للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَلَوْ مَاتَ أَحَدُهُمَا بَيْنَ الْهِبَةِ وَالْقَبْضِ قَامَ وَارِثُهُ مَقَامَهُ، وَقِيلَ يَنْفَسِخُ الْعَقْدُ.

وَيُسَنُّ لِلْوَالِدِ الْعَدْلُ فِي عَطِيَّةِ أَوْلَادِهِ بِأَنْ يُسَوِّيَ بَيْنَ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى

ــ

[مغني المحتاج]

قَبْلَ قَبْضِهِ لِلْوَاهِبِ لِبَقَائِهِ عَنْ مِلْكِهِ وَقَبْضُ الْمُشَاعِ بِقَبْضِ الْجَمِيعِ مَنْقُولًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ، فَإِنْ كَانَ مَنْقُولًا وَمَنَعَ مِنْ الْقَبْضِ شَرِيكَهُ وَوَكَّلَهُ الْمَوْهُوبُ لَهُ فِي قَبْضِ نَصِيبِهِ صَحَّ، فَإِنْ لَمْ يُوَكِّلْهُ الْمَوْهُوبُ لَهُ قَبَضَ لَهُ الْحَاكِمُ وَيَكُونُ فِي يَدِهِ لَهُمَا، وَيَصِحُّ بَيْعُ الْوَاهِبِ لِلْمَوْهُوبِ قَبْلَ قَبْضِهِ وَإِنْ ظَنَّ لُزُومَ الْهِبَةِ بِالْعَقْدِ، وَلَيْسَ الْإِقْرَارُ بِالْهِبَةِ وَلَوْ مَعَ الْمِلْكِ إقْرَارًا بِقَبْضِ الْمَوْهُوبِ لِجَوَازِ أَنْ يَعْتَقِدَ لُزُومَهَا بِالْعَقْدِ، وَالْإِقْرَارُ يُحْمَلُ عَلَى الْيَقِينِ إلَّا إنْ قَالَ: وَهَبْته لَهُ وَخَرَجْت مِنْهُ إلَيْهِ وَكَانَ فِي يَدِ الْمُتَّهَبِ وَإِلَّا فَلَا، وَقَوْلُهُ: وَهَبْته وَأَقْبَضْته لَهُ إقْرَارٌ بِالْهِبَةِ وَالْقَبْضِ، وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي الْإِذْنِ فِي الْقَبْضِ صُدِّقَ الْوَاهِبُ، فَإِنْ اتَّفَقَا عَلَيْهِ وَقَالَ الْوَاهِبُ: رَجَعْت قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَهُ وَقَالَ الْمُتَّهَبُ: بَلْ بَعْدَهُ صُدِّقَ الْمُتَّهَبُ بِيَمِينِهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ وَلَوْ أَقَبَضَهُ، وَقَالَ قَصَدْت بِهِ الْإِيدَاعَ أَوْ الْعَارِيَّةَ وَأَنْكَرَ الْمُتَّهَبُ صُدِّقَ الْوَاهِبُ كَمَا فِي الِاسْتِقْصَاءِ.

(فَلَوْ مَاتَ أَحَدُهُمَا) أَيْ الْوَاهِبُ أَوْ الْمَوْهُوبُ لَهُ (بَيْنَ الْهِبَةِ وَالْقَبْضِ) لَمْ يَنْفَسِخْ الْعَقْدُ، وَ (قَامَ وَارِثُهُ مَقَامَهُ) أَيْ وَارِثُ الْوَاهِبِ فِي الْإِقْبَاضِ وَالْإِذْنِ فِي الْقَبْضِ وَوَارِثُ الْمُتَّهَبِ فِي الْقَبْضِ (وَقِيلَ: يَنْفَسِخُ الْعَقْدُ) لِجَوَازِهِ كَالْوَكَالَةِ.

وَأَجَابَ الْأَوَّلُ: بِأَنَّهَا تُؤَوَّلُ إلَى اللُّزُومِ فَلَمْ يَنْفَسِخْ بِالْمَوْتِ كَالْبَيْعِ الْجَائِزِ بِخِلَافِ الْوَكَالَةِ، وَيَجْرِي الْخِلَافُ فِي الْجُنُونِ وَالْإِغْمَاءِ وَيَقْبِضَانِ إذَا أَفَاقَا، وَلِوَلِيِّ الْمَجْنُونِ قَبْضُهَا قَبْلَ الْإِفَاقَةِ.

فَرْعٌ لَوْ رَجَعَ الْوَاهِبُ الشَّامِلُ لِلْمُهْدِي وَالْمُتَصَدِّقُ أَوْ وَارِثُهُ فِي الْإِذْنِ فِي الْقَبْضِ أَوْ مَاتَ هُوَ أَوْ الْمُتَّهَبُ قَبْلَ الْقَبْضِ فِيهِمَا بَطَلَ الْإِذْنُ فَلَيْسَ لِلرَّسُولِ إيصَالُ الْهِبَةِ إلَى الْمُتَّهَبِ أَوْ وَارِثِهِ إلَّا بِإِذْنٍ جَدِيدٍ. وَيَنْبَغِي كَمَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ أَنْ يَكُونَ جُنُونُ الْوَاهِبِ وَإِغْمَاؤُهُ وَالْحَجْرُ عَلَيْهِ كَذَلِكَ.

(وَيُسَنُّ لِلْوَالِدِ) وَإِنْ عَلَا (الْعَدْلُ فِي عَطِيَّةِ أَوْلَادِهِ بِأَنْ يُسَوِّيَ بَيْنَ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى) ، لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ عَنْ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - أَنَّهُ قَالَ: «وَهَبَنِي أَبِي هِبَةً فَقَالَتْ أُمِّي عَمْرَةُ بِنْتُ رَوَاحَةَ: لَا أَرْضَى حَتَّى تُشْهِدَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَتَى رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّ أُمَّ هَذَا أَعْجَبَهَا أَنْ أُشْهِدَكَ عَلَى الَّذِي وَهَبْتُ لِابْنِهَا، فَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: يَا بَشِيرُ أَلَكَ وَلَدٌ سِوَى هَذَا؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: كُلَّهُمْ وَهَبْتَ لَهُ مِثْلَ هَذَا؟ قَالَ: لَا، قَالَ: فَارْجِعْهُ» وَفِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ " اتَّقُوا اللَّهَ

<<  <  ج: ص:  >  >>