فَإِنْ وَقَفَ عَلَى مُعَيَّنٍ وَاحِدٍ أَوْ جَمْعٍ اُشْتُرِطَ إمْكَانُ تَمْلِيكِهِ فَلَا يَصِحُّ عَلَى جَنِينٍ
وَلَا عَلَى الْعَبْدِ لِنَفْسِهِ، فَلَوْ أَطْلَقَ الْوَقْفَ عَلَيْهِ فَهُوَ وَقْفٌ عَلَى سَيِّدِهِ.
ــ
[مغني المحتاج]
وَقَالَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ: الظَّاهِرُ الصِّحَّةُ، وَوَقْفُ الْبِنَاءِ لَا يَمْنَعُ وُجُوبَ أُجْرَةِ الْقَرَارِ، فَإِذَا شَرَطَ صَرْفَ الْأُجْرَةِ مِنْ رِيعِهِ فَقَدْ شَرَطَ مَا يُوَافِقُ مُقْتَضَى الْعَقْدِ وَلَا يُنَافِيهِ شَرْعًا. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَقَدْ صَرَّحَ ابْنُ الْأُسْتَاذِ بِأَنَّ الْأُجْرَةَ مِنْ رِيعِ الْوَقْفِ إنْ شَرَطَ الْوَاقِفُ ذَلِكَ أَوْ سَكَتَ عَنْهُ اهـ.
وَمَا بَحَثَهُ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ وَقَالَهُ ابْنُ الْأُسْتَاذِ غَيْرُ الصُّورَةِ الْمُخْتَلَفِ فِيهَا؛ لِأَنَّ تِلْكَ فِي إجَارَةٍ اسْتَأْجَرَهَا الْوَاقِفُ قَبْلَ الْوَقْفِ، وَلَزِمَتْ الْأُجْرَةُ ذِمَّتَهُ: وَمَا قَالَاهُ فِي أُجْرَةِ الْمِثْلِ إذَا بَقِيَ الْمَوْقُوفُ بِهَا، وَاَلَّذِي يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى إنَّهُ إنْ شَرَطَ أَنْ يُوَفِّيَ مِنْهُ مَا مَضَى مِنْ الْأُجْرَةِ فَالْبُطْلَانُ أَوْ الْمُسْتَقْبَلُ فَالصِّحَّةُ، وَكَذَا إنْ أَطْلَقَ وَيُحْمَلُ عَلَى الْمُسْتَقْبَلِ. فَإِنْ قِيلَ: الْأُجْرَةُ لَازِمَةٌ لِذِمَّتِهِ عَلَى حَالٍ قَبْلَ الْوَقْفِ. أُجِيبَ بِأَنَّهَا إنَّمَا تَسْتَقِرُّ شَيْئًا فَشَيْئًا بِحَسَبِ مَا يَمْضِي مِنْ الزَّمَانِ.
تَنْبِيهٌ قَوْلُهُ: لَهُمَا أَيْ لِلْبِنَاءِ وَالْغِرَاسِ.
ثُمَّ شَرَعَ فِي رُكْنِ الثَّالِثِ وَهُوَ عَلَى قِسْمَيْنِ: مُعَيَّنٍ وَغَيْرِهِ، وَقَدْ بَدَأَ بِالْقِسْمِ الْأَوَّلِ فَقَالَ: (فَإِنْ وَقَفَ عَلَى مُعَيَّنٍ) مِنْ (وَاحِدٍ) أَوْ اثْنَيْنِ (أَوْ جَمْعٍ اُشْتُرِطَ إمْكَانُ تَمْلِيكِهِ) فِي حَالِ الْوَقْفِ عَلَيْهِ بِوُجُودِهِ فِي الْخَارِجِ، فَلَا يَصِحُّ الْوَقْفُ عَلَى وَلَدِهِ وَهُوَ لَا وَلَدَ لَهُ، وَلَا عَلَى فَقِيرِ أَوْلَادِهِ وَلَا فَقِيرَ فِيهِمْ، فَإِنْ كَانَ فِيهِمْ فَقِيرٌ وَغَنِيٌّ صَحَّ، وَيُعْطِي مِنْهُ أَيْضًا مَنْ افْتَقَرَ بَعْدُ كَمَا قَالَهُ الْبَغَوِيّ، وَبِكَوْنِهِ أَهْلًا لِتَمَلُّكِ الْمَوْقُوفِ، (فَلَا يَصِحُّ) الْوَقْفُ (عَلَى جَنِينٍ) لِعَدَمِ صِحَّةِ تَمَلُّكِهِ وَسَوَاءٌ أَكَانَ مَقْصُودًا أَمْ تَابِعًا حَتَّى لَوْ كَانَ لَهُ أَوْلَادٌ وَلَهُ جَنِينٌ عِنْدَ الْوَقْفِ لَمْ يَدْخُلْ، نَعَمْ إنْ انْفَصَلَ دَخَلَ مَعَهُمْ، إلَّا أَنْ يَكُونَ الْوَاقِفُ قَدْ سَمَّى الْمَوْجُودِينَ أَوَذَكَرَ عَدَدَهُمْ فَلَا يَدْخُلُ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ.
تَنْبِيهٌ قَدْ عُلِمَ مِمَّا ذُكِرَ أَنَّ الْوَقْفَ عَلَى الْمَيِّتِ لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ وَبِهِ صَرَّحَ الْجُرْجَانِيِّ، وَلَا عَلَى أَحَدِ هَذَيْنِ الشَّخْصَيْنِ لِعَدَمِ تَعْيِينِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ
(وَلَا) يَصِحُّ (عَلَى الْعَبْدِ لِنَفْسِهِ) أَيْ نَفْسِ الْعَبْدِ سَوَاءٌ أَكَانَ لَهُ أَمْ لِغَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ أَهْلًا لِلْمِلْكِ (فَلَوْ أَطْلَقَ الْوَقْفَ عَلَيْهِ) فَإِنْ كَانَ لَهُ لَمْ يَصِحَّ؛ لِأَنَّهُ يَقَعُ لِلْوَاقِفِ، وَإِنْ كَانَ لِغَيْرِهِ (فَهُوَ وَقْفٌ عَلَى سَيِّدِهِ) كَمَا فِي الْهِبَةِ وَالْوَصِيَّةِ وَالْمُدَبَّرِ وَأُمِّ الْوَلَدِ وَالْمُعَلَّقِ عِتْقَهُ بِصِفَةٍ، حُكْمُهُمْ كَذَلِكَ. وَأَمَّا الْمُكَاتَبُ فَإِنْ كَانَ مُكَاتَبَ نَفْسِهِ لَمْ يَصِحُّ الْوَقْفُ عَلَيْهِ كَمَا جَزَمَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ نَظِيرُ مَا فِي إعْطَاءِ الزَّكَاةِ لَهُ، أَوْ مُكَاتَبَ غَيْرِهِ صَحَّ كَمَا جَزَمَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ أَيْضًا وَجَرَى عَلَيْهِ ابْنُ الْمُقْرِي لِأَنَّهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute