أَوْ جِهَةٍ لَا تَظْهَرُ فِيهَا الْقُرْبَةُ كَالْأَغْنِيَاءِ صَحَّ فِي الْأَصَحِّ.
ــ
[مغني المحتاج]
بِخَرْجِهِ، وَلَوْ خَاطَ وَنَسَجَ أَحْيَانًا فِي غَيْرِ حَانُوتٍ أَوْ دَرَّسَ أَوْ وَعَظَ أَوْ كَانَ قَادِرًا عَلَى الْكَسْبِ أَوْ لَمْ يُلْبِسْهُ الْخِرْقَةَ شَيْخٌ فَلَا يَقْدَحُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ فِي كَوْنِهِ صُوفِيًّا بِخِلَافِ الثَّرْوَةِ الظَّاهِرَةِ، وَيَكْفِي فِيهِ مَعَ مَا مَرَّ التَّزَيِّي بِزِيِّهِمْ أَوْ الْمُخَالَطَةُ، وَفِي الْوَقْفِ عَلَى سَبِيلِ الْبِرِّ أَوْ الْخَيْرِ أَوْ الثَّوَابِ أَقْرِبَاءُ الْوَاقِفِ، فَإِنْ لَمْ يُوجَدُوا فَأَهْلُ الزَّكَاةِ غَيْرُ الْعَامِلِينَ وَالْمُؤَلَّفَةِ، وَفِي الْوَقْفِ عَلَى سَبِيلِ اللَّهِ: الْغُزَاةُ الَّذِينَ هُمْ أَهْلُ الزَّكَاةِ، فَإِنْ جَمَعَ بَيْنَ سَبِيلِ اللَّهِ وَسَبِيلِ الْبِرِّ وَسَبِيلِ الثَّوَابِ كَانَ ثُلُثٌ لِلْغُزَاةِ وَثُلُثٌ لِأَقَارِبِ الْوَاقِفِ وَثُلُثٌ لِأَصْنَافِ الزَّكَاةِ غَيْرِ الْعَامِلِ وَالْمُؤَلَّفَةِ.
(أَوْ) وَقَفَ عَلَى (جِهَةٍ لَا تَظْهَرُ فِيهَا الْقُرْبَةُ كَالْأَغْنِيَاءِ) وَأَهْلِ الذِّمَّةِ وَالْفَسَقَةِ (صَحَّ فِي الْأَصَحِّ) نَظَرًا إلَى أَنَّ الْوَقْفَ تَمْلِيكٌ. وَالثَّانِي: لَا، نَظَرًا إلَى ظُهُورِ قَصْدِ الْقُرْبَةِ. وَالثَّالِثُ: يَصِحُّ عَلَى الْأَغْنِيَاءِ وَيَبْطُلُ عَلَى أَهْلِ الذِّمَّةِ وَالْفَسَقَةِ، وَتَمْثِيلُ الْمُصَنِّفِ بِالْأَغْنِيَاءِ قَدْ يُرْشِدُ إلَيْهِ، وَاسْتَحْسَنَهُ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ بَعْدَ قَوْلِهِ الْأَشْبَهُ بِكَلَامِ الْأَكْثَرِينَ تَرْجِيحُ كَوْنِهِ تَمْلِيكًا فَيَصِحُّ الْوَقْفُ عَلَى هَؤُلَاءِ: يَعْنِي عَلَى الْأَغْنِيَاءِ وَأَهْلِ الذِّمَّةِ وَالْفُسَّاقِ، وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَلِذَلِكَ أَدْخَلْته فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ، وَمِمَّنْ صَرَّحَ بِصِحَّةِ الْوَقْفِ عَلَى الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى الْمَاوَرْدِيُّ فِي الْحَاوِي وَالصَّيْمَرِيُّ فِي شَرْحِ الْكِفَايَةِ، وَهُوَ الْمَذْكُورُ فِي الشَّامِلِ وَالْبَحْرِ وَالتَّتِمَّةِ لِأَنَّ الصَّدَقَةَ عَلَيْهِمْ جَائِزَةٌ.
تَنْبِيهٌ لَمْ يَتَعَرَّضُوا لِضَابِطِ الْغِنَى الَّذِي يُسْتَحَقُّ بِهِ الْوَقْفُ عَلَى الْأَغْنِيَاءِ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَالْأَشْبَهُ أَنَّ الْمَرْجِعَ فِيهِ إلَى الْعُرْفِ. وَقَالَ غَيْرُهُ: إنَّهُ مَنْ يَحْرُمُ عَلَيْهِ الصَّدَقَةُ: إمَّا لِمِلْكِهِ أَوْ لِقُوَّتِهِ وَكَسْبِهِ أَوْ كِفَايَتِهِ بِنَفَقَةِ غَيْرِهِ، وَهَذَا أَوْلَى، وَلَوْ وَقَفَ عَلَى الْأَغْنِيَاءِ وَادَّعَى شَخْصٌ أَنَّهُ غَنِيٌّ لَمْ يُقْبَلْ إلَّا بِبَيِّنَةٍ، بِخِلَافِ مَا لَوْ وَقَفَ عَلَى الْفُقَرَاءِ وَادَّعَى شَخْصٌ أَنَّهُ فَقِيرٌ وَلَمْ يُعْرَفْ لَهُ مَالٌ فَيُقْبَلُ بِلَا بَيِّنَةٍ نَظَرًا لِلْأَصْلِ فِيهِمَا، وَقَدْ عُلِمَ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الشَّرْطَ انْتِفَاءُ الْمَعْصِيَةِ لَا وُجُودُ ظُهُورِ الْقُرْبَةِ. فَإِنْ قِيلَ: قَدْ مَرَّ أَنَّ الْوَقْفَ عَلَى عَلَفِ الطُّيُورِ الْمُبَاحَةِ لَا يَصِحُّ وَلَا مَعْصِيَةَ فِيهِ بَلْ فِيهِ قُرْبَةٌ، فَقَدْ وَرَدَ فِي الْخَبَرِ «أَنَّ فِي كُلِّ كَبِدٍ حَرَّاءَ أَجْرًا» . .
أُجِيبَ بِأَنَّ بُطْلَانَ الْوَقْفِ لَيْسَ مِنْ هَذِهِ الْحَيْثِيَّةِ، بَلْ مِنْ حَيْثِيَّةِ كَوْنِهَا لَيْسَتْ أَهْلًا لِلْمِلْكِ كَمَا سَبَقَ، وَلَا يَصِحُّ الْوَقْفُ عَلَى تَزْوِيقِ الْمَسْجِدِ أَوْ نَقْشِهِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ هُنَا فِي آخِرِ الْبَابِ، وَلَا عَلَى عِمَارَةِ الْقُبُورِ؛ لِأَنَّ الْمَوْتَى صَائِرُونَ إلَى الْبِلَى فَلَا يَلِيقُ بِهِمْ الْعِمَارَةُ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَيَنْبَغِي اسْتِثْنَاءُ قُبُورِ الْأَنْبِيَاءِ وَالْعُلَمَاءِ وَالصَّالِحِينَ كَنَظِيرِهِ فِي الْوَصِيَّةِ. قَالَ صَاحِبُ الذَّخَائِرِ: وَيَنْبَغِي حَمْلُهُ عَلَى عِمَارَتِهَا بِبِنَاءِ الْقِبَابِ وَالْقَنَاطِرِ عَلَيْهَا عَلَى وَجْهٍ مَخْصُوصٍ، لَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute