وَقِيلَ كَقِسْمَةِ الْإِرْثِ.
ــ
[مغني المحتاج]
وَاعْدِلُوا بَيْنَ أَوْلَادِكُمْ " وَفِي لَفْظِ مُسْلِمٍ قَالَ " فَأَشْهِدْ عَلَى هَذَا غَيْرِي " وَفِي لَفْظٍ لِأَحْمَدَ " لَا تُشْهِدْنِي عَلَى جَوْرٍ إنَّ لِبَنِيكَ مِنْ الْحَقِّ أَنْ تَعْدِلَ بَيْنَهُمْ " وَلِئَلَّا يُفْضِيَ بِهِمْ الْأَمْرُ إلَى الْعُقُوقِ أَوْ التَّحَاسُدِ.
تَنْبِيهٌ قَضِيَّةُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ تَرْكَ هَذَا خِلَافُ الْأَوْلَى، وَالْمَجْزُومُ بِهِ فِي الرَّافِعِيِّ الْكَرَاهَةُ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، بَلْ قَالَ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ: إنَّ تَرْكَهُ حَرَامٌ، وَيُؤَيِّدُهُ رِوَايَةُ " لَا تُشْهِدْنِي عَلَى جَوْرٍ " وَأَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجِبُ، وَحَمَلُوا الْحَدِيثَ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ لِرِوَايَةِ «فَأَشْهِدْ عَلَى هَذَا غَيْرِي» ؛ وَلِأَنَّ الصِّدِّيقَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فَضَّلَ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - عَلَى غَيْرِهَا مِنْ أَوْلَادِهِ، وَفَضَّلَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - ابْنًا عَاصِمًا بِشَيْءٍ، وَفَضَّلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - بَعْضَ وَلَدِهِ عَلَى بَعْضٍ (وَقِيلَ: كَقِسْمَةِ الْإِرْثِ) فَيُضَعَّفُ حَظُّ الذَّكَرِ كَالْمِيرَاثِ كَمَا أَعْطَاهُمْ اللَّهُ تَعَالَى وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ.
وَأَجَابَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ الْوَارِثَ رَضِيَ بِمَا فَرَضَ اللَّهُ لَهُ بِخِلَافِ هَذَا، بَلْ قِيلَ: إنَّ الْأَوْلَى أَنْ تُفَضَّلَ الْأُنْثَى حَكَاهُ ابْنُ جَمَاعَةِ الْمَقْدِسِيِّ فِي شَرْحِ الْمِفْتَاحِ؛ وَلِأَنَّ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى إنَّمَا يَخْتَلِفَانِ فِي الْمِيرَاثِ بِالْعُصُوبَةِ. فَأَمَّا إذَا كَانَ بِالرَّحِمِ فَهُمَا سَوَاءٌ كَالْإِخْوَةِ وَالْأَخَوَاتِ مِنْ الْأُمِّ، وَلَوْ كَانَ فِي أَوْلَادِهِ خُنْثَى فَحُكْمُهُ حُكْمُ الذَّكَرِ لَا الْأُنْثَى حَتَّى يَجْرِيَ فِيهِ الْوَجْهَانِ قَالَهُ فِي الْمَجْمُوعِ فِي نَوَاقِضِ الْوُضُوءِ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَهُوَ خِلَافُ قِيَاسِ الْمِيرَاثِ مِنْ وَقْفِ الْمَشْكُوكِ فِيهِ.
تَنْبِيهٌ مَحَلُّ الْكَرَاهَةِ عِنْدَ الِاسْتِوَاءِ فِي الْحَاجَةِ أَوْ عَدَمِهَا وَإِلَّا فَلَا كَرَاهَةَ، وَعَلَى ذَلِكَ يُحْمَلُ تَفْضِيلُ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - فِيمَا مَرَّ، وَيُسْتَثْنَى الْعَاقُّ وَالْفَاسِقُ إذَا عُلِمَ أَنَّهُ يَصْرِفُهُ فِي الْمَعَاصِي فَلَا يُكْرَهُ حِرْمَانُهُ، وَيُسَنُّ أَيْضًا أَنْ يُسَوِّيَ الْوَلَدُ إذَا وَهَبَ لِوَالِدَيْهِ شَيْئًا، وَيُكْرَهُ لَهُ تَرْكُ التَّسْوِيَةِ كَمَا مَرَّ فِي الْأَوْلَادِ، فَإِنْ فَضَّلَ أَحَدَهُمَا فَالْأُمُّ أَوْلَى لِخَبَرِ «إنَّ لَهَا ثُلُثَيْ الْبِرِّ» وَالْإِخْوَةُ وَنَحْوُهُمْ لَا يَجْرِي فِيهِمْ هَذَا الْحُكْمُ، وَلَا شَكَّ أَنَّ التَّسْوِيَةَ بَيْنَهُمْ مَطْلُوبَةٌ لَكِنْ دُونَ طَلَبِهَا فِي الْأُصُولِ وَالْفُرُوعِ. رَوَى الْبَيْهَقِيُّ فِي الشُّعَبِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute