للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَوْ اثْنَانِ لَمْ يُقَدَّمْ مُسْلِمٌ وَحُرٌّ عَلَى ذِمِّيٍّ وَعَبْدٍ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ بَيِّنَةٌ عُرِضَ عَلَى الْقَائِفِ فَيَلْحَقُ مَنْ أَلْحَقَهُ بِهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ قَائِفٌ أَوْ تَحَيَّرَ أَوْ نَفَاهُ عَنْهُمَا أَوْ أَلْحَقَهُ بِهِمَا أُمِرَ بِالِانْتِسَابِ بَعْدَ بُلُوغِهِ إلَى مَنْ يَمِيلُ طَبْعُهُ إلَيْهِ مِنْهُمَا،

ــ

[مغني المحتاج]

يَصِحُّ بِالْبَيِّنَةِ كَالْحُرَّةِ، لَكِنْ لَا يُحْكَمُ بِرِقِّ الْوَلَدِ لِمَوْلَاهَا بِاسْتِلْحَاقِهَا لِاحْتِمَالِ انْعِقَادِهِ حُرًّا بِوَطْءِ شُبْهَةٍ، وَيَصِحُّ اسْتِلْحَاقُ الْخُنْثَى عَلَى الْأَصَحِّ عِنْدَ الْقَاضِي أَبِي الْفَرَجِ الزَّازِ، وَيَثْبُتُ النَّسَبُ بِقَوْلِهِ لِأَنَّ النَّسَبَ يُحْتَاطُ لَهُ وَلَا يُحْتَاطُ عَلَيْهِ، فَإِنْ اتَّضَحَتْ ذُكُورَتُهُ بَعْدُ اسْتَمَرَّ الْحُكْمُ أَوْ أُنُوثَتُهُ فَخِلَافُ الْمَرْأَةِ.

(أَوْ) اسْتَلْحَقَ اللَّقِيطَ (اثْنَانِ) أَهْلَانِ لِلِالْتِقَاطِ بِأَنْ ادَّعَى كُلٌّ مِنْهُمَا نَسَبَهُ مِنْهُ (لَمْ يُقَدَّمْ) مِنْهُمَا (مُسْلِمٌ وَحُرٌّ عَلَى ذِمِّيٍّ) وَأَوْلَى مِنْهُ عَلَى كَافِرٍ (وَعَبْدٍ) بَلْ يَسْتَوِيَانِ فِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا لَوْ انْفَرَدَ كَانَ أَهْلًا لِذَلِكَ، فَلَا بُدَّ مِنْ مُرَجِّحٍ مِمَّا سَيَأْتِي (فَإِنْ لَمْ يَكُنْ) لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا (بَيِّنَةٌ) أَوْ كَانَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا بَيِّنَةٌ وَتَعَارَضَتَا كَمَا سَيَأْتِي (عُرِضَ) اللَّقِيطُ مَعَ الْمُدَّعِيَيْنِ (عَلَى الْقَائِفِ فَيَلْحَقُ مَنْ أَلْحَقَهُ بِهِ) لِأَنَّ فِي إلْحَاقِهِ أَثَرًا فِي الِانْتِسَابِ عِنْدَ الِاشْتِبَاهِ كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى آخِرَ الدَّعَاوَى، فَإِنْ كَانَ لِأَحَدِهِمَا بَيِّنَةٌ قُضِيَ بِهَا فَإِنَّهَا تُقَدَّمُ عَلَى إلْحَاقِ الْقَائِفِ (فَإِنْ لَمْ يَكُنْ قَائِفٌ) بِأَنْ لَمْ يُوجَدْ عَلَى دُونِ مَسَافَةِ الْقَصْرِ كَمَا ذَكَرَهُ الْمَاوَرْدِيُّ، وَحَكَاهُ الرَّافِعِيُّ فِي الْعِدَدِ عَنْ الرُّويَانِيِّ (أَوْ) كَانَ وَلَكِنْ (تَحَيَّرَ أَوْ نَفَاهُ عَنْهُمَا أَوْ أَلْحَقَهُ بِهِمَا) اُنْتُظِرَ بُلُوغُهُ وَ (أُمِرَ بِالِانْتِسَابِ بَعْدَ بُلُوغِهِ إلَى مَنْ يَمِيلُ طَبْعُهُ) الْجِبِلِّيُّ (إلَيْهِ مِنْهُمَا) فَلَا يَكْفِي فِيهِ مُجَرَّدُ التَّشَهِّي، فَمَنْ انْتَسَبَ إلَيْهِ مِنْهُمَا لَحِقَ بِهِ لِمَا رَوَى الْبَيْهَقِيُّ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ " أَنَّ رَجُلَيْنِ ادَّعَيَا رَجُلًا لَا يَدْرِي أَيُّهُمَا أَبُوهُ، فَقَالَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - اتْبَعْ أَيُّهُمَا شِئْتَ " وَلِأَنَّ طَبْعَ الْوَلَدِ يَمِيلُ إلَى وَالِدِهِ وَيَجِدُ بِهِ مَا لَا يَجِدُ بِغَيْرِهِ، فَلَا يَكْفِي انْتِسَابُهُ وَهُوَ صَبِيٌّ وَلَوْ مُمَيِّزًا بِخِلَافِهِ فِي الْحَضَانَةِ فَإِنَّهُ يُخَيَّرُ بَيْنَ أَبَوَيْهِ؛ لِأَنَّ اخْتِيَارَهُ فِيهَا لَا يَلْزَمُ، بَلْ لَهُ الرُّجُوعُ عَنْ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْأَقْوَالِ الْمُلْتَزَمَةِ بِخِلَافِ مَا هُنَا فَلَا يُقْبَلُ رُجُوعُهُ عَنْ انْتِسَابِهِ إلَى أَحَدِهِمَا وَيُنْفِقَانِ عَلَيْهِ مُدَّةَ الِانْتِظَارِ وَالْقَرَارُ عَلَى مَنْ لَحِقَهُ النَّسَبُ، لَكِنْ إنَّمَا يَرْجِعُ الْآخَرُ إذَا أَنْفَقَ بِإِذْنِ الْحَاكِمِ كَمَا قَيَّدَهُ الرَّافِعِيُّ فِي الْبَابِ الثَّانِي مِنْ الْعِدَدِ.

تَنْبِيهٌ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ أُمِرَ يَقْتَضِي جَبْرَهُ عَلَيْهِ، وَبِهِ صَرَّحَ الصَّيْمَرِيُّ وَزَادَ غَيْرُهُ فَإِنْ امْتَنَعَ حُبِسَ، هَذَا فِيمَنْ امْتَنَعَ عِنَادًا. أَمَّا مَنْ لَمْ يَمِلْ طَبْعُهُ إلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَيُوقَفُ الْأَمْرُ، فَإِنْ انْتَسَبَ إلَى غَيْرِهِمَا وَصَدَّقَهُ ثَبَتَ نَسَبُهُ مِنْهُ، وَإِذَا انْتَسَبَ إلَى أَحَدِهِمَا وَأَلْحَقَهُ الْقَائِفُ بِالْآخَرِ قُدِّمَ الْقَائِفُ؛ لِأَنَّهُ حُجَّةٌ أَوْ حُكْمٌ أَوْ أَلْحَقَهُ الْقَائِفُ بِأَحَدِهِمَا وَأَقَامَ الْآخَرُ بَيِّنَةً قُدِّمَتْ؛ لِأَنَّهَا حُجَّةٌ فِي كُلِّ خُصُومَةٍ، وَلَوْ كَانَا وَلَدَيْنِ فَانْتَسَبَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِوَاحِدٍ دَامَ الْإِشْكَالُ،

<<  <  ج: ص:  >  >>