وَصَارَ أَوْلَى بِتَرْبِيَتِهِ، وَإِنْ اسْتَلْحَقَهُ عَبْدٌ لَحِقَهُ، وَفِي قَوْلٍ يُشْتَرَطُ تَصْدِيقُ سَيِّدِهِ، وَإِنْ اسْتَلْحَقَتْهُ امْرَأَةٌ لَمْ يَلْحَقْهَا فِي الْأَصَحِّ.
ــ
[مغني المحتاج]
أَيْنَ هُوَ وَلَدُكَ؛ مِنْ أَمَتِكَ أَوْ زَوْجَتِكَ أَوْ شُبْهَةٍ؟ فَإِنَّهُ قَدْ يَتَوَهَّمُ أَنَّ الِالْتِقَاطَ يُفِيدُ النَّسَبَ بَلْ يَنْبَغِي كَمَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وُجُوبُهُ إذَا كَانَ الْمُسْتَلْحِقُ مِمَّنْ يَجْهَلُ ذَلِكَ احْتِيَاطًا لِلنَّسَبِ.
تَنْبِيهٌ قَوْلُهُ مُسْلِمٌ لَا مَفْهُومَ لَهُ، فَإِنَّ الْكَلَامَ فِي لَقِيطٍ مَحْكُومٍ بِإِسْلَامِهِ، وَقَدْ مَرَّ أَنَّهُ يَصِحُّ لِلْكَافِرِ حِينَئِذٍ اسْتِلْحَاقُهُ لَكِنْ لَا يَتْبَعُهُ فِي الْكُفْرِ. قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَلَوْ كَانَ لِلْمُسْتَلْحِقِ امْرَأَةٌ فَأَنْكَرَتْ أَنَّهُ ابْنُهَا لَمْ يَلْحَقْهَا (وَ) إذَا لَحِقَهُ (صَارَ أَوْلَى) أَيْ أَحَقَّ (بِتَرْبِيَتِهِ) مِنْ غَيْرِهِ بِمَعْنَى أَنَّهُ مُسْتَحِقٌّ لَهَا دُونَ غَيْرِهِ، كَقَوْلِهِمْ فُلَانٌ أَحَقُّ بِمَالِهِ: يَعْنِي أَنَّهُ لَا حَقَّ لِغَيْرِهِ فِيهِ، وَقَوْلُهُ: حُرٌّ لَا مَفْهُومَ لَهُ أَيْضًا كَمَا يُشِيرُ إلَيْهِ قَوْلُهُ (وَإِنْ اسْتَلْحَقَهُ) أَيْ اللَّقِيطَ (عَبْدٌ لَحِقَهُ) لِأَنَّهُ فِي النَّسَبِ كَالْحُرِّ لِإِمْكَانِ حُصُولِهِ مِنْهُ بِنِكَاحٍ أَوْ وَطْءِ شُبْهَةٍ، وَإِنَّمَا فَصَلَهُ الْمُصَنِّفُ عَنْ الْحُرِّ لِأَجْلِ قَوْلِهِ (وَفِي قَوْلٍ يُشْتَرَطُ) فِي لُحُوقِهِ بِهِ (تَصْدِيقُ سَيِّدِهِ) فِيهِ لِمَا فِيهِ مِنْ قَطْعِ الْإِرْثِ الْمُتَوَهَّمِ عَلَى تَقْدِيرِ عِتْقِهِ.
وَأَجَابَ الْأَوَّلُ بِأَنَّهُ لَا عِبْرَةَ بِهَذَا؛ لِأَنَّ مَنْ اسْتَلْحَقَ ابْنًا وَكَانَ لَهُ أَخٌ يُقْبَلُ اسْتِلْحَاقُهُ، وَإِذَا لَحِقَهُ بِتَصْدِيقٍ أَوْ بِغَيْرِهِ لَا يُسَلَّمُ إلَيْهِ لِعَجْزِهِ عَنْ نَفَقَتِهِ، إذْ لَا مَالَ لَهُ، وَعَنْ حَضَانَتِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَفَرَّغُ لَهَا فَيُقَرُّ فِي يَدِ الْمُلْتَقِطِ وَيُنْفَقُ عَلَيْهِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ، وَلَوْ أَقَرَّ عَبْدٌ بِأَخٍ أَوْ عَمٍّ لَمْ يَلْحَقْهُ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ فِي الْإِقْرَارِ خِلَافًا لِمَا جَرَى عَلَيْهِ ابْنُ الْمُقْرِي تَبَعًا لِظَاهِرِ كَلَامِ أَصْلِهِ؛ لِأَنَّهُ يَلْحَقُ النَّسَبُ بِغَيْرِهِ، وَشَرْطُهُ أَنْ يَصْدُرَ مِنْ وَارِثٍ حَائِزٍ. قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَلَعَلَّهُ يُتَصَوَّرُ فِيمَا إذَا كَانَ حَالَ مَوْتِ الْحُرِّ حُرًّا ثُمَّ اُسْتُرِقَّ لِكُفْرِهِ وَحِرَابَتِهِ، فَإِذَا أَقَرَّ بِهِ لَحِقَ الْمَيِّتَ اهـ.
وَهَذَا بَعِيدٌ لَا يُنْظَرُ إلَيْهِ إلَّا إنْ ثَبَتَ.
وَلَوْ اسْتَلْحَقَ حُرٌّ عَبْدَ غَيْرِهِ وَهُوَ بَالِغٌ عَاقِلٌ فَصَدَّقَهُ لَحِقَهُ، وَلَا عِبْرَةَ بِمَا فِيهِ مِنْ قَطْعِ الْإِرْثِ الْمُتَوَهَّمِ بِالْوَلَاءِ، وَإِنْ اسْتَلْحَقَهُ وَهُوَ صَغِيرٌ أَوْ مَجْنُونٌ لَمْ يَلْحَقْهُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ كَمَا مَرَّ فِي الْإِقْرَارِ (وَإِنْ اسْتَلْحَقَتْهُ امْرَأَةٌ) حُرَّةٌ (لَمْ يَلْحَقْهَا فِي الْأَصَحِّ) إلَّا بِبَيِّنَةٍ، وَإِنْ كَانَتْ خَلِيَّةً لِإِمْكَانِهَا إقَامَةَ الْبَيِّنَةِ بِالْوِلَادَةِ مِنْ طَرِيقِ الْمُشَاهَدَةِ بِخِلَافِ الرَّجُلِ، وَحَكَى ابْنُ الْمُنْذِرِ فِيهِ الْإِجْمَاعَ. وَالثَّانِي يَلْحَقُهَا؛ لِأَنَّهَا أَحَدُ الْأَبَوَيْنِ فَصَارَتْ كَالرَّجُلِ. وَالثَّالِثُ يَلْحَقُ الْخَلِيَّةَ دُونَ الْمُزَوَّجَةِ لِبُعْدِ الْإِلْحَاقِ بِهَا دُونَهُ، فَإِنْ أَقَامَتْ بَيِّنَةً عَلَى دَعْوَاهَا لَحِقَهَا وَكَذَا زَوْجُهَا إنْ شَهِدَتْ الْبَيِّنَةُ بِوَضْعِهِ عَلَى فِرَاشِهِ وَأَمْكَنَ الْعُلُوقُ مِنْهُ وَإِلَّا فَلَا يَلْحَقُهُ، وَلَوْ تَنَازَعَتْ امْرَأَتَانِ لَقِيطًا أَوْ مَجْهُولًا وَأَقَامَتَا بَيِّنَتَيْنِ تَعَارَضَتَا وَعُرِضَ مَعَهُمَا عَلَى الْقَائِفِ، فَلَوْ أَلْحَقَهُ بِإِحْدَاهُمَا لَحِقَهَا وَلَحِقَ زَوْجَهَا بِالشَّرْطِ الْمُتَقَدِّمِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ بَيِّنَةٌ لَمْ يُعْرَضْ عَلَى الْقَائِفِ لِمَا مَرَّ أَنَّ اسْتِلْحَاقَ الْمَرْأَةِ إنَّمَا يَصِحُّ مَعَ الْبَيِّنَةِ. وَاسْتِلْحَاقُ الْأَمَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute