للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَقْفُ حُرِّ نَفْسِهِ.

وَكَذَا مُسْتَوْلَدَةٌ وَكَلْبٌ مُعَلَّمٌ وَأَحَدُ عَبْدَيْهِ فِي الْأَصَحِّ.

وَلَوْ وَقَفَ بِنَاءً أَوْ غَرْسًا فِي أَرْضٍ مُسْتَأْجَرَةٍ لَهُمَا فَالْأَصَحُّ جَوَازُهُ

ــ

[مغني المحتاج]

(وَقْفُ حُرِّ نَفْسِهِ) ؛ لِأَنَّ رَقَبَتَهُ غَيْرُ مَمْلُوكَةٍ، كَمَا لَا يَهَبُ نَفْسَهُ، وَلَا يَصِحُّ وَقْفُ الْمَنْفَعَةِ دُونَ الرَّقَبَةِ مُؤَقَّتَةً كَانَتْ - كَالْإِجَارَةِ - أَوْ مُؤَبَّدَةً - كَالْوَصِيَّةِ - لِأَنَّ الرَّقَبَةَ أَصْلٌ، وَالْمَنْفَعَةَ فَرْعٌ، وَالْفَرْعُ يَتْبَعُ الْأَصْلَ.

(وَكَذَا مُسْتَوْلَدَةٌ وَكَلْبٌ مُعَلَّمٌ) أَوْ قَابِلٌ لِلتَّعْلِيمِ كَمَا بَحَثَهُ السُّبْكِيُّ (وَأَحَدُ عَبْدَيْهِ) لَا يَصِحُّ وَقْفُ وَاحِدٍ مِنْهُمْ (فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّ الْمُسْتَوْلَدَةَ آيِلَةٌ إلَى الْعِتْقِ وَلَيْسَتْ قَابِلَةً لِلنَّقْلِ إلَى الْغَيْرِ، وَبِهَذَا فَارَقَتْ صِحَّةُ وَقْفِ الْمُعَلَّقِ عِتْقُهُ بِصِفَةٍ، وَالْكَلْبُ غَيْرُ مَمْلُوكٍ وَأَحَدُ الْعَبْدَيْنِ مُبْهَمٌ. وَالثَّانِي يَصِحُّ فِي أُمِّ الْوَلَدِ قِيَاسًا عَلَى صِحَّةِ إجَارَتِهَا، وَفِي الْكَلْبِ كَذَلِكَ عَلَى رَأْيٍ، وَفِي أَحَدِ الْعَبْدَيْنِ قِيَاسًا عَلَى عِتْقِهِ، وَفَرَّقَ الْأَوَّلَ بِأَنَّ الْعِتْقَ أُنْفِذَ بِدَلِيلِ سَرَايَتِهِ وَتَعْلِيقِهِ. أَمَّا غَيْرُ الْمُعَلَّمِ وَالْقَابِلُ لِلتَّعْلِيمِ فَلَا يَصِحُّ وَقْفُهُ جَزْمًا.

تَنْبِيهٌ: وَقَفَ بِنَاءً أَوْ غَرْسًا فِي أَرْضٍ مُسْتَأْجَرَةٍ لَهُمَا أَوْ مُسْتَعَارَةٍ كَذَلِكَ أَوْ مُوصًى لَهُ بِمَنْفَعَتِهَا (وَلَوْ وَقَفَ بِنَاءً أَوْ غَرْسًا فِي أَرْضٍ مُسْتَأْجَرَةٍ لَهُمَا) أَوْ مُسْتَعَارَةٍ كَذَلِكَ، أَوْ مُوصًى لَهُ بِمَنْفَعَتِهَا (فَالْأَصَحُّ جَوَازُهُ) سَوَاءٌ أَكَانَ الْوَقْفُ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ أَمْ بَعْدَهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ الصَّلَاحِ، أَوْ بَعْدَ رُجُوعِ الْمُعِيرِ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا مَمْلُوكٌ يُمْكِنُ الِانْتِفَاعُ بِهِ فِي الْجُمْلَةِ مَعَ بَقَاءِ عَيْنِهِ، وَيَكْفِي دَوَامُهُ إلَى الْقَلْعِ بَعْدَ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ أَوْ رُجُوعِ الْمُعِيرِ.

وَالثَّانِي: الْمَنْعُ؛ لِأَنَّهُ مُعَرَّضٌ لِلْقَلْعِ فَكَأَنَّهُ وَقَفَ مَا لَا يُنْتَفَعُ بِهِ.

تَنْبِيهٌ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَوْ غَرَسَ أَوْ بَنَى بَعْدَ انْقِضَاءِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ أَوْ رُجُوعِ الْمُعِيرِ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ وَقْفُهُ وَهُوَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَوْضُوعٍ بِحَقٍّ وَلِذَا قَالَ شَيْخُنَا فِي مَنْهَجِهِ: وَبِنَاءٌ وَغِرَاسٌ وُضِعَا بِأَرْضٍ بِحَقٍّ اهـ.

وَلَوْ قَلَعَ الْبِنَاءَ بَعْدَ انْقِضَاءِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ أَوْ رُجُوعِ الْمُعِيرِ بَقِيَ وَقْفًا كَمَا كَانَ إنْ نَفَعَ، فَإِنْ لَمْ يَنْفَعْ فَهَلْ يَصِيرُ مِلْكًا لِلْوَاقِفِ أَوْ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ؟ وَجْهَانِ: قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَالصَّحِيحُ غَيْرُهُمَا وَهُوَ شِرَاءُ عَقَارٍ أَوْ جُزْءٍ مِنْ عَقَارٍ، وَيُقَاسُ بِالْبِنَاءِ فِي ذَلِكَ الْغِرَاسِ. وَقَالَ السُّبْكِيُّ: الْوَجْهَانِ بَعِيدَانِ، وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ: الْوَقْفُ بَاقٍ بِحَالِهِ وَإِنْ كَانَ لَا يُنْتَفَعُ بِهِ، لِأَنَّا لَوْ جَعَلْنَاهُ مِلْكًا لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ أَوْ لِلْوَاقِفِ لَجَازَ بَيْعُهُ وَبَيْعُ الْوَقْفِ مُمْتَنِعٌ اهـ.

وَكَلَامُ الْإِسْنَوِيِّ هُوَ الظَّاهِرُ إنْ كَانَ الْغِرَاسُ مَا بَقِيَ يَصْلُحُ إلَّا لِلْإِحْرَاقِ وَصَارَتْ آلَةُ الْبِنَاءِ لَا تَصْلُحُ لَهُ وَإِلَّا فَكَلَامُ السُّبْكِيّ وَأَرْشُ النَّقْصِ الْحَاصِلِ بِقَطْعِ الْمَوْقُوفِ يَسْلُكُ بِهِ مَسْلَكَهُ فَيَشْتَرِي بِهِ شَيْئًا وَيُوقَفُ عَلَى تِلْكَ الْجِهَةِ.

فَرْعٌ لَوْ شَرَطَ الْوَاقِفُ صَرْفَ أُجْرَةِ الْأَرْضِ الْمُسْتَأْجَرَةِ مِنْ رِيعِ الْمَوْقُوفِ هَلْ يَصِحُّ الْوَقْفُ أَوْ لَا؟ قِيلَ: لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّ الْأُجْرَةَ دَيْنٌ فِي ذِمَّتِهِ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ وَقَفَ عَلَى قَضَاءِ دَيْنِهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>