للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَاَلَّذِي يَعُولُ مِنْهَا السِّتَّةُ إلَى سَبْعَةٍ كَزَوْجٍ وَأُخْتَيْنِ، وَإِلَى ثَمَانِيَةٍ كَهُمْ

ــ

[مغني المحتاج]

كَامِلِ الْآخَرِ فَاحْتَجْنَا إلَى مَخْرَجَيْنِ آخَرَيْنِ: أَحَدِهِمَا: اثْنَا عَشَرَ، وَهُوَ مَعَ التَّوَافُقِ تَرْكِيبُ الرُّبُعِ وَالسُّدُسِ، وَمَعَ التَّبَايُنِ تَرْكِيبُ الرُّبُعِ وَالثُّلُثِ أَوْ الثُّلُثَيْنِ لِأَنَّهُ أَقَلُّ عَدَدٍ لَهُ رُبُعٌ وَسُدُسٌ أَوْ رُبُعٌ وَثُلُثٌ أَوْ رُبُعٌ وَثُلُثَانِ.

وَالثَّانِي: أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ، وَهُوَ مَعَ التَّوَافُقِ تَرْكِيبُ الثُّمُنِ وَالسُّدُسِ، وَمَعَ التَّبَايُنِ تَرْكِيبُ الثُّمُنِ وَالثُّلُثَيْنِ لِأَنَّهُ أَقَلُّ عَدَدٍ لَهُ ثُمُنٌ وَسُدُسٌ وَثِنْتَانِ، وَلَا يُتَصَوَّرُ اجْتِمَاعُ الثُّمُنِ وَالثُّلُثِ فَظَهَرَ انْحِصَارُ الْمَخَارِجِ فِي السَّبْعَةِ الْمَذْكُورَةِ، وَزَادَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ عَلَيْهَا أَصْلَيْنِ آخَرَيْنِ فِي مَسَائِلِ الْجَدِّ وَالْإِخْوَةِ: ثَمَانِيَةَ عَشَرَ وَسِتَّةً وَثَلَاثِينَ، فَأَوَّلُهُمَا كَأُمٍّ وَجَدٍّ وَخَمْسَةِ إخْوَةٍ لِغَيْرِ أُمٍّ، وَإِنَّمَا كَانَتْ مِنْ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ لِأَنَّ أَقَلَّ عَدَدٍ لَهُ سُدُسٌ صَحِيحٌ وَثُلُثُ مَا يَبْقَى هُوَ هَذَا الْعَدَدُ، وَالثَّانِي: كَزَوْجَةٍ وَأُمٍّ وَجَدٍّ وَسَبْعَةِ إخْوَةٍ لِغَيْرِ أُمٍّ، وَإِنَّمَا كَانَتْ مِنْ سِتَّةٍ وَثَلَاثِينَ لِأَنَّ أَقَلَّ عَدَدٍ لَهُ رُبُعٌ وَسُدُسٌ صَحِيحَانِ وَثُلُثُ مَا يَبْقَى هُوَ هَذَا الْعَدَدُ، وَالْمُتَقَدِّمُونَ يَجْعَلُونَ ذَلِكَ تَصْحِيحًا وَاسْتَصْوَبَ الْإِمَامُ وَغَيْرُهُ طَرِيقَ الْمُتَأَخِّرِينَ. وَقَالَ فِي الرَّوْضَةِ: هُوَ الْمُخْتَارُ الْأَصَحُّ الْجَارِي عَلَى الْقَوَاعِدِ لِأَنَّهُ أَخْصَرُ، وَاحْتَجَّ لَهُ الْمُتَوَلِّي بِأَنَّهُمْ اتَّفَقُوا فِي زَوْجٍ وَأَبَوَيْنِ أَنْ تَكُونَ الْمَسْأَلَةُ مِنْ سِتَّةٍ، وَلَوْلَا إقَامَةُ الْفَرِيضَةِ مِنْ النِّصْفِ وَثُلُثِ مَا يَبْقَى لَقَالُوا: هِيَ مِنْ اثْنَيْنِ لِلزَّوْجِ وَاحِدٌ يَبْقَى وَاحِدٌ، وَلَيْسَ لَهُ ثُلُثٌ صَحِيحٌ فَيُضْرَبُ مَخْرَجُ الثُّلُثِ فِي اثْنَيْنِ فَتَصِيرُ سِتَّةً وَأَقَرَّهُ الْمُصَنِّفُ عَلَى هَذَا الِاحْتِجَاجِ، لَكِنْ قَالَ فِي الْمَطْلَبِ: إنَّهُ غَيْرُ سَالِمٍ مِنْ النِّزَاعِ فَإِنَّ جَمَاعَةً مِنْ الْفَرْضِيِّينَ ذَكَرُوا أَنَّ أَصْلَهَا مِنْ اثْنَيْنِ. اهـ.

وَعَلَى تَسْلِيمِ ذَلِكَ يُفَرَّقُ بِأَنَّ ثُلُثَ مَا يَبْقَى فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَرْضٌ أَصْلِيٌّ وَلَا كَذَلِكَ فِي حَقِّ الْجَدِّ، وَاعْتَذَرَ الْإِمَامُ عَنْ الْقُدَمَاءِ بِأَنَّهُمْ إنَّمَا لَمْ يَعُدُّوهُمَا مَعَ مَا سَبَقَ لِأَنَّ الْأُصُولَ مَوْضُوعَةٌ عَلَى الْمُقَدَّرَاتِ الْمَنْصُوصَةِ، وَهِيَ الْمُجْمَعُ عَلَيْهَا وَثُلُثُ مَا يَبْقَى مِنْ الْمَسْأَلَتَيْنِ لَيْسَ مَنْصُوصًا وَلَا مُتَّفَقًا عَلَيْهِ. قَالَ: وَالْأَمْرُ فِيهِ قَرِيبٌ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: طَرِيقَةُ الْقُدَمَاءِ أَصْلٌ، وَطَرِيقَةُ الْمُتَأَخِّرِينَ اسْتِحْسَانٌ.

تَنْبِيهٌ: لَمَّا كَانَ الِاثْنَا عَشَرَ وَالْأَرْبَعَةُ وَالْعِشْرُونَ زَائِدَيْنِ عَلَى الْأُصُولِ الْخَمْسَةِ السَّابِقَةِ حَسُنَ الْإِتْيَانُ بِالْفَاءِ فِي قَوْلِهِ: فَالْأُصُولُ.

ثُمَّ شَرَعَ فِي بَيَانِ مَا يَعُولُ مِنْ هَذِهِ الْأُصُولِ، فَقَالَ: (وَاَلَّذِي يَعُولُ مِنْهَا) ثَلَاثَةٌ (السِّتَّةُ) وَضِعْفُهَا وَضِعْفُ ضِعْفِهَا، فَالسِّتَّةُ تَعُولُ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ أَوْتَارًا وَأَشْفَاعًا (إلَى سَبْعَةٍ كَزَوْجٍ وَأُخْتَيْنِ) لِغَيْرِ أُمٍّ: لِلزَّوْجِ ثَلَاثَةٌ، وَلِكُلِّ أُخْتٍ اثْنَانِ فَعَالَتْ بِسُدُسِهِمَا، وَنَقَصَ لِكُلِّ وَاحِدٍ سُبُعُ مَا نُطِقَ لَهُ بِهِ.

قِيلَ: وَهِيَ أَوَّلُ فَرِيضَةٍ عَالَتْ فِي الْإِسْلَامِ فِي زَمَنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فَجَمَعَ الصَّحَابَةَ، وَقَالَ لَهُمْ: فَرَضَ اللَّهُ تَعَالَى لِلزَّوْجِ النِّصْفَ وَلِلْأُخْتَيْنِ الثُّلُثَيْنِ، فَإِنْ بَدَأْتُ بِالزَّوْجِ لَمْ يَبْقَ لِلْأُخْتَيْنِ حَقُّهُمَا، وَإِنْ بَدَأْتُ بِالْأُخْتَيْنِ لَمْ يَبْقَ لِلزَّوْجِ حَقُّهُ، فَأَشِيرُوا عَلَيَّ، فَأَشَارَ إلَيْهِ الْعَبَّاسُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - بِالْعَوْلِ، وَقَالَ: أَرَأَيْتَ لَوْ مَاتَ رَجُلٌ وَتَرَكَ سِتَّةَ دَرَاهِمَ وَلِرَجُلٍ عَلَيْهِ ثَلَاثَةٌ وَلِآخَرَ أَرْبَعَةٌ، أَلَيْسَ تَجْعَلُ الْمَالَ سَبْعَةَ أَجْزَاءٍ، فَقَالَ: نَعَمْ، فَقَالَ الْعَبَّاسُ: هُوَ ذَاكَ فَأَجْمَعَ الصَّحَابَةُ عَلَيْهِ (وَ) تَعُولُ السِّتَّةُ أَيْضًا (إلَى ثَمَانِيَةٍ كَهُمْ) أَيْ كَزَوْجٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>