احْتَبَسَ أَدْرَاعَهُ وَأَعْبُدَهُ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -، وَأَعْبُدَهُ رَوَاهُ الْمُتَوَلِّي بِالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ جَمْعُ عَبْدٍ. وَقَالَ السُّبْكِيُّ: الصَّوَابُ أَعْتُدَهُ بِالتَّاءِ الْمُثَنَّاةِ جَمْعُ عَتَادٍ، وَهُوَ كُلُّ مَا أَعَدَّهُ مِنْ السِّلَاحِ وَالدَّوَابِّ كَمَا قَالَهُ الْخَطَّابِيُّ وَجَمَاعَةٌ. وَاتَّفَقَتْ الْأُمَّةُ فِي الْأَعْصَارِ عَلَى وَقْفِ الْحُصْرِ وَالْقَنَادِيلِ وَالزَّلَالِيِّ فِي الْمَسَاجِدِ مِنْ غَيْرِ نَكِيرٍ.
(وَ) وَقْفُ (مُشَاعٍ) مِنْ عَقَارٍ أَوْ مَنْقُولٍ؛ لِأَنَّ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَقَفَ مِائَةَ سَهْمٍ مِنْ خَيْبَرَ مُشَاعًا، رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ، وَلَا يَسْرِي إلَى الْبَاقِي؛ لِأَنَّهَا مِنْ خَوَاصِّ الْعِتْقِ.
تَنْبِيهٌ ظَاهِرُ كَلَامِهِ كَغَيْرِهِ أَنَّهُ يَصِحُّ وَقْفُ الْمُشَاعِ مَسْجِدًا وَبِهِ صَرَّحَ ابْنُ الصَّلَاحِ، وَقَالَ: يَحْرُمُ الْمُكْثُ فِيهِ عَلَى الْجُنُبِ تَغْلِيبًا لِلْمَنْعِ وَتَجِبُ الْقِسْمَةُ لِتَعَيُّنِهَا طَرِيقًا. قَالَ السُّبْكِيُّ: وَالْقَوْلُ بِوُجُوبِهَا مُخَالِفٌ لِلْمَذْهَبِ الْمَعْرُوفِ يَعْنِي مَنْ مَنَعَ قِسْمَةَ الْوَقْفِ مِنْ الْمُطْلَقِ إلَّا أَنْ يَكُونَ فِيهِ نَقْلٌ صَرِيحٌ بِخُصُوصِهِ، وَأَفْتَى الْبَارِزِيُّ بِجَوَازِ الْمُكْثِ فِيهِ مَا لَمْ يُقْسِمْ، كَمَا يَجُوزُ لِلْجُنُبِ حَمْلُ الْمُصْحَفِ مَعَ الْأَمْتِعَةِ، وَاعْتَرَضَهُ السُّبْكِيُّ بِأَنَّ مَحَلَّ جَوَازِ حَمْلِ الْمُصْحَفِ مَعَ الْأَمْتِعَةِ إذَا لَمْ يَكُنْ مَقْصُودًا اهـ.
وَكَلَامُ ابْنِ الصَّلَاحِ هُوَ الظَّاهِرُ كَمَا قَالَهُ ابْنُ شُهْبَةَ، وَتُسْتَثْنَى هَذِهِ الصُّورَةُ مِنْ مَنْعِ قِسْمَةِ الْوَقْفِ مِنْ الْمُطْلَقِ لِلضَّرُورَةِ: وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْمَوْقُوفُ مَسْجِدًا هُوَ الْأَقَلُّ أَمْ لَا.
فَإِنْ قِيلَ: يَنْبَغِي عَدَمُ حُرْمَةِ الْمُكْثِ فِيمَا إذَا كَانَ الْمَوْقُوفُ مَسْجِدًا أَقَلَّ، كَمَا أَنَّهُ لَا يَحْرُمُ حَمْلُ التَّفْسِيرِ إذَا كَانَ الْقُرْآنُ أَقَلَّ عَلَى الْمُحْدِثِ. .
أُجِيبَ بِأَنَّ الْمَسْجِدِيَّةَ هُنَا شَائِعَةٌ فِي جَمِيعِ أَجْزَاءِ الْأَرْضِ غَيْرُ مُتَمَيِّزَةٍ فِي شَيْءٍ مِنْهَا فَلَمْ يُمْكِنْ تَبَعِيَّةُ الْأَقَلِّ لِلْأَكْثَرِ؛ إذْ لَا تَبَعِيَّةَ إلَّا مَعَ التَّمْيِيزِ بِخِلَافِ الْقُرْآنِ؛ فَإِنَّهُ مُتَمَيِّزٌ عَنْ التَّفْسِيرِ فَاعْتُبِرَ الْأَكْثَرُ لِيَكُونَ الْبَاقِي تَابِعًا، وَمَرَّ فِي بَابِ الِاعْتِكَافِ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ الِاعْتِكَافُ فِيهِ (لَا عَبْدٍ وَثَوْبٍ) مَثَلًا (فِي الذِّمَّةِ) سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ ذِمَّتُهُ وَذِمَّةُ غَيْرِهِ كَأَنْ يَكُونَ لَهُ فِي ذِمَّةِ غَيْرِهِ عَبْدٌ أَوْ ثَوْبٌ بِسَلَمٍ أَوْ غَيْرِهِ فَلَا يَصِحُّ وَقْفُهُمَا؛ إذْ لَا مِلْكَ وَالْوَقْفُ إزَالَةُ مِلْكٍ عَنْ عَيْنٍ. نَعَمْ يَصِحُّ وَقْفُهُمَا بِالْتِزَامِ نَذْرٍ فِي ذِمَّةِ النَّاذِرِ كَقَوْلِهِ: لِلَّهِ عَلَيَّ وَقْفُ عَبْدٍ أَوْ ثَوْبٍ مَثَلًا ثُمَّ يُعَيِّنُهُ بَعْدَ ذَلِكَ.
(وَلَا) يَصِحُّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute